لكل السوريين

قمة مدريد تثير مخاوف موسكو..وتغيير مريب لموقف أنقرة

وصفت قمة حلف شمال الأطلسي التي اختتمت أعمالها في العاصمة الإسبانية مدريد، بالتاريخية على خلفية إقرار الحلف وثيقة المفهوم الاستراتيجي الجديد التي تعتبر روسيا أكبر تهديد مباشر لدول الناتو، وأن الصين تشكل تحديا لمصالح الحلف.

وقال الأمين العام للحلف خلال مؤتمر صحفي إن قمة مدريد صادقت على تعزيز قدرات الحلف في دول الحد الشرقي ودعم أوكرانيا، واتخذت قرار انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو.

وكانت تركيا قد وافقت على ترشيح البلدين للانضمام إلى الحلف قبل ساعات من افتتاح القمة  خلال مفاوضات مع الدولتين أسفرت عن توقيع مذكرة تفاهم “حصلت فيها تركيا على ما أرادته منهما”، حسب بيان تركي رسمي.

وبعد التوقيع على المذكرة، أشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى أنه تم التغلب على أكبر أزمة أمنية في السنوات العشر الماضية، وقال إن “السويد وفنلندا مستعدتان للعمل مع تركيا بشأن تسليم الإرهابيين”، على حد تعبيره.

واعتبر البيت الأبيض أن “الضوء الأخضر التركي لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي يعطي دفعاً قوياً للوحدة الغربية”.

مخاوف موسكو

اعتبرت روسيا أن انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي “خطوة مزعزعة للاستقرار فيما يتعلق بالشؤون الدولية، ولا يضيف أمناً لمن يوسعونه ولا لمن ينضمون إليه”.

وكان الرئيس الروسي قد قال إنه يريد منع وصول الحلف إلى حدود روسيا من خلال غزوه لأوكرانيا، وقبل الغزو طالبت روسيا الناتو بالتعهد بعدم توسعة أراضيه لتصل إلى حدودها، وقالت إن أحد الأسباب الرئيسية لما أسماه الكرملين “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا هي التخلص من التهديد الذي يمثله توسع الناتو على الأمن القومي الروسي.

ويبدو أن السحر قد انقلب على الساحر، حيث سارت الأمور في الاتجاه المعاكس لما طالب الروس به.

وقد ينهي انضمام الدولتين للناتو أي احتمال لمغامرة روسية في دول البلطيق، خاصة أن جزيرة غوتلاند السويدية تقع على بعد 320 كم من كالينينغراد التي تضم مقر أسطول بحر البلطيق الروسي، وتمتلك السويد قوات بحرية قوية ومتطورة.

كما تقع شبه جزيرة كولا الروسية، حيث توجد غواصاتها النووية والبحرية القطبية الشمالية، على حدود فنلندا، بما قد يمكن هلسنكي من قطع القوات المتواجدة في شبه الجزيرة عن باقي المناطق الروسية.

تحذير إعلامي لأنقرة

حذر رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي، تركيا من “عواقب انضمام السويد وفنلندا” لحلف شمال الأطلسي.

وقي تحذير أشد للدولتين، قال في بيان نشره على حسابه بموقع تليغرام “يجب أن تعي السويد وفنلندا جيداً عواقب مثل هذه الخطوة على علاقاتهما مع روسيا، وعلى الهيكل الأمني العام في أوروبا، التي تعاني بالفعل من أزمة عميقة”.

ومع أن المراقبين يعتبرون موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا للناتو مخيبة للآمال بالنسبة لموسكو، يتوقع معظمهم أن تكون حذرة بشأن رد فعلها، ويستبعدون أن ترد روسيا رداً قاسياً على موقف أنقرة، لأنها لا تريد دفع تركيا إلى الابتعاد أكثر عنها، ولا تريد تصعيد استفزاز الناتو في هذه المرحلة.

ولا يبدو أن موافقة أنقرة على عضوية البلدين سيؤثر بشكل مباشر على علاقاتها مع موسكو، إذ تحولت روسيا من التهديد برد فعل إذا ما قبلت عضوية البلدين في الناتو، إلى التهديد بالرد في حال نشره منظومات عسكرية محددة على أراضيهما، واعتبار أن مجرد عضويتهما ليس بالضرورة تهديداً لها.

توقيت مريب

في البداية عارضت تركيا بشدة انضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسي، وقالت إنها تريد ضمانات بشأن توريدات أسلحة كانت قد حظرت عليها بسبب تدخلها في سوريا، وتحدثت عن وجود قيادات من “حزب العمال الكردستاني” في الدولتين.

وبعد موافقتها على انضمام البلدين، يخشى محللون سياسيون من أن تعني مذكرة التفاهم حصول أنقرة على ضوء أخضر لعملية جديدة في شمال سوريا لأن ذلك “سوف يخلق مشاكل جديدة للولايات المتحدة وروسيا وكل المنطقة”.

ومع أن البيت الأبيض قال إن تركيا لم تطلب أي ضمانات خاصة من الولايات المتحدة للموافقة على انضمام البلدين للحلف، إلّا أن ذلك لا يعني استبعاد هذا الاحتمال بالضرورة، وتذكر بعض  التقارير الإعلامية أنه لا يزال قائماً على الأرجح.

وربما ذهبت صحيفة “واشنطن بوست” بهذا الاتجاه عندما قالت “إن تركيا المقربة من روسيا بشأن العديد من القضايا الرئيسية، قد حصلت على بعض التنازلات للموافقة على انضمام البلدين للناتو”.