أثارت دعوة رئيس سلطة دمشق، أحمد الشرع، للمشاركة في القمة العربية في بغداد، جدلاً في الأوساط السياسية العراقية، بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن توجيه دعوة رسمية له، وسط اعتراضات حادة من بعض أطراف “الإطار التنسيقي”.
وبحسب وسائل إعلام محلية، بدأت وزارة الخارجية العراقية توجيه الدعوات الرسمية إلى القادة العرب، تزامناً مع تصاعد التصريحات الرافضة لحضور الشرع من قوى وفصائل سياسية، في مقابل ترحيب واضح من جهات حكومية وأخرى سياسية.
وتشير مصادر سياسية إلى أن حالة الغضب داخل “الإطار التنسيقي” لا تتعلق فقط بدعوة الشرع، بل تعود أيضاً إلى الزيارة السرية التي أجراها السوداني إلى قطر ولقائه بالشرع هناك، حيث اعتُبرت خطوة تحمل أبعاداً سياسية تتجاوز التوافقات داخل الإطار.
وأعلن عدد من النواب العراقيين في البرلمان أنهم تمكنوا من جمع نحو 50 توقيعاً برلمانياً بشأن “سرية” زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى قطر ولقائه برئيس سلطة دمشق أحمد الشرع، كما دعوا إلى استصدار قرار برلماني يمنع مشاركة الشرع في القمة العربية المرتقبة في بغداد.
ورغم أن فصائل مسلحة وحزب “الدعوة الإسلامية” أبدت رفضاً صريحاً، فإن قوى أخرى ضمن الإطار، مثل تيار “الحكمة” وائتلاف “النصر”، التزمت الصمت أو أبدت قبولاً ضمنياً بالدعوة. ويُعد رئيس الوزراء السوداني من أبرز المرحّبين بمشاركة الشرع في القمة العربية.
وأصدر حزب “الدعوة الإسلامية” بياناً شديد اللهجة دعا فيه إلى مراعاة سجل الضيوف المدعوين للقمة، مشيراً إلى رفضه مشاركة من “استباح دماء العراقيين”، في إشارة إلى اتهامات وُجّهت سابقاً للشرع. لكن مراقبين أشاروا إلى أن البيان يعكس وجهة نظر الحزب فقط، لا موقفاً رسمياً يمثل الحكومة أو البرلمان.
كما أبدى قيس الخزعلي، أمين عام “عصائب أهل الحق”، تحفظه على توقيت الدعوة، محذراً من تداعيات قانونية محتملة في حال تنفيذ مذكرة توقيف، فيما سخر أبو علي العسكري، المسؤول الأمني في “كتائب حزب الله”، من حضور الشرع، معتبراً أنه “غير ضروري” لعقد القمة.
وتقول تقارير إعلامية إن دوافع رفض بعض القوى لدعوة الشرع ترتبط أيضاً بأهداف انتخابية، حيث يسعى بعض الزعماء إلى حشد الدعم الشعبي قبيل الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر المقبل، خاصة بعد أن فُسرت تحركات السوداني الأخيرة كجزء من محاولاته لنيل ولاية ثانية بدعم إقليمي.
ويرى مراقبون أن هذا التباين الحاد في المواقف يعكس صراعاً خفياً داخل البيت السياسي الشيعي، وتوجهات متناقضة حيال مستقبل علاقة العراق بسوريا والعالم العربي، وسط رغبة متزايدة من بعض الأطراف في تقليص النفوذ الإيراني وتعزيز الدور الإقليمي للعراق.