لكل السوريين

تركيا تنهب المحاصيل الزراعية، وتشن حرب مياه على الشمال السوري

منذ أن بدأت الأحداث في سوريا سارعت تركيا إلى فتح أبوابها للمرتزقة والتنظيمات المتطرفة والإرهابية، ووفرت لهم الممرات الآمنة للانتقال إلى الداخل السوري، وزودتهم بالسلاح والخدمات اللوجستية والدعم السياسي والإعلامي، تحت شعارات زائفة ومضللة مثل مكافحة الإرهاب على حدودها، وحماية الشعب السوري في شمال سوريا، وتمكين المعارضة من ممارسة حقها في اختيار النظام الذي تريده.

وتحت شعار حماية حدودها الجنوبية، احتل جيشها مناطق واسعة من الشمال السوري.

ومنذ أن سيطر على هذه المناطق، قام النظام التركي بتغييرات ديموغرافية تهدف إلى تمكينه من الاستقرار فيها، وبدأ بعملية تتريك واسعة شملت إنشاء مدارس تقوم بالتدريس باللغة التركية، وتغيير المناهج المدرسية، وتدريس بعض موادها باللغة التركية.

كما ألحق مستشفيات المنطقة بوزارة الصحة التركية، ورفع العلم التركي عليها، وغير أسماء الشوارع والميادين والمؤسسات العامة التي بات معظمها يحمل أسماء تركية.

وفرض التعامل بعملته في المناطق السورية الخاضعة له.

وقامت السلطات التركية، بالتنسيق مع الفصائل السورية الموالية لها، بأعمال تنقيب عن المعادن الثمينة واللقى، وتخريب المواقع الأثرية في أكثر من مكان، وخاصة موقع النبي هوري في عفرين، الغني بالآثار الرومانية والبيزنطية والإسلامية.

وقامت تركيا طوال الأعوام الماضية بعملية نهب اقتصادية منظمة في الشمال السوري، إضافة لاستنزاف موارده النفطية والطبيعية، واستخدام المياه كسلاح لابتزاز المواطنين في الشمال السوري.

وما تزال تعمل على نهب المحاصيل الزراعية في المناطق التي تسيطر عليها، متخذة من الفصائل التابعة لها، والمدعومة منها واجهة لعمليات النهب.

استبدال الليرة

لضمان استمرار السيطرة عليها، وتسهيل عمليات النهب منها، وإلحاق المناطق المحتلة في الشمال السوري بالمنظومة الإدارية والمالية التركية، استبدل النظام التركي الليرة السورية بالتركية، وأجبر السكان على اعتمادها في جميع معاملاتهم، ونفذت المجالس المحلية التابعة له هذه الإجراءات.

وصار السوريون الذين يرغبون بشراء رغيف، خبز أو ملء خزاناتهم للمحروقات في أجزاء من شمال البلاد، يسارعون إلى استبدال الليرات السورية بالتركية، حسب صحيفة وول ستريت جورونال.

وتطرح تركيا عملتها في الأجزاء السورية التي تخضع لسيطرتها، في محاولة منها لاستغلال الانهيار الاقتصادي لجارتها، لتوطيد سيطرتها على هذه الأجزاء، بحسب الصحيفة الأمريكية التي أكدت أن استبدال الليرة السورية بالليرة التركية يساعد أنقرة على دمج هذه الأجزاء في نسيج الاقتصاد التركي بشكل أكبر.

ومن جهته، ذكر كبير زملاء السياسة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن “استخدام الليرة التركية في الشمال السوري، هو مؤشر آخر على أن تركيا تعتبر هذه المناطق امتداداً لحكمها، وأن وجودها سيطول هناك”.

وحسب المحلل في مؤسسة سيتا في المقربة من النظام التركي، “أرسلت أنقرة شحنات من الليرة التركية إلى حلفائها في إدلب وأجزاء أخرى من شمال سوريا، بعد انهيار العملة المحلية في الشهر الماضي”.

وأضاف المحلل أن الليرة التركية يتم ضخها من خلال نقاط صرف العملات ومكاتب البريد، مشيراً إلى أن السكان يتبادلون الليرات السورية وأحيانا الدولار الأميركي مقابل العملة التركية، وأن محلات الصرافة في شمال سوريا مزدحمة بالزبائن.

بينما زعم مسؤول بوزارة المالية التركية أنه ليس لديه معلومات عن تسهيل تدفق الأموال التركية إلى هذه الأجزاء من سوريا، وقال البنك المركزي التركي إنه غير مشارك في الخطة.

وكانت الليرة التركية تستخدم لدفع أجور المقاتلين، والمدنيين الذين يعملون في الهيئات الإدارية المدعومة من أنقرة، والتي بنت أيضاً مدارس ومستشفيات ومكاتب بريد في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وربطت بعضها بشبكتها للكهرباء، حسب الصحف الأميركية.

