لكل السوريين

مراسلون بلا حدود: سوريا تحتل المركز 177 في حرية الصحافة والتحديات لا تزال قائمة

تحتل سوريا مرتبة متأخرة في مؤشر حرية الصحافة العالمي الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، حيث جاءت في المركز 177 من أصل 180 دولة، ما يعكس استمرار التحديات والقيود التي يواجهها الصحفيون رغم التغيرات السياسية الجارية.

وشكل سقوط النظام السابق في كانون الأول الماضي منعطفاً مهماً في المشهد الإعلامي السوري، بعد عقود من القمع والسيطرة الأمنية على وسائل الإعلام. وقد سمح هذا التحول بعودة مؤسسات إعلامية كانت تعمل من الخارج، إلى جانب استئناف بعض وسائل الإعلام الدولية لنشاطها من العاصمة دمشق.

وخضعت الصحافة السورية خلال عقود لرقابة صارمة من نظام البعث، وتعرض العشرات من الصحفيين للاعتقال أو الاغتيال خلال فترة الحرب. ورغم ذلك، ما زال العاملون في الإعلام يواجهون صعوبات جمّة، سواء على مستوى الأمن الشخصي أو في بناء مؤسسات إعلامية مستقلة ومهنية.

وبينما أُلغيت القوانين القمعية التي كانت تُستخدم لتبرير الانتهاكات بحق الصحفيين، وأكد وزير الإعلام في سلطة دمشق، حمزة مصطفى التزامه بحرية التعبير، إلا أن جهات محلية ودولية حثّت على ضرورة تسريع صياغة دستور جديد يضمن الحريات الإعلامية ضمن نصوصه الأساسية.

ومن ناحية التمويل، يواجه الإعلام السوري تحديات كبيرة، إذ أن الكثير من المؤسسات فقدت مصادر تمويلها المرتبطة بالنظام أو بالجهات المانحة التقليدية، وسط غموض يكتنف مستقبل السوق الإعلامي من الناحية الاقتصادية.

ويبرز تحدٍ إضافي يتمثل في الانقسام الإعلامي الذي أفرزته سنوات الصراع، إذ يعمل عدد من الصحفيين المعارضين اليوم من دمشق، بعد أن كانوا يشكلون الإعلام البديل في مناطق خارج سيطرة النظام. هؤلاء يواجهون اليوم اختباراً جديداً: الانتقال من دور المعارض إلى دور الرقيب والمحاسب للسلطة الجديدة.

ورغم تراجع نسب القمع مقارنة بالسنوات الماضية، ما زالت المخاطر قائمة، خصوصاً بحق الصحفيات والصحفيين المنتمين إلى أقليات دينية. وتشير تقارير “مراسلون بلا حدود” إلى وجود 20 صحفياً ومساعداً إعلامياً واحداً رهن الاعتقال حتى لحظة إعداد التقرير.

في بيانها الصادر في أيار الجاري، دعت منظمة مراسلون بلا حدود سلطة دمشق إلى اتخاذ خطوات فعلية لحماية الصحفيين وضمان سلامتهم، خصوصاً مع استمرار التوترات الأمنية في بعض المناطق.

وبينما تُعد المرحلة الراهنة فرصة لإرساء دعائم إعلام حر ومهني في سوريا، إلا أن الطريق نحو تأسيس بيئة إعلامية آمنة ومستقلة لا يزال طويلاً، ويتطلب إرادة سياسية حقيقية وإصلاحاً قانونياً وهيكلياً شاملاً يضع حرية الصحافة في قلب مشروع التحول الديمقراطي.