لكل السوريين

كيفية حماية التراث

في أعداد سابقة من جريدة السوري كنا قد نشرنا أكثر من منشور عن التراث السوري وما هي أهمية التراث وطرق حمايته. اليوم ونتيجة للتعديات على المواقع والتلال الأثرية في غرب شمال سورية، وفي منطقة الرقة، من المرتزقة والعسكر، فقد رأينا ضرورة الحديث عن حماية التراث المحلي والعالمي.

ومن الضروري حماية التراث الثقافي والطبيعي وتطويره، وهو مجموع خبرات الإنسان في حياته، وتنبثق هذه الخبرات من تجاربه مع البيئة المُحيطة به، وبمن هم حوله من الأفراد والجماعات، ويرتبط التراث بماضي الإنسان ارتباطاً وثيقاً، كما يرتبط بالواقع الذي يعشيه وبمستقبله، ويُعدّ التراث حجر الأساس الذي تقوم عليه ثقافة الشعوب في تاريخها وحاضرها.

أهمية التراث يمنح التراث كلّ شعبٍ هويته التي تميزه عن غيره من الشعوب، كما يمنحها قيمتها الاجتماعيّة والفنيّة والعلميّة والتربويّة، وهو المكوّن الأساسي للحضارة؛ وذلك لكونه مجموعة من الخبرات المتراكمة على مر الأزمان والعصور؛ حيث يؤدي تراكم الخبرات وتجمعها إلى تكوين الذاكرة الجمعية، التي تجعل الأفراد يربطون بين خبراتهم السابقة والحاليّة؛ لذلك فإنّه حري بنا نحن شعوب سورية أن نحافظ على تراثنا ونحميه؛ حيث يؤدّي فقدانه وزواله إلى زوال هويتنا وفقدان ذاكرتنا، ويتنوع التراث بشكلٍ كبير، فمنه ما هو مرتبط بالعلم، ومنه ما يرتبط بالفن والأخلاق والعادات والتقاليد، وكما يرتبط التراث بالصناعات والمهن، ومنه ما هو مرتبط بالمعتقدات، وينتقل التراث من الماضي إلى الحاضر بجميع أشكاله وأنواعه عن طريق اللغة والتعليم وأنظمة المُحاكاة الحديثة.

حماية التراث: تعاونت الدول العربيّة منذ عام 1947م على إحياء التراث ولكافة المكونات الأخرى وتنشيطه والحفاظ عليه، واستُخدام الوسائل المُختلفة لنشره بين الناس قدر استطاعتها، وفي الحفاظ على التراث، من خلال مجموعةٍ من البرامج والمشاريع المُختلفة، إضافةً إلى المؤتمرات التي تبحث في شؤون التراث الثقافيّ والآثار.

حماية التراث الثقافي والطبيعي: اهتمت منظمات عالميّة عديدة بالتراث على المستوى العالمي، فقد شجعت منظمة اليونسكو على حماية التراث الثقافيّ والطبيعيّ؛ من خلال عقد اتفاقيّةٍ دوليّةٍ في عام 1972م والتي عُرفت باسم اتفاقيّة حماية التراث العالميّ الثقافيّ والطبيعيّ، كما انبثق عنها اللجنة الحكوميّة الدوليّة لحماية التراث الثقافيّ والطبيعيّ العالميّ، وصندوق حماية التراث الثقافيّ والطبيعيّ العالميّ، بالإضافة إلى وضع سياساتٍ وشروطٍ للمساعدات الدوليّة الخاصة بحماية التراث والحفاظ عليه.

ويتجسّد العمل على حماية التراث من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة بتعاونٍ مُنسّق بين المنظمات العالميّة، ومن الأمثلة على طُرق حماية التراث والحفاظ عليه: نشر الحرف التقليديّة القديمة من جديد، وعمل برامج خاصة تعترف بالحرفيين التقليديين وترفع من قيمتهم.

تنظيم وإعداد مشاريع وورش عملٍ تسعى لتعليم التراث والحفاظ عليه من الاندثار. عقد وإنشاء الدورات التدريبية في دور خاصة بهدف مناقشة القضايا المتعلقة بالتراث. إعادة تأهيل التراث والنهوض به من خلال تنظيم العلاقة بين السياسة الوطنيّة وخطة العمل وتنفيذ المشاريع.

أما بنود الاتفاقية المذكورة سابقاً فقد تضمنت ما يلي: يجب على كلّ دولةٍ تُمثّل طرفاً في الاتفاقيّة أن تتعهّد بحماية كلّ ما على أرضها من تراث وتنقله من جيلٍ إلى جيل، كما ويجب أن توظف كلّ ما لديها من موارد من أجل هذه الغاية، إضافةً إلى تقديم أيّ مساعدةٍ تقنيّةٍ وفنيّةٍ يمكن أن تعود بالفائدة على التراث والحفاظ عليه.

دمج حماية التراث في برامج شاملة، وإعطاء التراث الطبيعيّ والثقافي أهميته على أكمل وجه وتوظيفه بشكلٍ فعّال في المجتمع.

إعداد خدماتٍ تهدف إلى حماية التراث، وعمل أنشطةٍ تهدف إلى عرض وتقديم التراث إلى الأفراد مع توفير جميع السُّبل والمواد اللازمة لذلك. إنشاء مراكز وطنيّة أو إقليميّة تسعى لتدريب الأفراد على حماية تُراثهم وتشجيعهم على إقامة الأبحاث العلميّة المتعلقة به.

وضع خطط قانونيّة وعلميّة وماليّة وإداريّة تخدم حماية التراث والحفاظ عليه ونقله  من جيلٍ لآخر. اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تعرّض التراث للتهديد، كما يجب على الدولة أن تضع دراساتٍ علميّة وتقنيّة من شأنها أن تواجه الأخطار التي قد يتعرّض لها التراث.

وأن تتعهّد الدول الأطراف في الاتفاقيّة على عدم التعرض بشكلٍ سلبي لتراث دولةٍ أو إقليمٍ آخر يُعدّ طرفاً في الاتفاقيّة أيضاً.

جوانب التراث إنّ جميع أنواع التراث نتاج عن الحياة البشريّة، فهي خبرات تنتقل من السلف إلى من يخلفهم على الأرض، وللتراث جانبان أساسيّان هما: الجانب المعنوي، والذي يشتمل على العلوم والأدب والقيم والعادات، والجانب المادي ويشتمل على أشياء ملموسة، مثل الآثار والمباني، كما يشتمل على الأحداث التي تقع وتتناقل بين الناس، وبذلك فإنّ للتراث تأثيراً كبيراً في صنع الحاضر، وهو يتدفّق نحو المستقبل أيضاً.

حسب اتفاقيّة اليونسكو لعام 1972م المذكورة أعلاه، فقد تحدد التراث العالميّ بنوعين، هما: التراث الثقافيّ والتراث الطبيعيّ، أما التراث الثقافيّ فيشتمل على المعالم الأثريّة والمباني الفنيّة والتاريخيّة والمواقع الأثريّة، أو الأعمال الأثريّة الناتجة عن عمل الإنسان.

ويتميّز التراث بأنّه أقوى من الحاضر؛ حيث يضمن استمرارية الأمة ويُحقّق التوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل.

(مقتبس بتصرف)