لكل السوريين

رغم الجهود الدولية.. أزمة النهضة تتعقد مجددا

يومًا بعد يوم تزداد أزمة سد النهضة تعقيدًا رغم المساعي الدولية لرأب الصدع بين الدول الثلاثة محل الخلاف مصر وإثيوبيا والسودان، ولكن دون التوصل لأي نتائج حقيقة ملموسة حتى الآن.

وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إن المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة الإثيوبي ليست مهمة سهلة، لكن الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق يربح فيه الجميع -إثيوبيا ودول المصب-، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي مراقب في المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان.

وأضاف بوريل: “صحيح أن هذا السد هو أحد الأصول الجيوستراتيجية للمنطقة بأكملها وبشكل أساسي لإثيوبيا، ولكن يجب أيضًا أخذ مصالح دول الجوار في الاعتبار”، لافتًا إلى أن الأمور يجب أن تتم بطريقة يمكن أن يستفيد منها الجميع.

ويشارك الاتحاد الأوروبي في المحادثات الثلاثية لسد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان كأحد المراقبين خلال الأشهر القليلة الماضية.

واستمرارًا لتحركات أديس أبابا يناقش البرلمان الإثيوبي مشروع قرار تقدمت به رئيسة لجنة الشؤون الإفريقية في البرلمان كارين باس، يطالب الحكومة باتخاذ “موقف عادل” في مفاوضات سد النهضة بما يحفظ حقوق كل من إثيوبيا ومصر والسودان.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “بلاك ستار” واسعة الانتشار، فقد عبرت كارين باس عن “قلقها” حيال الظروف التي صاحبت المفاوضات بين الأطراف الثلاثة، التي دفعت الولايات المتحدة إلى خفض المساعدات الخارجية لأديس أبابا، مشيرة إلى الأثر السلبي الذي يترتب على المجتمع الإثيوبي جراء ذلك.

وسبق هذه الخطوة إعلان رئيسة إثيوبيا سهلورق زودي، أن سد النهضة الذي شيدته بلادها على النيل الأزرق، سيبدأ توليد الكهرباء في غضون 12 شهرًا.

وقالت الرئيسة سهلورق زودي في كلمة أمام البرلمان: “هذا العام سيكون العام الذي سيبدأ فيه سد النهضة الإثيوبي العظيم في توليد الكهرباء من توربينين”.

وفي خطوة فسرها البعض بأنها مخاوف إثيوبية من رد الفعل المصري، قال رئيس هيئة الطيران المدني الإثيوبية وسينيله هونيجناو إن البلاد حظرت الطيران فوق السد الضخم “لاعتبارات أمنية”، وأوضح أنه تم حظر مرور جميع رحلات الطيران “لتأمين السد”.

كما وجهت وزارة الخارجية الإثيوبية، رسالة إلى الإعلاميين الناطقين باللغة العربية ممن يتناولون ملف سد النهضة الإثيوبي الكبير مع الجمهور العربي.

وبحسب وكالة الأنباء الإثيوبية “إينا”، وخلال اجتماع واسع النطاق، عُقد مع الإعلاميين الإثيوبيين الذين يتناولون ملف سد النهضة باللغة العربية، أشادت الوزارة بدورهم في توضيح موقف أديس أبابا.

ومن جانبه قال السفير الإثيوبي في مصر، ماركوس تيكلي ريكي، إن المفاوضات بين بلاده وبين مصر لم تفشل، مضيفًا: “لا يزال بإمكان الدول الثلاث التفاوض وإبرام الصفقة دون مشاركة أطراف أخرى، ما زلنا متفائلين بمواصلة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق”.

ويشجع مشروع القرار الاتحاد الإفريقي على مواصلة أداء دور بناء في المفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن عدم الإضرار بمصالح أي طرف من الأطراف.

ونشبت خلال الفترة الأخيرة خلافات مفاهيمية بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم حول عدد من القضايا، على رأسها إلزامية الاتفاق وآلية حل النزاعات.

حذر تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية من أن تتطور الخلافات الحالية حول سد النهضة إلى نزاع طويل الأمد بين البلدان الثلاثة إذا لم يتحرك المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة، لاحتوائه سريعًا.

وتصاعدت حدة الخلاف، لا سيما بين مصر وإثيوبيا قبل أشهر، مع إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بدء ملء خزان السد قبل الموعد المتفق عليه.

ومنذ أن بدأت إثيوبيا تنفيذ المشروع عام 2011، تباينت وجهات نظر البلدان الثلاثة حياله، ففي حين ترى أديس أبابا أنه يدعم تنمية المجتمعات المحلية ويزيد من الدخل القومي للبلاد، تتخوف القاهرة من أنه سيعمق أزمة المياه الخطيرة التي تعيشها.

أما بالنسبة للسودان، فيبدو موقفه في الوسط، إذ يمكن أن يستفيد من السد في الحصول على مصادر طاقة رخيصة تجنبه مشكلة النقص الكبير في الكهرباء، إضافة إلى حمايته من موجات الفيضانات المتكررة التي كانت أحدثها في آب/أغسطس الماضي، عندما اجتاحت مناطق واسعة من البلاد وأدت إلى مقتل أكثر من 100 شخص وشردت نحو نصف مليون.

ولكن من جانب آخر، يتخوف السودانيون من أن يؤدي السد إلى تأثيرات بيئية ضارة ونقص في مناسيب المياه.

وتوقفت المفاوضات في آب/أغسطس الماضي بعد أن فشلت جهود وساطة الاتحاد الإفريقي في دمج مسودات مقترحات كل من السودان ومصر وإثيوبيا المتعلقة بالتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد.

وتبني أثيوبيا السد على مسافة نحو 20 كيلومترًا من الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار، ويتوقع أن يكون عند اكتماله أكبر سد كهرومائي في القارة الإفريقية بطاقة توليد تصل إلى 6 آلاف ميغاوات.

وبدأت إثيوبيا في تشييد سد النهضة على النيل الأزرق منذ عام 2011، بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، التي تتجاوز 55 مليار متر مكعب سنويًّا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.

وفي 21 تموز/يوليو الماضي، أعلنت الحكومة الإثيوبية بداية الملء الأول لسد النهضة، قبل أن تعود وتقول إن ملء السد جاء على خلفية كثافة هطول الأمطار في الهضبة الإثيوبية مما ساعد في عملية ملء السد بصورة غير متعمدة، إلا أن إتمام عملية الملء الأولى لسد النهضة، دون التوصل لاتفاق مع مصر والسودان، أثار حفيظة الدولتين.

وعلى الرغم من توقيع إعلان للمبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، حول قضية سد النهضة في آذار/مارس 2015، الذي اعتمد الحوار والتفاوض سبيلًا للتوصل لاتفاق بين الدول الثلاثة حول قضية مياه النيل وسد النهضة، إلا أن المفاوضات لم تسفر عن اتفاق منذ ذلك الحين.

وكالة هاوار الإخبارية