لكل السوريين

طرق وأساليب للبحث عن لقمة العيش

سلاف العلي 

لكل قسمته المكتوبة له، حتى الدابة والطيور وسكان المياه، وهذه القسمة هي بحاجة إلى السعي والكدّ للحصول عليها، فالإنسان خُلق ليكوّن المجتمع ويرسم تفاصيله من خلال العمل، فهو سيتعرّض لمراحل متعدّدة سواء من خلال العلم والصعود إلى سلالمه أو البحث عن طريق آخر يجد ضالته ومستقبله من خلاله والطرق كثيرة ومتنوعة، أما لمن كان يقصد العلم يمكن يفشل بأحد المستويات التعليمية وهذا قد لا يثنيه عن هدفه المنشود، هو سيكمل ليصل إلى الذروة حيث الهدف والمبتغى، فقد يكون حالماً بدرجات متقدّمة من العلوم والمعرفة ولديه الرغبة بنيل أعلى الدرجات، أو أنه قد يكتفي بشهادة جامعية يمكنه من خلالها الحصول على وظيفة تليق بما قدّم وناضل وبالتالي المتابعة لتكوين هدف آخر قد يكون البحث عن طرفه الآخر وإنشاء حياة أسرية جديدة.

بالمقابل وكان الوجود والمنبت في مجتمع متفكك ذو بيئة متخلّفة لا تبالي بتطوير نفسها وما حولها، حيث أنها تعيش على هامش الحياة المتخلّفة فأبناء هذه البيئة هم مضطرون للسعي خلف لقمة العيش بشتى الوسائل وهم أيضاً غير آبهين بتعليم أبنائهم وانخراطهم بأجواء الدراسة والتحصيل العلمي وهمّهم الوحيد هو نضوج الأبناء بنفس المجتمع وتعليمهم فنون الحصول على لقمة العيش وإكسابهم الخبرات بتقديم وسائلهم وأدواتهم التي تساعدهم على تجميع محصولهم كشراء أو استئجار بغل مع عربته أو صناعة عربة ذات عجلات ثلاث أو أربع وتدعيمها بالشباك المعدني المثبّت عليه شناكل وروافع شوكية لتعلّق عليها الغنائم التي سيتم اصطيادها من خلال النبش بالحاويات أو اللحاق بسيارة القمامة الضاغطة حيث المكبّ التجميعي وهناك يتم تفريغ محتوى هذه السيارة ليقوم (الزعيم) أو صاحب المُلك بتوزيع المهام والمقتنيات من بقايا خبز ومواد بلاستيكية ومعادن وغيره حسب الدفع والأصول، وبالعودة إلى أصحاب النبش في حاويات المدينة والدردشة مع بعضهم غير مكترثين بالحديث وتفاصيله فالأجوبة حاضرة وبدون خجل، هناك رضى وقناعة ويقين بعملهم وما يكسبون.

أحدهم عمره بالعشرينات سألناه عن مردود هذه المهنة وقناعته بها وهو في أوج شبابه، فرمقنا وتسنّد العربة بيسراه وبيده الأخرى علبة بيبسي يهزها لإفراغها من محتواها، سائلاً بثقة المنتصر عن راتب وظيفتي فقلنا له حوالي ستين ألفاً فلم يعلّق مكتفياً بهزّ رأسه والتدلي إلى أسفل تلك الحاوية، فاقتربنا قليلاً وقلنا له يا رجل ألا تخافون من الكورونا والأمراض الأخرى فسدّد عليّ عدة كلمات من صميم تلك الحاوية كمن يصيح في وادٍ،  فهذه الفئة من الناس على دراية ووعي كامل بل وأكثر من الحكومة بأن قسماً لا بأس به من المجتمع يعيش نفس المعاناة أيامها يشوبها فقر وعوز مادي، والفضلات من الأطعمة والمواد الأخرى خير دليل وإيضاح، فهي أصبحت خجولة قياساً بسنين مضت، كما أن بعض أصحاب هذه المهنة أكّد أن لجغرافية الحاوية وتوضّعها له دلالاته ومكتسباته فالحاوية في شوارع المناطق الراقية محتوياتها تختلف عن مناطق العشوائيات والشوارع الفقيرة الضيّقة، أمّا على الطرف الآخر من الحاوية هناك عدة قطط تنتظر خروج هؤلاء المتطفلين الآدميين من مملكتهم ليتمكنوا من أخذ قسمتهم وما قُدّر لهم من الفضلات..  إن وُجدت.