لكل السوريين

الأسد الغريق.. يتعلق بقشة بوتين في قمة جنيف!

اختتمت أول قمة بين الرئيسين  الأمريكي، جو بايدن، والروسي، فلاديمير بوتين، في مدينة جنيف السويسرية.

وهذه وهي القمة الأولى بين الرئيسين بعد تولي بايدن الرئاسة الأمريكية، في وقت وصف فيه الجانبان علاقات البلدين بأنها في أسوأ حالاتها.

وقال بوتين في مؤتمره الصحفي أنَّ المحادثات كانت “بناءة”،، وخلت تماما من أي لهجة “عدائية”.

وأكد أنَّ كلا الجانبين اتفقا على عودة سفيري البلدين إلى موقعيهما وإعادة الدبلوماسيين الذين تم طردهم من قبل واشنطن وموسكو في الفترة الأخيرة.

وقال بوتين: “أعتقد أنَّ مثل هذه الاجتماعات والزيارات ينبغي أن تنعقد في الظروف المناسبة”، لكنه أشار إلى أنَّه لم يتلق دعوة من نظيره الأمريكي جو بايدن لزيارة الولايات المتحدة.

فيما قال بايدن عن القمة بأنها خطوة مهمة إذا كان البلدان بمقدورهما التوصل إلى حالة من الاستقرار

وردت إلي الكثير من التساؤلات حول قمة بوتين وبايدن وبدا لي أنَّ الكثير من السوريين ينتظرون حدوث أمرٍ ما ينعكس على الواقع السوري بعد هذه القمة، لا ألوم أبناء شعبنا ممن ينتظر مثل هذه الأمور فكما يقول المثل “الغريق يتعلق بقشة” ولكن ما تسرب بعد القمة من أخبار تثبت العكس فالغريق الحقيقي هو الأسد ونظامه الغارقين في ملفات كثيرة من جرائم الحرب لاستخدام الأسلحة الكيميائية… إلخ

بالحديث عن هذه القمة لابد أن يعلم الجميع أنَّ الملف السوري لم يأخذ سوى حيز صغير من هذه القمة، فالقضايا العالقة بين الجانبين الأمريكي والروسي أكبر من هذا بكثير وعلى رأسها “ملف إدارة العلاقات بين الجانبين بطريقة أكثر فاعلية ووضوح” ، وهذا حسب وصف صحيفه الواشنطن بوست، فيما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض بأنَّ الرئيسان سيبحثان عدداً من القضايا الملحة، ونأمل من خلال هذا الاجتماع أن تصبح العلاقات الروسية الأمريكية أكثر استقراراً، فالقضايا المطروحة في هذه القمة وسط الخلافات الروسية الأمريكية أكبر من عقدة الملف السوري لدى الجانبين، والذي أخذ حيزاً صغيراً، فمن ملف بلا روسيا ورئيسها لكواشنكو، إلى ملف أوكرانيا والقرم، إلى ملف الأسلحة النووية، و معاهدات نزعها، وملفي إيران وكوريا الشمالية النووين، وملف المعارض الروسي المعتقل اليكسي نافالني، وملف الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها مؤسسات أمريكية تم تنفيذها من روسيا حسب الادعاءات الأمريكية، أردت أن أذكر هذه الحقائق ليعلم الجميع حجم المساحة الحقيقة لمناقشة الملف السوري في هذه القمة.

طبعاً كان لابد من يستغل الرئيس بوتين هذه القمة ليحصل على بعض المكاسب في كل الملفات بما فيها الملف السوري.

وحسب بعض المصادر المطلعة في الإدارة الأمريكية أنَّ بوتين عرض على بايدن نوع من الوساطة بين الأسد وواشنطن، حيث أشار إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة، وتعهد بوتين بأن يقوم الأسد بتنفيذ ما يتفق عليه مع واشنطن بما في ذلك “الإصلاحات السياسية”

وقالت المصادر أنَّ بوتين حاول إقناع بايدن بفوائد الانفتاح على الأسد وأنّ للأسد دوراً محورياً في “الحرب العالمية على الإرهاب”

وأشار بوتين في حال رحيل الأسد سيكون البديل نظام إسلامي متطرف يهدد أمن حلفاء أمريكا في المنطقة، وأشاد بوتين بقدر الأسد على استعادة كافة المناطق السورية  بما فيها شمال وشرق سوريا وقدرته على القضاء على ما تبقى من فصائل وصفها بالإرهابية، والقدرة على ضبط كافة المليشيات الرديفة له  كحزب الله والمليشيات العراقية، والإيرانية بحيث لا تهدد مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة، وكان في جعبة بوتين الكثير لإقناع بايدن وبرر الأسباب الاستراتيجية التي دفعت روسيا لإنقاذ الأسد مما وصفه “مخالب الإرهاب”، وحسب نفس المصادر كان رد بايدن بأنَّ الأسد خسر ثقة العالم، وأنّ واشنطن وحلفائها غير مستعدين للتعامل مع رئيس قصف شعبه بأسلحة كيميائية، وقال بايدن إنَّ ما فعله الأسد افقده ثقة العالم، وأنَّ التعامل معه  ” لم يعد جائزاً أخلاقياً “، والجدير بالذكر أنَّ إدارة بايدن قررت” الاحتفاظ بقوات برية، والدعم الجوي لقوات سوريا الديمقراطية شريكة أمريكا في الحرب على داعش”

وعلى ما يبدو أنَّ محاولة بوتين في هذه الجولة لم تسفر عن إقناع بايدن بالتنازل في سوريا، أو على الأقل مقايضتها حتى يتسنى لروسيا استثمار تدخلها العسكري في سوريا، وفتح ملفات إعادة الإعمار وغيرها من المشاريع الروسية في سوريا” النفط والغاز ”

بالطبع لا ألوم من يعول على مثل هذه الاجتماعات والقمم ولكن حقيقة يحتاج الشعب السوري إلى التعويل على مشاريع  داخلية وطنية على قدر عالي من المسؤولية تكون  بديلة للأسد ونظامه الدكتاتوي الفاقد الشرعية داخلياً، والفاقد الثقة دولياً، ويظهر أنَّ الأسد لم يبقي له أي متنفس دولي سوى روسيا وحلفائها وهذا ما  جعل الأسد يسعى إلى إدخال سوريا في قلب ومركز الصراع بين الغرب والشرق وتحويل سوريا إلى جزء من معادلة هذا الصراع وكل هذا في سبيل بقاء نظامه الفاشي في السلطة على حساب تلبية مطالب الشعب السوري الذي يتطلع إلى بلد تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.