وتماشياً مع ذلك، عدّل ما يسمى بالمجلس المحلي لمدينة رأس العين شمال غربي الحسكة تعرفة إصدار البطاقة الشخصية الصادرة عن المجلس، من الليرة السورية إلى الليرة التركية.

وجاء في تعميمه الذي أصدره الأسبوع الماضي، “اعتباراً من اليوم ستكون رسوم استخراج البطاقة الشخصية من النفوس خمس ليرات تركية بدلاً من ألف ليرة سورية”.

وزعم نائب رئيس المجلس “أن انهيار الليرة السورية، واعتماد المجلس في تأمين احتياجات المدينة من الخدمات والمواد على السوق التركي دفع المجلس إلى تحويل العملة من الليرة السورية إلى التركية”.

وكان المجلس قد اعتمد الليرة التركية لتحديد أسعار بيع وشراء الحبوب، لتسهيل عمليات النهب التركية.

سرقة المياه

سرقات تركيا للمياه السورية ليست جديدة، فمنذ سنين والأتراك يسعون لحرمان الشعب السوري والعراقي من مياه دجلة والفرات، ومن مياه روافد الانهار، حيث قامت خلال السنوات الماضية ببناء السدود لحجز مياه روافد نهر الخابور، ما أدى إلى جفاف النهر على مدار غالبية أشهر العام، وجفاف الكثير من الآبار السطحية، وانخفاض منسوب المياه الجوفية في المنطقة، مما قلص بشكل كبير المساحات الزراعية المروية التي تشكل العصب الاقتصادي في شمال البلاد

ومن جديد، كشفت تقارير عديدة قيام النظام التركي بسرقة مياه الشمال السوري، من خلال إقامة سدود من أبرزها سد الريحانية، وتطوير سد أتاتورك، وسد أليسو الذي يتحكم بجريان مياه نهري دجلة والفرات، بهدف تعطيش مئات آلاف السوريين في الشمال، بما يرقى إلى حالة حرب مياه يشنها النظام التركي عليهم، ويقطع مياه الشرب عنهم، ويتلف مشاريعهم الزراعية، ويوقف مشاريع توليد الطاقة الكهربائية في مناطقهم.

إضافة إلى أن السيطرة على المياه، تسمح له بالسيطرة على أراض زراعية سورية تقدر بآلاف الدونمات، والتحكم فيها.

وإمعاناً منها بسرقة المياه السورية، والضغط على الشمال السوري أقدمت تركيا مؤخرا على شق قناة لجر مياه نهر عفرين إلى ولاية الريحانية في لواء اسكندرون، من أجل استخدامها في ري الأراضي الزراعية التركية رغم معاناة أهالي مدينة عفرين من نقص في المياه.

وأعلنت افتتاح سد الريحانية الذي يتغذى من مياه هذه القناة، ضمن خطة تهدف لري 600 ألف دونم من أراضي الريحانية التي تعاني من شح المياه.

وخلال افتتاح السد توافدت قيادات من حزب العدالة والتنمية إلى مدينة الريحانية، لتؤكد أن الحلم التركي قد تحقق الآن، واعترف نائب حزب العدالة والتنمية في الولاية، بأن مياه السد تم سحبها من مدينة عفرين وقال: “هذا اليوم هو يوم سعيد.. لقد حققنا حلمنا الذي دام 50 عاماً.. تم تنفيذ مشروع سد هاتاي.. نحن نجر المياه من عفرين إلى سد ريحانية”.

سرقة الحبوب

تحدثت مصادر مطلعة في المنطقة أن الفصائل المرتزقة الموالية لتركيا نهبت القمح والشعير من عشرات القرى التابعة لمدينتي تل أبيض، ورأس العين، وأرسلتها إلى صوامع التخزين التابعة لهيئة الحبوب التركية في أورفا.

وأشارت المصادر إلى أن المجلس المحلي في تل أبيض يقوم بنقل الحبوب خلال ساعات فرض حظر التجول الذي فرضه المجلس في المدينة.

وكان المجلس قد أعلن فرض حظر التجول بدعم من قوات الاحتلال التركي لتسهيل عمليات تهريب القمح إلى تركيا.

وفي منتصف شهر حزيران الماضي ذكرت مجلة “نوس سوسيال” أن شاحنات تركية محملة بمحصول القمح دخلت الأراضي التركية من مناطق شمال وشرق سوريا الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها.

وأكدت المجلة أن تركيا تسرق محاصيل الحبوب في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال سوريا.

