لكل السوريين

لماذا نحتاج التعليم؟

الثقافة واللغة هما من أهم العوامل التي تدل على حقيقة الشعوب وتاريخهم، هذه العوامل لا يمكن لها أن تتحدد نتيجة ظروف معينة، ويتم تناول أجزاء منها على أنها تمثل ثقافة ولغة مجتمع أو شعب ما، إنها حقائق تاريخية غير جزئية كاملة متكاملة تدل على مدى الارتباط بالهوية، نسبة الحياة في هاذان العاملان هما الدلالة العامة لهوية الشعوب وحياتهم.

لذا؛ فإن الثقافة واللغة هما الأصل في الثورات، وفي مسار الحياة التي تتخذها الشعوب لضمان استمرارها في الثورة المجتمعية التي تناضل من أجل التغيير، لا مكان للتغيير الفعلي بدون أن يتم إحياء ما تم تدميره وحجزه وإنكاره، في شمال وشرق سوريا عانت مكونات شعبنا من هذه السياسات لعقود طويلة.

لقد تم فرض واقع تعليمي معين في سوريا، هدفه كان قائماً للحفاظ على شكل المنظومة المتجذرة في الواقع السوري والجاثمة على الحقائق التاريخية والثقافية والمجتمعية لعموم السوريين.

اليوم حينما يتم الهجوم على الواقع التعليمي في شمال شرق سوريا، هذا الهجوم لا يتم بالصدفة كما أنه لا يطالب بإجراء بعض التعديلات، والتغيير في هذا المشروع التعليمي التربوي المعتمد بغية تطويره في عموم شمال وشرق سوريا، كونه يأتي نتيجة حاجات ومتطلبات الشعوب، المشروع التربوي حالة طبيعية في الثورة الديمقراطية في مناطقنا من أجل نقل الحقائق الأصلية كما هي، واكتشاف مكامن التشويه والانحراف فيها.

الهجوم الذي يتم اليوم على هذه العملية يستهدف إنهاء هذا المشروع، الغاية من هذا التهجم هو الحفاظ على المسارات التعليمية، التي تمثل وجهات النظر لجهات معينة، لا التي تمثل حقيقة التاريخ والجغرافيا واللغة والثقافة وما إلى هنالك بما فيها الحقائق العلمية.

طبيعي أن يكون في شمال وشرق سوريا منهاج تعليمي، كون المنطقة تمر وتعيش بظروف ثورة تجهد لتحقيق التغيير وإحياء ما تم إنكاره، فإن كانت هذه الثورة تضع العملية التعليمية جانباً، فأيّ ثورة وتغيير سيكون في تاريخ هذه الثورة مستقبلاً؟.

العملية التعليمية الحقل الأسمى لإنجاح الثورة وتوثيقها، لو نلاحظ هذه المناهج يتم تعلمها بثلاث لغات، هذه حقيقة جديدة في سوريا، إذاً لماذا يتم محاربته؟ كما أن المشروع التعليمي في شمال وشرق سوريا، هو لبناء جيل يكون لديه إحاطة وعلم بما كان يحدث وأيضاً تلبية احتياجاته اللازمة دون تشويه أو خلط بالسياسة.

قد يمكن الحديث عن نقاط وملاحظات في أي مكان ما من الأماكن التي تحاول الثورة إحداث التغيير فيها، حتى إدارياً نحن عام بعد عام، نتلافى الأخطاء بالرغم من إننا لا زلنا نعيش الثورة، العملية الإدارية ليست كما كانت في الأعوام الأولى، والواقع التعليمي كذلك جزء من هذه الثورة، طبيعي وبغياب الكوادر التعليمية المتخصصة أن يكون هناك نواقص، خاصة في الجانب الكردي في شمال وشرق سوريا الذي كان كل شيء فيه ممنوعاً وخطراً.

لكن بالإجمال يتم تلافي الأخطاء وحجم الأخطاء لم يعد كما كان في البدايات مثلاً، علينا أن نميز بين من يريد تقييم الأخطاء وبين من يريد ألا تكون هذه المناهج موضحة للحقائق، التي تم حجبها عن الأجيال الماضية ويصرون على دوام عملية الحجب، هذه حتى الآن بالرغم من حجم التغيير الكبير والهائل في مختلف المجالات داخل سوريا والمنطقة.

علينا أن نتعاون في تبني الرؤية التي تخدم حاجة أطفالنا وطلابنا، أما الإجراءات المتعلقة بموضوع الشهادة الدراسية كما يحاول البعض تقديمها على إنها مسار عرقلة، فنحن منذ سنوات نناضل وعلى الأرض لم ننل حتى الآن ذلك الاعتراف الدولي الكافي.

بالرغم من ذلك نحن مستمرون في عملنا والإدارة تتطور وتخدم المنطقة وتحدّثها وتعالج فيها المعضلات، وعلى كافة المستويات، ذلك التأخير لا يؤثر على أدائنا، لكن منهجية العمل واستمراره هو شكل هام لتهيئة الأمور الموضوعية لكي يرانا العالم، العالم لا يرى من يجلس وينتظر حتى يراه.

لكن حجم العمل والإصرار عليه هو الذي يلفت نظر العالم ويدفعه للتمعن في مدى التطور المنجز ضمن الظروف الصعبة المحيطة وحالة الحرب، كيف يمكن للعالم أن يرانا بدون أن يكون لنا ساحة عمل وواقع عملي، كذلك العملية التعليمية لكي تصل للمستوى المطلوب، يجب أن تكون هنا كواقع تعليمي يتعاون فيه الجميع لتطويره والحفاظ عليه، ويراه الأهالي على أنه واقع يمثل حاجات أجيالهم وطموحاتهم، وكذلك ثورتهم الديمقراطية من خلال إرسال أولادهم والإصرار على تحقيق التطوير فيه، ومن كافة الجوانب لطالما هو مشروع للأهالي ولذويهم ولا يخدم أحداً سواهم.

آلدار خليل