لكل السوريين

واكب جيل الرواد، وصنع لنفسه تاريخا خاصة.. حسين الصالح تاريخ رياضة الرقة للألعاب الفردية

بقلم/ حسين هلال 

من القامات الرياضية من جيل الرواد الأوائل الذين تعبوا وضحوا كثيرا من أجل بناء اللبنات الأولى لرياضة الرقة، يستحقون منا على الدوام أن نستذكرهم ونقف بإجلال واحترام أمام أسمائهم، نظير ما قدموه لرياضة الرقة من جهد، اليوم سنتحدث عن شخصية استثنائية لن تتكرر في رياضة الرقة في المدى القريب على الأقل، لما تمتلكه من مزايا وخصال وإمكانيات جعلته معطاء ومنتجا ومؤثرا في كل الأماكن التي عمل بها.

والمقصود فيما سبق هو المرحوم المربي حسين الصالح الذي استطاع أن يختزل عدة شخصيات متفوقة في شخصية واحدة، وكل منها تحتاج لمساحات واسعه للتعريف بها.

والتحدث عنها لكن اختصارا لكل منها؛ سوف سنذكر بكل واحدة على عجالة، فهو البطل المتوج في رياضة كمال الأجسام ورفع الأثقال في الستينيات، وصاحب العضلات المفتولة والجسد الجميل، والحائز على عدة بطولات محلية وعربية.

وكان في تلك الفترة من الزمن يشكل ظاهرة متميزة برياضة الرقة، من خلال العروض الشيقة التي كان يقدمها في المناسبات، إلى جانب عدد من الأبطال في تلك الفترة.

ولم يغادر ميدان البطولات قط، بل تابعه كمدرب قدير اكتسب خبرة كبيرة من وراء ممارسته لتلك الألعاب، ووظفها لإعداد وتجهيز عدد كببر من الأبطال الذين تابع تدريباتهم بكل عناية، فنجحوا بفضل توجيهاته ومتابعته لكافة أمورهم من الوصول إلى منصات التتويج المحلية والعربية والدولية، وخاصة البطلان ثامر المحمد وجمال حمو اللذان حصلا على الكثير من الميداليات الذهبية التي ساهمت في تفوق سورية على كثير من الدول العربية والآسيوية برياضة رفع الأثقال.

وأذهل تفوق ثامر في البطولات القارية الكمبيوتر الياباني الذي أرسل وفدا لزيارة الرقة للاطلاع على المكان، والبرنامج الذي كان يطبقه ثامر ومدربه، فزادت دهشتهم عندما رأوا تواضع المكان وبساطة التجهيزات وقلة التكاليف، لذلك قدروا باعتزاز وانبهار جهد، وخبرة المدرب القدير حسين الصالح، التي كان لها الدور الأكبر في تحقيق تلك الإنجازات والانتصارات التي حققها البطلان ثامر المحمد وجمال حمو.

وتكملة لمتابعة الحديث عن مسيرة هذا الرجل المتميزة؛ سنتطرق إلى تجربته القيادية سواء بفرع الاتحاد الرياضي بالرقة أو باتحادات ألعاب رفع الأثقال وكمال الأجسام، ولفترات طويلة كان خلالها نموذجا متميزا من العطاء والتواجد والالتزام بالمشاركة بالتدريب والتحكيم، وترأس البعثات الرياضية لهذه الألعاب إلى خارج القطر.

ثم ننتقل إلى الجانب الإعلامي الذي برز فيه أيضا بشكل واضح، من خلال كتابته في الصحف والمجلات الرياضية في العاصمة دمشق، حيث برز كناقد وصاحب آراء صائبة وطروحات جريئة كانت تثير ردود أفعال واسعة لصدقها وإشاراتها الصحيحة إلى مكامن الخلل في جميع المفاصل الرياضية.

كما برز في المؤتمرات الرياضية، فكان خطيبا مفوها ينتظر الجميع مداخلاته الجريئة ويحترم الكثيرين طروحاته لمنطقيتها ومقارباتها للواقع الرياضي.

وفي الجانب الإعلامي يسجل له إنه الوحيد من بين كل من عمل في هذا المجال برياضة الرقة أن يهتم بتأليف الكتب الرياضية ويؤرشف لرياضة المحافظة منذ بداية انطلاقتها.

وقد نجح في تأليف عدة كتب منها تعليمية وتدريبية وطبية تتعلق بألعاب الأثقال واﻷجسام وعلم التدريب، وبعضها تضمن تاريخ كافة الألعاب الرياضية بالرقة، وأبرز ممارسيها ونجومها، وهي فعلا كتب قيمة، وتعتبر مرجعا مهما لكل من يريد أن يتعرف على ماضي رياضة الرقة.

وقد تعذب كثيرا في هذا المجال، لأنه كان فقيرا وحالته الصحية لم تكن بالشكل المطلوب، لكن رغبته في إنجاز مشروعه الإعلامي دفعه إلى تحمل الكثير من الديون وتقديم كثير من التضحيات في سبيل ظهورها، لدرجة إنه لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يتابع مراحل إصدار كتابه الأخير في إحدى المطابع في محافظة حلب.

ومن خلال عملنا الاعلامي كانت تربطني علاقة وثيقة بالمرحوم حسين الصالح، حيث كنا نقضي الساعات الطوال معه بشكل مستمر، وكانت جلساته غنية بالفائدة والمتعة، واكتسبنا منه الكثير من المعلومات التي تتعلق بظروف وبدايات كل لعبة ومعلومات كاملة عن كل من عمل برياضة الرقة، وكل الحوادث المؤثرة التي جرت خلال الفترة الماضية، فهو يمتلك ذاكرة قوية وأسلوب جميل في سرد الحقائق والوقائع وصدق في تقديم المعلومة.

باختصار، لقد كان موسوعة رياضية متجددة على مر العصور، ورغم اعتلاء صحته إلا إن عطائه لم يتوقف في الميدان الرياضي، حيث تابع إشرافه على تدريب الأبطال وإعدادهم في النادي الذي أسسه منذ الستينات، وكان له الفضل في إبراز وتخريج عدد كببر من الأبطال على مستوى القطر.

وأختم كلامي بالقول عن هذا الرجل بأنه “كان متميزا وقياديا بارعا ومدربا قديرا وقد ترك آثارا طيبه وذكريات جميلة في كل المواقع التي عمل فيها”.