لكل السوريين

ترميم سوق الحبال يفتح المجال أمام عودة حرفيي هذه المهنة

حلب/ خالد الحسين 

يقع سوق الحبال، خلف الجامع الأموي من الجهة الجنوبية ويبدأ من آخر سوق الحدادين، حيث ينحرف نحو طرف اليسار، وينتهي عند الجامع الكبير جهة الغرب.

يعد من أضيق الأسواق في المدينة القديمة، بسبب توسعة الجهة الجنوبية للجامع، ولا يوجد داخله أي تفرع سوى تفرع واحد طرف اليمين متجه نحو سوق الحور.

يحوي هذا السوق على حوالي (٦٥) محلاً تجارياً موزعاً على كلا الطرفين.

سمي بسوق الحبال لأن المهنة الموجودة فيه هي صناعة الحبال، التي كان يستعملها البدو وسكان الريف في أمور حياتهم، كسحب المياه من الآبار، وربط الخيم، وربط المواشي، وكانوا يربطون كذلك حمولاتهم التي يحملونها على الجمال والأحصنة أثناء نقل بضائعهم.

لذلك تعتبر تجارة الحبال آنذاك تجارة رابحة، ومع مرور الزمن قل الطلب عليها، لاستبدال حبال القنب والكتان والليف والجنفاص، بحبال النايلون، فاضطر بعض التجار، لتغيير مهنتهم القديمة، واستبدالها بغيرها، كتجارة الألبسة والأقمشة، وتجارة أكياس الحمام والليف.

وعن مهنة تصنيع الحبال حدثنا العم ‘أبو مثنى ‘عن مهنته التي توارثها أباً عن جد قائلاً: “كانت تصنّع الحبال قديماً ضمن ورش، أو ما يعرف بالمغر أي المغارة، لأن صناعته تتطلب المكان الواسع”.

وأضاف: “تصنع الحبال من خيط القنب الشامي، نحضره من دمشق، ثم نفرّعه ونمشّطه، ثم نغزله على دولاب يدوي، هو عبارة عن خشبة مبرومة طولها مترين وعليها ستة بكرات، وفي نهاية تلك الخشبة يوجد طارة قطرها (٨٠) سم نعلق عليها الحبل ثم نضعه على خصرنا ونشدّه، فتدور الطارة الكبيرة من ثم تدور الستة بكرات التي نغزل عليها الحبل بطول (٥٠) م ، نعلقه في نهاية البلغة ، وثم نأتي ب (٥٠) م آخر، نطبقهم على بعض ونبرمهم، وفي آخر اليوم نقوم بلم تلك الحبال ونأخذها إلى (المسِّيح) ليقوم بمسحها إن كان عالق بها أي وبر، فتصبح بذلك ملساء وجاهزة للبيع، فنطرحها في سوق الحبال ونبيعها”.

يستخدم بائع الحلو الحبال، كما تستخدم (للتخييش)، أي ربط فم الكيس، وتستخدم كذلك لبيوت الشعر، التي يستخدمها البدو لسحب ماء الجب، وحزم البضائع.. الخ.

كنا نُصدّر بضائعنا من الحبال إلى المنطقة الشرقية من سورية والساحل أيضاً.

وأكمل: “هي مهنة متعبة نوعا ما، فقد كانت تتسبب للبعض منا بجروح باليد، كون أن القنب مليء بالقش الشائك، ومع ذلك استمريت في مهنتي تلك إلى أن تحوّلت صناعة الحبال إلى حبال بلاستيكية”.

فحوّلتُ مهنتي إلى صناعة المرجوحة المصنعة من القطن والحرير على نايلون، وتستخدم تلك المرجوحة لنوم الكبار والصغار، كما أدخلت صناعة (المكرمة)، أي مكرمة الزرع، وكذلك (ليف الليف) و (شبك مرمى الطابة)، ثم أدخلت صناعة الشَّبر.

بعد انتهاء الأحداث الدّامية في مدينة حلب عُدت إلى محلي، لكن معظم تجار هذا السوق لم يعودوا بسبب الدمار الحاصل فيه بنسبة كبيرة، وعدم توفر الماء ولا الكهرباء ولا الهاتف.

ونرجو أن يكون الترميم الحاصل في هذه الآونة كافياً من أجل عودة الحركة التجارية والحرفية إلى السوق”.

وأضاف “إن تواجدي ضمن هذا السوق هو تواجد معنوي أكثر من كونه مادي، محاولةً مني مصافحة الأمل، وطي سنوات سوداء أذاقنا الإرهابيون خلالها طعم المّر “.

واختتم حديثه: “اناشد جميع التجار والحرفيين المتواجدين في حلب وخارجها للعودة إلى السوق بعد ترميمه”.

هذا وتستمر دائرة الآثار والمتاحف بترميم الأسواق والأماكن التاريخية ولكن قلة الدعم المادي يحول دون دوران عجلة الترميم بشكل سريع.