لكل السوريين

الإدارة الذاتية ودمشق.. لماذا يسير التفاوض خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء؟

عُقدت عدة جولات للحوار والتفاوض بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، كما مر هذا الملف بحالة من المد والجزر بين التفاؤل والتشاؤم.

وعلى الرغم من ذلك فإن الحوارات السياسية لم تكتمل بين الطرفين، حيث دائمًا كانت الحكومة السورية وروسيا تطرح ملف التفاوض بالتزامن مع إطلاق الاحتلال التركي تهديدات بشن هجمات على المناطق في شمال وشرق سوريا، وتضع دمشق شروطًا تعجيزية أمام الإدارة الذاتية، وهي مرفوضة من قبل الإدارة.

يرى مدير مركز كرد بلا حدود أن حكومة دمشق تتهرب من الحوار بضغط إيراني – تركي، كما أن روسيا تحاول كسب الوقت حتى معرفة نتائج الانتخابات الأمريكية.

وبحسب المراقبين، فإن كلًّا من روسيا وحكومة دمشق تحاولان استغلال التهديدات التركية لشمال وشرق سوريا، لتكرار ما سمي بالتسويات التي أجريت مع المجموعات المرتزقة في المناطق السورية الأخرى، وذلك بالتفاهم مع تركيا.

وعاد التفاؤل نوعًا ما، بعد الزيارة التي أجراها وفد مجلس سوريا الديمقراطية إلى موسكو ووقع مذكرة تفاهم مع حزب الإرادة الشعبية، وأعقب ذلك لقاء بين وفد من مسد ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

إلا أن ذلك لم يدم طويلًا، حيث وخلال زيارة الوفد الروسي الأخيرة إلى دمشق وخلال مؤتمر صحفي للافروف ووزير خارجية حكومة دمشق وليد المعلم، وصف الأخير مذكرة التفاهم التي وقعت في موسكو بأنها غير دستورية.

وأعقب ذلك تصريحات لرئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد أشارت خلالها إلى أن الحوار مع حكومة دمشق صعب جدًّا.

كل هذه المعطيات تطرح عدة أسئلة حول أسباب امتناع حكومة دمشق عن القيام بتفاوض جدي مع الإدارة الذاتية، وحقيقة الموقف الروسي من هذه المفاوضات، ولمحاولة تحليل هذه المعطيات تحدث لوكالة أنباء هاوار مدير مركز كرد بلا حدود كادار بيري.

“تهرب من التفاوض”

بيري قال في بداية حديثه: “جدول المفاوضات بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية، تضمن أكثر من جولة، دائمًا النظام هو الذي كان يتهرب وبتصريحات علنية وواضحة، بينما الإدارة الذاتية كانت تصرح دائمًا بأنها على استعداد للحوار مع كل الأطراف السورية”.

وأوضح “في أكثر من مرة النظام رفض الحوار، أو وضع شروطًا تعجيزية وكأنه يريد العودة إلى ما قبل العام 2011 وطبعًا هذا من المحال أن يتم”.

وأضاف بيري “هذا النظام يرفض أي تقدم في المفاوضات، وجدنا خطواته هذه على جميع المسارات التي يحاول أن يفاوض من خلالها، وهو على العكس يريد المزيد من الوقت كي يعيد سيطرته على كامل سوريا والعودة إلى ما كان سابقًا، يساعده في ذلك الإيراني والروسي”.

كادر بيري رأى خلال حديثه “بالمحصلة سيكون هناك حوار، سيكون هناك نقاط تفاهم على الأقل عريضة، لأنه في الحقيقة النظام لا يمتلك قرارات نفسه، لا سياسيًّا ولا عسكريًّا ليس على الأرض ولا حتى في موضوع سيادة سوريا، لأن هناك جهات دولية تقرر عنه، وبحسب مصالح تلك الجهات يسير النظام، طبعًا يحاول النظام أن يدّعي بأنه طرف أساس ولكن هناك من يصدر له الأوامر وهو يأتمر بها ويتم تنفيذها”.

“مذكرة التفاهم كانت برعاية روسية”

وحول مذكرة التفاهم بين مسد وحزب الإرادة الشعبية قال بيري “الاتفاق الأخير الذي حصل بين مسد وحزب الإرادة الشعبية كان برعاية روسية، حاول السيد قدري جميل أن يتجنب هذا الموضوع بأنه لم يكن هناك أي ضغوط وبأن حوارهم فقط سوري – سوري، لكن الكل يعلم بأن الروسي أن لم يكن موافقًا على ما تم الاتفاق عليه لما سمح أن يكون الاتفاق في موسكو”.

