لكل السوريين

‏السياسة والاقتصاد ‏

ظبية الناصر

‏يرزح السوريون تحت ضغط أزمة معقدة يضيق خناقها الاقتصادي عليهم سنة بعد سنة إن لم نقل يوما بعد يوم ، وفي كل عام يأمل السوريون في الخلاص وانفراج الحال ،

‏وهواجس السوريون هذه تقودنا للسؤال من يؤثر بمن؟ هل السياسة تؤثر بالاقتصاد أم الاقتصاد يؤثر بالسياسة؟

‏الحقيقة أن هناك علاقة متناظرة بين الإثنين، فالسياسة تؤثر بالاقتصاد والعكس صحيح، وإن كنتُ أؤكد ان تأثير السياسة أكبر في الاقتصاد، وإذا أردنا تفسير هذه العلاقة المتلازمة بينهما، فإننا سنبدأ بالاقتصاد أولا ، فهناك شروط لوجود اقتصاد مزدهر ونشاط يلبي حاجات الشعب بشكل لائق ، ولعل أبرز هذه الشروط هو توفر الأمن والاستقرار للنشاط الاقتصادي ، ومن ثم تطوره ذلك أن الأمن والاستقرار يطمئن أصحاب رؤوس الأموال لاستثمار اموالهم في إنشاء شركات ومعامل وغيرها من أشكال الاستثمارات المختلفة.

‏أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فعندما تكون سياسة دولة ما هي تنمية هذه الدولة وتحويلها إلى دولة قوية نافذة متطورة من كل النواحي ، فحتماّ ستعمل على توفير مناخ ملائم لنشاط جميع القطاعات ، ولاسيما قطاع الاقتصاد من خلال إصدار التعاميم والقوانين اللازمة التي تشجع العمل الاقتصادي بمختلف أشكالها ، وكذلك تضع الضوابط اللازمة لينعكس هذا الاقتصاد على نمو الدولة وتطورها ، وأيضا على وضع السكان الاقتصادي.

‏لكن عندما تكون هذه الدولة التي تأمل أو تتمنى اقتصاداً مزدهرة تعاني من حالة حرب عسكرية وحرب اقتصادية وبالتالي انتشار الفوضى على جغرافيتها ، وبنفس الوقت يفرض عليها حصاراً اقتصادياً ، فإن هذا يجعل اقتصادها في حالة كارثية يرثى لها

ذلك أن سياسة هذه الدولة أو بمعنى آخر إدارة سياسة هذه الدولة بغض النظر عن شكل هذه السياسة التي تنتهجها هذه الدولة غير أنها بمعنى هذه السياسة اكتسبتها أعداء كثر تكاتفوا لحربها بأدوات وأسلحه حرب متعددة أثرت سلبا على اقتصادها ذلك أن أهم شروط الاقتصادي المتنامي قد انعدمت ، وبالتالي ينعدم الاقتصاد أيضا ونقصد هنا الأمن والاستقرار.

وفي حالة الحروب المتعددة الأسلحة وأهمها الحروب الاقتصادية عندما تشن ضد دولة ما ، فإنها تفرض حالة عدم الاستقرار ومن الممكن النزوح في أي وقت ، وبالتالي خلق حالة من الفوضى لا توفر مناخ أن يسمح بحركة اقتصادية آمنة مما ينعكس على زيادة حالة البطالة بين افراد الشعب وانتشار الفقر وذلك نتيجة هجرة رؤوس الاموال إلى أماكن أو بلدان أكثر استقراراً وأمناً ، وبالتالي توقف أشكال الاستثمارات من معامل وشركات وغيرها في هذه البلدان التي تعاني من الفوضى ،

وهذا يقودنا إلى أن السياسة لها أثر كبير في الاقتصاد مع ضرورة التأكيد على أن السياسة القوية يمكن أن تنتج اقتصاداً قوياً إذا أرادت ذلك ، غير أن هنالك حتمية واحدة هي أن الاقتصاد القوي يزيد من قوة الدولة وتأثيرها السياسي والاقتصادي سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

‏كل ما سبق يؤكد لنا أن الاقتصاد والسياسة هما وجهان لعملة واحدة ، فالسياسة القوية والحكيمة هي التي تنتج نوع الدولة في عصرنا الحالي ، فنلاحظ أن الدول القوية سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً عندما تريد تغيير نظام سياسي ما ، فإنها تلجأ إلى الحصار الاقتصادي أولا ثم العمل العسكري ذلك لعلمها بمدى الارتباط المتين بين شكل السياسة والاقتصاد ،

وذلك ان ضرب اقتصاد بلد ما حتماً سيجبر ساستها إلى تبديل سياساتهم خوفا من قيام ثورة الجياع في بلدانهم.

وفي ختام حديثنا علينا القول ان ‏لا إدارة ناجحة للاقتصاد بدون خبرة وحكمة في السياسة ، وأيضا نؤكد أن أي دولة قوية تكمن قوتها بقوة اقتصادها الناتج عن حكمة ‏قادتها السياسيين ، وبالتالي ثقة الشعب بكلاهما ، واليوم مصر أكبر مثال وشاهد على السياسة وعلاقتها بالاقتصاد ودور الادارة السياسية الحكيمة في تنامي الاقتصاد فيها.