لكل السوريين

مذكرات صحافي متشائم

عديد من الصحفيين الأميين المتطفلين ممن باعوا ضمائرهم ووجدانهم، استطاعوا الضحك على الذقون، و(السلبطة) على عباد الله، وبطرق غير مشروعة، نتيجة تجاوزهم على كل الأعراف والقوانين المعمول بها بالإساءة إلى صاحبة الجلالة التي كانت وما تزال تحمل شرف القلم، وتدافع عن حقوق الناس، وتعبّر عن همومهم وآمالهم ومعاناتهم وتطلعاتهم.

إنَّ استغلال البعض من مدعي الصحافة، الأميين منهم على وجه التحقيق، ممن يراسلون الصحافة المحلية وغيرها، وألصقت بهم صفة الصحافي، أو المراسل الصحافي، لهذه المهنة أساؤوا إليها وأفرغوها، وللأسف من مضمونها، خاصةً أنّ هناك لفيفٌ منهم ليسَ له أيّ علاقة بالعمل الصحافي، بل همّ في واقع الحال عبارة عن أشخاص أميّون، متطفّلون، غير قادرون على (فكّ) الخطْ، ومنهم من يمتلك إمكانية الكتابة، وإنما بحدود ضيقة جداً، لا تتجاوز فيها معلوماته وآفاقه أرنبة أنفه، ويدفعهم ذلك إلى تناول المادة الصحفية المطروحة بصورة مترهّلة، بعيداً عن الواقع المعاش بكل تفاصيله، مشيراً في الوقت ذاته، إلى دلائل نرى بأن الشخص الساذج، البعيد عن هذا العمل، بحاجة لمفاهيم خاصة حتى يتمكن من استيعاب آفاقها..أما الصحافي المتمكن من بين هؤلاء، فهو يعرف كيف يحرّر المادة، ويصوغها بأسلوب صحافي، يُحاكي من خلالها القارئ، ويدخل إلى قلبه بأسلوبه السلس نتيجة تنوّع الموضوع، ودقّة المفاهيم، وسلامة الجمل، ومرونتها، ورصانتها، وفوق ذلك تمتّع الصحافي باللباقة والأمانة، بعيداً عن التعالي والاستنساخ، الذي نجده مكرّراً في أغلب المواد الصحافية المنشورة للمتطفلين منهم، الذين ليس لهم أي علاقة بهذا النوع من الفن الإنساني الراقي!

هؤلاء الصحفيون الذين بات يعرفهم، ولا شك القاصي والداني، وبصورة خاصة زملاء المهنة الذين أخذوا بيدهم وشجعوهم على المضي في هذا الطريق الشائك الذي هو في الواقع بعيد عن منهجهم، وما زالوا يُمارسون هذه المهنة تحت غطاءات متعددة، على الرغم من أميتهم القاتلة، وحشريتهم البغيضة، وتسلّطهم المتعفّن، وهم في واقع الحال لا يفقهون ألف باء الصحافة.. هذا العمل الذي أهم ما يتميز بالموضوعية والصدق، عنوانها الأبرز.

إنَّ حشريتهم وتدخلهم في شؤون لا علاقة لهم بها، دفعت بهم إلى مراجعة الدوائر الرسمية، والوقوف مع مدرائها الرسميين على معاناتها، وهذا ما يحاول الإعلام تسليط الضوء عليه في هذه الأيام عبر وسائله المختلفة دونما فائدة، وابتزاز مدراء الدوائر ما لذّ وطاب، وفي عزّ النهار، تحت بند من  (دهنه سقي له)، وما عليهم إلا أن ينصاعوا لهؤلاء الصحافيين الأميين، ليس خوفاً منهم وإنما حفاظاً على كراسيهم لا سيما أن الكثير من أمثال هؤلاء يتخبّطون في أعمالهم ويستغلون المكان الذي يشغلونه بسرقة ما لذّ وطاب، أو افساح المجال لمن يثقون بهم، بركوب تلك الطرق القصيرة لجهة املاء جيوبهم من أموال الدولة المنهوبة.

ما يزال هناك لفيفٌ من الصحفيين، يُمارس هذه المهنة بكل صفاقة، وفي عزّ النهار، بعيداً عن أي ضوابط أو أعراف أخرى تُوقف مسلسل كثير من التصرفات المثيرة للجدل، التي شجعت أمثال هؤلاء وغيرهم، وأثارت تساؤلات الكثير من المواطنين، الذين سبق لهم أن تعرضوا لابتزاز حقيقي من قبل هذه الفئة، ناهيك عن أصحاب الأعمال المهنية المختلفة، وتخليص معاملات ما أنزل الله بها من سلطان، ومازال الحبل على الغارب!!

وصور أخرى لصحفيين لا يملكون من هذا العمل سوى الاسم، والطرف الآخر القادر على اختراق الجدار، أي الصحافي المتمكن، ومنهم من يشغل رئيس قسم في صحيفة رسمية، هو وحده الذي يلتقي بالمسؤول الفلاني، زيد أو عمر من الناس، وما عليه سوى إرسال هذه المادة جاهزةً، لزميله المتنفّذ القابع في برجٍ عاجي، الذي يمتلك واسطة النشر، وهو في الواقع غير قادر أصلاً على امتلاك أدوات التعبير، وحتى صياغة جملة بسيطة، تُذيّل باسمه، وتكون المحصّلة الفائدة للاثنين معاً !!؟.

هذه صورة من صور الممارسات الفاضحة القاتلة، التي أصابت الصحافة السورية في الصميم، فضلاً عن تشجيع المتمرّسين من الصحفيين لأمثال هذه الحالات وتبنّيها، في الوقت الذي يُدْركون فيه قصور رؤية زملائهم الصحافيين الذين تُنشر بأسمائهم المواد التي سبق أن ساهموا بكتابتها، وهم عاجزون في الواقع الخوض في غمار صاحبة الجلالة، التي لا يعرف محبوها المهادنة أو التسويف أو النفاق وحتى الكذب، وبالرغم من ذلك، فهم يتغنّون بالمواد التي يرسلونها وتُزيّن ـ بالتالي ـ صفحات الصحف الداخلية، وقد يصل بهم الحال، إلى التهديد غير المباشر من صحفي جاهل، لمسؤول ما إن امتنع عن تلبية طلباته الشخصية، وهو لا يعرف على وجه التحقيق، الفعل الذي يقوم به، سيما أنه استطاع بصورة أو أخرى، أن يحتفظ لنفسه بهذه الترّهات الزائلة بالتأكيد !

بروز هذا الواقع المؤسي وظهوره إلى السطح، حيال هذه الظاهرة المتعفّنة، أظهرَ البعض من الصحفيّين على حقيقتهم المزيّفة، ووجودهم بهذا الكمْ، بحاجة إلى الترفّع عن هذا الأسلوب الماسخ، المبتذل، الذي أساء للصحافة الورقية والإلكترونية بصورة عامة.

هذا الحال، في حقيقة الأمر، أخذ أبعاداً أخرى، وبدا يُفجّر اليأس، ويرسم لصورة باهته، تُؤسّس لصحافة غير مرسومة المعالم في المستقبل!

بالتأكيد، هذا ما أدى إلى ترهّل السلطة الرابعة، التي يبقى لها وهجها ومكانتها وعشاقها وهواتها، بل وحتى محترفوها، وما أكثرهم!