وأضاف” تلا ذلك زيارة مباشرة من لافروف إلى دمشق، تم مناقشة مجمل القضايا لكن في العلن تحدثوا عن لجان استثمارية ولجان إعادة أعمار، طبعًا لا يمكن أن يكون هناك إعادة أعمار دون إيجاد حل في سوريا، وتحدث النظام عن استثمار فعن أي استثمار يتحدث وهو لا يمتلك من مصادر الطاقة التي هي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي حررتها من التنظيمات الإرهابية داعش وأخواتها ومن قاموا بتحرير تلك المناطق هم من يسيطرون عليها وهم من سيقررون كيف يتم استثمار تلك المنطقة في خدمة المجتمع السوري العام وفي خدمة سكان تلك المناطق تحديدًا”.

“روسيا تسعى لكسب الوقت وصولًا إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية”

وحول حقيقة الموقف الروسي قال كادار بيري “الروسي موافق على كل النقاط التي تم تداولها، هو طرح الموضوع بشكل مباشر على الأمم المتحدة عبر بيدرسن وأيضًا طرحه على دمشق”.

وأضاف “دمشق تتململ لأن هناك ضغوط إيرانية أيضًا عليها، لكن الروسي إلى اللحظة غير جاد بالشكل الكافي بالضغط على دمشق لأنه إن قرر تنفيذها فالنظام لا يملك إلا أن ينفذها، لكن الروسي أيضًا هو يريد كسب الوقت من ناحيتين، هو بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية، فإذا كانت فرص الفوز لبايدن، هو سيستمر بهذه الخطوة ويضغط على النظام لتكون هذه النقاط أساسًا للمفاوضات بين مسد ودمشق، وإن فاز ترامب، ربما روسيا نفسها ستتراجع لأن سياسيات ترامب تخدم مصالحها في سوريا وفي عموم الشرق الأوسط”.

“تركيا وإيران متضررتان من الحوار السوري

وحول الأطراف التي لا ترغب بنجاح التفاوض بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية قال بيري: “المتضررون من هذا الحوار هم عدة أطراف إقليمية تحديدًا هي إيران وتركيا، إيران مع دمشق مباشرة تضغط بأن لا يكون هناك أي اعتراف بالإدارة الذاتية، كي لا تنتقل العدوى إليها لأن إيران بالأساس هي خليط من نفس المكونات التي تعيش في هذه المنطقة، أما بنسبة لتركيا لديها حالة فوبيا من القوى الديمقراطية ولديها فوبيا خاصة من الكرد لأن التركي وبغبائه المعهود يعتقد بأن قيامة الكرد تعني نهاية الدولة التركية”.

“سياسيات حكومة دمشق ستجلب المزيد من الدمار”

مدير مركز كرد بلا حدود كادار بيري قيّم نتائج سياسات حكومة دمشق قائلًا: “كل السياسات التي قام بها النظام السوري منذ بداية الأزمة وحتى قبل ذلك بتعامله من الشعوب القاطبة في سوريا كانت خاطئة وديكتاتورية وهمجية، إنكار مبرمج للهويات وللقوميات وللثقافات الموجودة في سوريا، فرض العقلية البعثية الشوفينية بإصهار الجميع في اسم واحد ومكون واحد، فمع بداية الأزمة ازداد هذا النظام ديكتاتورية وعنجهية وظلم وتوغل في القتل، لم يكن هناك سياسات حكيمه لهذا النظام، وهو مستمر بهذه العقلية، لأنه ما زال يظن بأنه يمكنه العودة إلى ما قبل العام 2011”.

وأضاف “إن بقي النظام كذلك فهو ينهي نفسه ومن سار خلفه وأوهمهم بأنه على صح، هو يؤذي كل من مد له اليد سواء من القوى الإقليمية أو حتى داخليًّا ممن يناصرونه.

بهذه العقلية سيجلب المزيد من الهلاك والدمار لهذا البلد، وكل مكوناته لأن سياسات النظام تؤذي الجميع”.

واختتم كادار بيري حديثه قائلًا: “الكل يترقب نتائج الانتخابات الأمريكية، هذه الانتخابات جدًّا مهمة، لكن ما فهمنها عن قرب من سياسات الإدارة الذاتية بأنهم لا ينصاعون لأوامر أحد وأنهم دائمًا يفعلون ما هو في مصلحة الشعب السوري عامة ومكونات شمال وشرق سوريا خاصة”.

وكالة هاوار الإخبارية