لكل السوريين

قلة المراكز الطبية تضاعف معاناة مصابي التلاسيميا شمال غربي البلاد

إدلب/ عباس إدلبي 

وسط قلة المراكز المعنية بمكافحته، يعاني مرضى التلاسيميا في إدلب من قلة العلاج في المراكز التي تعنى بالتصدي للمرض الذي يواصل توسيع نطاق انتشاره في المحافظة التي تخضع لسيطرة “هيئة تحرير الشام” المدعومة من تركيا.

وأدت العمليات العسكرية التي دارت في إدلب لخروج معظم المراكز الطبية في المدينة عن الخدمة، وبالتالي انعكس سلبا وبشكل كبير على المرضى.

وبقي في المحافظة مركزين فقط، الأول في مركز المدينة، والثاني في مشفى باب الهوى الحدودي مع تركيا، ما زاد من عناء الذهاب للعلاج على المرضى.

وتقول، سامية، مصابة بالتلاسيميا، وتبلغ من العمر 15 عاما، وهي نازحة من ريف محافظة دمشق، إنها تضطر لاصطحاب والدها معها بشكل منتظم ودوري إلى مركز باب الهوى الحدودي، حيث تتواجد في المركز أكياس الدم اللازمة لها.

وتضيف “أنا بحاجة لعلاج مدى الحياة على شكل عمليات نقل دم شهرية وتناول يومي لدواء إزالة الحديد الزائد من الجسم قبل أن يترسب في أجزاء مختلفة منه، وفي حال عدم إتباع عمليات نقل الدم وتناوله بانتظام فستعاني من فقر دم مزمن يؤدي إلى شحوب في الوجه وتشوهات عظمية وتأخر في النمو وربما يفضي إلى الموت المحتم”.

وبعد وفاة والد سامية إثر انفجار هز محافظة إدلب، تضطر لاصطحاب والدتها المسنة للمركز، التي طالبت بإنشاء مراكز أخرى مختصة بمكافحة التلاسيميا في المحافظة وفي مراكز المدن والنواحي.

وأوضحت دراسة أجراها الباحث شاليغرام أن ٤٤% من المصابين بالثلاسيميا لديهم مشاكل نفسية و٦٧% يعانون من قلق الموت، ٢٠% اكتئاب ومشاكل عاطفية، و٤٩% من مشكلات في السلوك والتصرف بينما لا توجد أي عيادات متخصصة بالدعم النفسي في مراكز الثلاسيميا في الشمال السوري، ولا يخضع المريض لمثل هذه العلاجات، كما وتفتقر لحملات التوعية للتعريف بالمرض وآثاره وكيفية التعامل مع المريض وهو ما يسبب تفاقم الآثار النفسية الناتجة عن المرض.

والثلاسيميا هو اضطراب وراثي يؤدي إلى انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الجسم عن المعدل الطبيعي، والهيموغلوبين هو عبارة عن بروتين يمكن خلايا الدم الحمراء من حمل الأوكسجين، وتحدث الثلاسيميا نتيجة خلل في الموروثات المسؤولة عن تصنيع الخضاب ونتيجة لذلك تتكسر خلايا الدم باكراً ولا يستطيع نقي العظام تعويض هذا النقص الكبير في كريات الدم، ما يؤدي لحدوث فقر شديد في الدم يحتاج لتعويض عن طريق نقل الدم أو زرع نقي للعظام وهي عملية مكلفة جداً وتصل إلى ١٠٠٠٠٠ دولار ولا يستطيع إجرائها سوى الميسورين بينما يعجز عن ذلك الغالبية العظمى من ذوي مرضى الثلاسيميا الشمال السوري نتيجة فقرهم المدقع وظروفهم المعيشية القاسية وما رافقها من حرب ونزوح وغلاء وانعدام فرص العمل.

لا تتوفر إحصائيات دقيقة لعدد مرضى الثلاسيميا في الشمال السوري، إلا أن الطبيب أحمد المحمود الأخصائي بأمراض الدم يعطي نسبة تقريبية لعدد المراجعين لمركز الدم في إدلب بقرابة ٧٠٠ مريض ثلاسيميا بين مقيمين ونازحين بشكل شهري وهي نسبة مرتفعة جداً على حد قوله.

وعن الخدمات التي يقدمها المركز لمرضى الثلاسيميا يضيف الطبيب أحمد المحمود أنه يقدم أدوية خالبات الحديد، الديس فرال (فيال) وفيروبوكس وهي عبارة عن حبوب ونقل الدم الدوري، إذ يحتاج مريض الثلاسيميا إلى ما يقارب ١٢٠٠ وحدة دم شهرياً وبعض التحاليل فيما يفتقر المركز إلى مضخات لتسريب حقن الديس فرال، والأدوية التي تقدم غالية الثمن في الوقت الذي يعاني فيه المركز من قلة الداعمين.

وقدرت منظمة الصحة العالمية عدد المصابين بالثلاسيميا في تقرير لها صدر عام ٢٠١٥ بـ 4.4 مولود في كل ١٠٠٠٠ ولادة طبيعية في جميع أنحاء العالم، وأشار التقرير الصادر عن المنظمة أن ٥ % من سكان العالم حاملين لسمة الثلاسيميا ويطلق عليهم الناقلين الصامتين بينما قدرت نسبة الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض سريرية نتيجة الطفرات الجينية ب 1.7 %.