لكل السوريين

الثقافة السياسية وتأثيرها على تكوين تعددية سياسية

علي الأسود

الثقافة، بمنظورها الأشمل فهي واسعة وتشمل كافة مناحي الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية، حتى أنها تشتمل على الطعام والشراب وعاداتها وطريقة اللباس والعيش، ولكن ما يهم عند هذا المقام هو الوقوف عند الثقافة السياسية، فيمكننا القول بأن الثقافة السياسية هي مجموعة قيم تتعلق بنظرة المواطن إلى السلطة، وهذه النظرة تعبر عن مدى شرعية هذا النظام أو ذاك.

كما أن هذه الثقافة السياسية تؤثر على علاقة المواطن بالسلطة من حيث تحديد الأدوار والأنشطة، ومن تجاه الواجبات التي يتعين على المواطن القيام بها، والحقوق التي يمكنه المطالبة بها، فضلا عن بعض التفاصيل الخاصة التي تدل على هيئة الفرد والجماعة.

كما أنه يمكننا تسمية كل هذا بالديمقراطية التي تعد بأنها إحدى المثل العليا المعترف بها عالميا بالتوقيت الذي أكدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في ميثاقها منذ عام 1991 بأن الديمقراطية قيمة عالمية تستند إلى إرادة الشعوب المعبر عنها بحرية لتحديد نظامها السياسي والاقتصادي والثقافي وإلى المشاركة الكاملة في جميع مناحي الحياة.

كما تشير كل الدراسات في مفهوم الديمقراطية إلى أنه يتوجب على أي بلد يريد إقامة نظام إدارة ديمقراطي يستوجب توفير بيئة اجتماعية ثقافية مهيأة لقبول الفكرة الديمقراطية المشروحة آنفا، وترجمتها على أرض الواقع، كما تتطلب هذه العملية أيضا إلى تعددية سياسية وإعلام محايد وطبقة وسطى، وتعني التعددية السياسية وجود أكثر من حزب أو تجمع سياسي في أي بلد يوفر لأفراده خيارات متنوعة من حيث الفكر والرؤية المستقبلية أي توفير ثقافة شعبية تتصف بالانفتاح، وتعترف أن لكل فرد بالمجتمع حقوقا متساوية مع غيره من المواطنين، وتدعو أفراد المجتمع للتعامل مع بعضهم على هذا الأساس.

وهنا لابد من توضيح مفهوم التعددية الذي بدوره يعد مفهوما أساسيا من فكرة الديمقراطية والتعددية، التي من لفظها تدل على تنوع في وجهات النظر والآراء والمواقف حول فكرة أو مضمون معين، وهي تدخل في كل ومختلف المجالات، كما أنها لها أقسام عديدة، مثال التعددية الاقتصادية والتعددية السياسية اللتان تشيران إلى وجود أكثر من نظام سياسي واقتصادي في البلد الواحد.

وبذالك تكون الديمقراطية ليست نظام حكم سياسي فقط، بل قيمة اجتماعية وثقافية غاية في الأهمية، وذلك لأن الثقافة الديمقراطية ترسي مبدأ التعامل بين الناس على أساس المساواة والحق والواجب واحترام الآخرين وآرائهم، كما تعترف كل الديمقراطيات بالعالم بحق الفرد بالتعبير عن رأيه، كما تعني الديمقراطية وضع حد لأي حكم شمولي فردي متسلط مثل الحكم القومي وحكم الدين.