لكل السوريين

الدعم الألماني لسياسات الحرب والابادة التركية

ألمانيا لها دور محوري في السياسية الدولية، فهي دولة رئيسية في الاتحاد الأوروبي، ولها ثقل كبير في الملفات الاقليمية والدولية، وتشتهر الدبلوماسية الألمانية بلعب دور إيجابي في حل الصراعات والمشاكل الناتجة بين الدول، وكذلك بين الدول والمنظمات ضمن الصراعات الداخلية.

في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، كنا دائما نتطلع إلى دور ألماني سياسي واقتصادي ودبلوماسي، تعمل فيه ألمانيا بشكل بناء وجاد بغية المساهمة في حل الأزمة السورية، ومساعدة تجربة الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وتقديم الدعم والعون لصيغة العيش المشترك، والمساعدة في القضاء على تنظيم “داعش” الارهابي.

لكن الدور الألماني لم يكن بالمستوى المطلوب فيما يتعلق بتقديم الدعم لتجربة الادارة الديمقراطية، أو المساعدة في محاربة “داعش” والدفاع عن المكونات في وجهه.

وكذلك لم يكن بالدور المطلوب أبدا في ردع العدوان التركي، والذي تحول لاحتلال، بمعية مجموعات جهادية متطرفة، راحت تقتل في المدنيين، وترتكب التطهير العرقي وجرائم الابادة ضد الانسانية. فألمانيا كقوة مؤثرة، لم تمارس الضغط على حكومة تحالف أردوغان ـ باغجلي، وهو الأمر الذي أدى إلى تغول هذه الحكومة واستهتارها بالقانون الدولي، ومواصلتها شن حروب الابادة وتسليح المرتزقة والمجرمين، ودفعهم لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية، بغية إشاعة الفوضى وترسيخ الاحتلال، وقتل وتهجير أبناء المكونات، واستكمال مهمة “داعش” في الابادة والتخريب.

أن الملاحظ بأن التحالف الحاكم في ألمانيا ( الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاشتراكي الديمقراطي) كان مرناً مع الحكومة التركية، وبدا متعاوناً مع هذه الحكومة، ويغطي على سياستها ويقدم لها كافة أشكال الدعم السياسي والعسكري والسياسي والدبلوماسي، ولم يلجأ إلى مواجهة ما يقوم به تحالف أردوغان ـ باغلجي من حروب وفوضى في المنطقة، ومن تجنيد الجهاديين وتدريبهم، وإرسال المرتزقة إلى مناطق النزاعات في سوريا وليبيا وأرمينيا، وتهديد كل من اليونان وقبرص، ومحاولة تحريض الجاليات المسلمة في أوروبا ضد الحكومات الأوروبية، وحتى التدخل في الشؤون الداخلية الألمانية.

وهذه السياسة المستغربة من دولة ذات مسؤوليات كبيرة مثل ألمانيا، أدت إلى تقوية دور أردوغان، وإمداده بسبل الدعم والاستمرارية، مما شجعه على التمادي في انتهاك القانون الدولي وحقوق الانسان، ومواصلة سياسات الحرب والتطهير العرقي، ودعم الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون مثل “داعش” و”النصرة” و”فتح الشام”، وتصدير المرتزقة إلى مناطق الصراعات حول العالم.

لقد تلقينا في الفترة الأخيرة معلومات مقلقة حول المساعي التي تقودها أوساط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) لترسيخ الاحتلال التركي ومحاولة شرعنته عبر مقايظات وصفقات مع بعض القوى الاقليمية.

فالمعلومات تقول بأن هذه الأوساط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي اقترحت على بعض الأطراف أن تقدم تركيا “تنازلات” فيما يخص الموقف من اليونان وقبرص والنزاع معهما، وقبول التهدئة والتسوية، مقابل إطلاق يد الحكومة التركية في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، وشرعنة احتلالها لهذه المناطق، وغض الطرف عن جرائم الابادة والتطهير العرقي، وتجنيد ودعم الجهاديين الإرهابيين ومجموعات المرتزقة.

إن مثل هذه المعلومات تكشف مخططاً خطيراً تقوم عليه أوساط ضمن أحد الحزبين الحاكمين في ألمانيا، يرمي إلى ترسيخ الاحتلال التركي والاعتراف به، وهذا يعني دعماً مباشراً لسياسة الحرب التركية، ولجرائم الإبادة والتطهير العرقي، ودعم الارهاب الدولي، وتدريب وإرسال المرتزقة المأجورين.

إن هذه الأوساط تقدم نفسها شريكاً لآلة الاحتلال التركي، وبالتالي شريكاً في سفك الدم، وجرائم الإبادة والتطهير العرقي، وتخريب البيئة وجرف البساتين، وتدمير دور العبادة، وقتل الآخر المختلف، وامتهان أدمية المرأة.

على هذه الأوساط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن تعلم بخطورة ما تحاول أن تسوقه، وانها ستكون أمام العالم والقانون الدولي والانسانية، شريكة في الدم وجزءً من آلة الحرب التركية، وداعماً للإرهاب الجهادي الذي يقتل البشر الأبرياء كل يوم، في كل مدن العالم.

أن التدخل التركي في المنطقة وإشاعة الحروب والفوضى خطر على ألمانيا أيضا. فتهديدات أردوغان بنقل الحروب الدينية إلى شوارع أوروبا ما زالت ترن في الآذان.

وتحريض أنقرة للمسلمين ضد الحكومة الألمانية، والتدخل الاستخباراتي في تجنيد الشباب المسلم، ونشر التطرف والفكر الجهادي، قائم منذ زمن.

إن الاسلام السياسي قوي في ألمانيا، وخرج من هذه البلاد المئات من الدواعش، وبعضهم موجود في سجون الإدارة الذاتية الديمقراطية، وهؤلاء قتلوا الأبرياء، وما يزالون يشكلون خطراً على العالم، بما فيه ألمانيا نفسها.

أننا ما زلنا نأمل ونتطلع دوراً ألمانياً بناءً في المساهمة في دعم تجربتنا في شمال وشرق سوريا. تجربة العيش المشترك والديمقراطية والتصدي للإرهاب وضمان حقوق المرأة والأقليات، وحماية البيئة.

نطالب بالضغط على الدولة التركية، فبرلين تمتلك أوراق ضغط كثيرة على الحكومة التركية، وهي قادرة على إحداث تغيير في سلوك الحكومة التركية، ودفعها إلى وضع حد لسياسة الفوضى والحروب والتدخل العسكري ودعم الجهاديين والإرهابيين.

ونناشد الأحزاب الديمقراطية وعموم مؤسسات المجتمع المدني والنقابات وجمعيات المرأة وحقوق الإنسان في ألمانيا، بالضغط على بعض الأوساط المشبوهة المرتبطة مع الدولة التركية، واللجوء لفضحها أمام الشعب الألماني، واللجوء إلى القضاء، بغية ثنيها عن مواصلة سياسة الحرب والإبادة التركية، والتوقف عن دعم الموقف التركي وتشجيع أنقرة على التدخل في شؤون الآخرين، ودعم الإرهاب والفوضى.

بدران جيا كرد