ووثقت صحيفة “زمان” قيام النظام التركي بسرقة محاصيل الحبوب في المناطق التي تحتلها قواته في الجزيرة السورية.

وكشفت الصحيفة التركية أنه مع انطلاق موسم حصاد القمح يشهد معبر “أكشكالي” بمدينة شانلي أورفا جنوب شرق تركيا عبور شاحنات تركية محملة بالحبوب، قادمة من منطقة الجزيرة السورية، في سرقة علنية موصوفة للمحاصيل الزراعية السورية في المناطق التي تحتلها قوات النظام التركي.

ونقلت الصحيفة عن سائق إحدى الشاحنات قوله إنه ينقل الشعير والقمح من مدينة تل أبيض السورية إلى الجانب التركي، ويتم إفراغ حمولة الشاحنات في المخازن التابعة لمكتب المحاصيل الزراعية التركي بمدينة شانلي أورفة.

وأشار سائق الشاحنة إلى أن عمليات النقل توقفت لفترة بسيطة بسبب وباء كورونا، وقال: “باشرنا مجدداً نقل الحبوب مرة أخرى بعد انقطاع دام لفترة بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد”.

كما وثقت مصادر محلية العام الماضي، قيام تركيا بسرقة 11400 طن من القمح من صوامع سلوك في تل ابيض، وكميات كبيرة من القمح المخزن في بلدة “السفح” القريبة من مدينة رأس العين ونقلته الى تل ابيض بريف الرقة الشمالي في نيسان الماضي.

سرقة الزيتون

منذ احتلالها لمساحات في الشمال السوري، بدأت تركيا بسرقة المحاصيل الزراعية من المناطق التي احتلتها، وخاصة من عفرين، وهذا ما أكدته وكالة “فوكس نيوز” الأمريكية التي نشرت تحقيقاً قالت فيه “إن الحكومة التركية متهمة بسرقة الزيتون السوري وتصديره في صورة زيت تركي إلى دول الاتحاد الأوروبي لتحقيق أرباح كبيرة”.

ونقلت الوكالة عن مصدر سياسي سويسري رفيع المستوى قوله: “في عفرين التي تحتلها تركيا، يتم نهب بساتين الزيتون من قبل القوات التركية والميليشيات التي تدعمها، الزيتون الذي يسرقونه بيع إلى إسبانيا”.

وكانت “وكالة فرات للأنباء” قد انفردت بنشر وثائق تثبت تورط الدولة التركية في سرقة الزيتون السوري.

وقبل أن تركيا تقوم باحتلال عفرين وعدت حكومتها المتخوفين من هذا الاحتلال، والمتحفظين عليه بقولها “نعدكم بعائدات من حرب عفرين”.

وعندما جاءت هذه العائدات، بأحد وجوهها، عن طريق سرقة الزيتون العفريني، أثنت وسائل الإعلام الموالية للنظام التركي على هذه السرقة، وذكرت صحيفة “يني شفق” التركية أن المؤسسة التعاونية للائتمان الزراعي، والسلطات المحلية المدعومة من تركيا، تقوم ببيع منتجات عفرين في الأسواق الدولية، وقدرت الصحيفة عائدات زيتون عفرين بما يتجاوز الـ 200 مليون دولار سنوياً.

وهذا لا يؤكد اعتراف تركيا بسرقة الزيتون العفريني فقط، بل يؤكد أيضاً النية التركية المسبقة لنهب المحاصيل الزراعية السورية، وينفي مزاعمها المستمرة بأنها تساعد المزارعين السوريين على تصريف محاصيلهم.

من حملة “غصن الزيتون” إلى حملة “سرقة الزيتون”

تحت هذا العنوان أكدت قناة فوكس نيوز الأميركية، أن تركيا تقوم “بسرقة محاصيل الزيتون من عفرين السورية التي تنتج أفضل أنواع الزيتون في العالم”.

وفي السياق نفسه ذكرت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية، أن إسبانيا كانت وجهة الزيت العفريني عالي الجودة، حيث “استولت تركيا على كميات مهولة من الزيتون وقامت بعصره وبيعه كمواد خام عالية الجودة لإسبانيا التي تمتلك أضخم الأسواق العالمية لبيع زيت الزيتون في كل أنحاء أوروبا”.

وكانت شبكة “بي بي سي”، البريطانية قد ذكرت في تقرير لها، بعد عام من سيطرة قوات العدوان التركي على مدينة عفرين “إن تركيا تستحوذ على محصول الزيتون السوري في المدينة”.

ونقل التقرير عن عضو سابق في المجلس الزراعي بعفرين قوله “إن تركيا تسرق 80 بالمئة من زيتون عفرين. هذا ما فعلته حملة غصن الزيتون، بزيتون عفرين.

تقرير/ لطفي توفيق