لكل السوريين

وضع شمال إفريقيا ينذر بحرب باردة جديدة.. فهل يتراجع بايدن عن قرار ترامب؟!

تقرير/ محمد الصالح 

منذ اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغربية الصحراء مقابل تطبيع المغرب لعلاقاته مع إسرائيل، يدور الجدل حول قانونية هذا الاعتراف، ودوره في التوتر الذي تشهده المنطقة، وإمكانية استمراره أو التراجع عنه من قبل إدارة بايدن التي ستبدأ بعد أيام، خاصة بعد أن طالب مسؤولون أمريكيون سابقون بالتراجع عن هذا الاعتراف، وفي مقدمتهم وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر الذي شغل منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء ما يزيد عن ثمانية أعوام، حيث نشر مقالا في جريدة واشنطن بوست أكد خلاله أن “اعتراف ترامب بمغربية الصحراء الغربية ضربة للقانون الدولي والدبلوماسية ويعد تراجعا مذهلا عن مبادئ القانون الدولي والدبلوماسية التي تبنتها الولايات المتحدة واحترمتها لسنوات عديدة”.

وفي هذا الاتجاه، ذهب جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، وهو من المناصرين لجبهة البوليساريو، وحقها في تقرير مصيرها.

في حين أشارت أوساط مقربة من جو بايدن إلى صعوبة التراجع عن قرار ترامب، ولكن يمكن لبايدن أن يطلب من المغرب إعطاء الصحراويين صلاحيات كبيرة بما يقترب من حالة الحكم الذاتي، أو الفيدرالية.

التراجع غير وارد

تعقيباً على احتمال تراجع الرئيس الأمريكي المقبل عن قرار ترامب، أكد رئيس الحكومة المغربية أمام برلمان بلاده على أن هذا التراجع غير وارد.

واعتبر أن القرار لم يؤخذ بشكل مفاجئ أو احتفالي، بل جاء نتيجة للجهود الدبلوماسية المغربية المكثفة “في الساحة الأمريكية”.

وأشار إلى جهات “تعمل على التقليل من أهمية هذا الاعتراف والادعاء بأنه لا يعدو أن يكون إعلانا رمزيا أو إعلانا احتفاليا لن تتبعه أي إجراءات عملية أو ذات أثار قانونية”، مؤكداُ أن “الأيام بينت زيف هذه الادعاءات”.

ملامح حرب باردة

وبعد هذا الاعتراف بدأت ملامح حرب باردة تجتاح شمال إفريقيا، حيث يراهن المغرب على تحقيق المزيد من اعترافات الدول الإقليمية والغربية، بالتعاون مع الولايات المتحدة.

بينما تسعى الجزائر إلى تقويض هذه الاستراتيجية من خلال التنسيق مع روسيا ودول أخرى.

فعلى المستوى الإقليمي، يسعى المغرب إلى التقرب من الدول الإفريقية ومحاولة إقناعها بتأييد قرار مغربية الصحراء، ويركز بشكل خاص على موريتانيا لإقناعها بأن مصالحها الاقتصادية تكمن في تطوير علاقاتها مع الرباط لتستفيد من الاستثمارات الغربية التي ستجعل من الدار البيضاء مركزاً لها، مقابل تجميد اعترافها بالدولة التي أعلنتها البوليساريو.

بينما تركز الدبلوماسية الجزائرية على استقطاب هذه الدول لكي لا تسحب اعترافها بـ “الجمهورية العربية الشعبية الصحراوية” التي أعلنتها جبهة البوليساريو.

وعلى الصعيد الدولي تسعى الدبلوماسية المغربية إلى إقناع العواصم الغربية الرئيسية باللحاق بموقف الولايات المتحدة التي اعترفت بملكية المغرب الصحراء.

وكادت أن تنجح في إسبانيا حيث تحدثت صحافتها عن احتمال الاعتراف بمغربية الصحراء، قبل أن تنفي وزارة الخارجية الإسبانية ذلك، وتؤكد استمرار دعمها لقرارات الأمم المتحدة.

بينما تعتمد الجهود الجزائرية الساعية لإفشال مساعي جارتها المغرب، على روسيا بسبب وزنها الدولي، وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن، ولكونها الوحيدة التي سارعت إلى التنديد بالقرار الأمريكي، واعتبرته خرقاً للقوانين الدولية.

عودة الحرب الباردة

ولكي يتمكن كل من المغرب والجزائر من تحقيق أهدافه، لابد من تقديم المزيد من التسهيلات العسكرية لكل من واشنطن وموسكو.

وبالفعل، بدأت تتوارد أنباء عن احتمال إقامة قاعدة عسكرية في المغرب الذي بدأ يستعيد أهميته العسكرية في حسابات البنتاغون.

كما حصلت روسيا على تسهيلات عسكرية في الجزائر، شكلت لها موقعاً مهماً غرب البحر الأبيض المتوسط.

وبذلك تكتمل في الشمال الإفريقي ظروف عودة الحرب الباردة بين الدول الغربية بزعامة واشنطن، في مواجهة ثنائي موسكو وبكين.