شكّل انفجار الموقف بين الأمن العام واللواء الثامن في درعا مفاجأة غير متوقعة، حيث كانت الأوضاع مستقرة في ظل استمرار المفاوضات بين ممثلي اللواء ووزارة الدفاع بشأن عملية دمجه في الجيش.
وبعد أيام من التوتر الأمني الشديد في بصري الشام بريف درعا الشرقي، أعلنت قيادة اللواء الثامن حله وتسليم عتاده العسكري إلى وزارة الدفاع، ليكون أول فصيل سوري يعلن عن حلّه رسمياً منذ سقوط النظام السابق.
وبعد يوم واحد نفّذ جهاز الأمن العام حملة مداهمات استهدفت عدداً من منازل المدينة التي تعود لقياديين سابقين في اللواء المنحل، أسفرت عن العثور على كميات من الأسلحة والذخائر وقامت بمصادرتها.
وأفاد مصدر محلي أن وزارة الدفاع سحبت آليات ثقيلة من دبابات وعربات مدرعة ومضادات من المعدات التي كانت تتبع للواء الثامن، واستلمت المقرات العسكرية والأمنية التي كان يشغلها في المدينة قبل أن يحل نفسه.
ودخل رتل جديد من قوات الأمن العام والجيش إلى المدينة وبدأ بالانتشار داخلها، بعد القرارات التي اتخذها الاجتماع الذي عقد في المدينة، وضم وجهاء من المنطقة مع مسؤول من دمشق.
احتواء الموقف
رغم حشد اللواء الثامن قواته في مداخل مدينة بصرى الشام، لمنع دخول رتل لإدارة الأمن العام إلى المدينة، إلّا أن الأمور لم تتفاقم عسكرياً، إذ دخل الرتل الأمني دون مواجهة بعد أن عقد قادة اللواء الثامن سلسلة اجتماعات في قلعة بصرى الشام، مع ممثلين عن الأمن العام ووزارة الدفاع السورية بحضور وجهاء من هيئة الإصلاح في حوران، تم خلالها الاتفاق على مجموعة من الترتيبات الميدانية لاحتواء التوتر في المدينة، وتفكيك نقاط اللواء العسكرية، وتسوية أوضاع موقوفين في مقار اللواء.
وحسب مصدر منه، تجاوب اللواء الثامن مع هذه الترتيبات، لاحتواء الموقف، وقرر تسليم كامل مقدراته العسكرية والبشرية لوزارة الدفاع السورية، في إطار عملية انتقال منسقة تشمل الأفراد والعتاد والنقاط العسكرية التابعة له، لمنع وقوع أي تداعيات عسكرية “قد تسفر عن مواجهات واشتباكات سيكون الخاسر الأكبر فيها أبناء المنطقة”.
وسبق أن طالبت قوات الأمن العام مجموعات تابعة للواء الثامن في بلدات صيدا والسهوة والجيزة وغباغب وخربة غزالة، بتسليم أسلحتهم الخفيفة للأمن العام، وتم تنفيذ ذلك في عدد من هذه البلدات.
صفقة غامضة
أكد مصدر مطلع أن الأردن لعب دوراً حاسماً في إيجاد حل توافقي بين الإدارة السورية وقيادة اللواء الثامن، لتجنيب المنطقة أي قصف إسرائيلي بسبب خرق أرتال الأمن العام حدود المنطقة المنزوعة السلاح التي رسمها نتنياهو في وقت سابق.
وكشف مصدر آخر وجود خطة معدّة للانقلاب على قيادة اللواء الثامن عبر اغتيال قائده أحمد العودة”، وأن الكشف عن هذه المحاولة من قبل جهاز أمن اللواء هو الذي شكّل الشرارة لانفجار المشهد.
وأشار المصدر إلى أن جهاز أمن اللواء كشف في الثامن من آذار الماضي وجود خطة لاغتيال العودة، من خلال استهدافه أثناء خروجه من مزرعته الكائنة في الحي الغربي في بصرى الشام، أو استهدافه في اشتباك مباشر، أو زرع عبوة ناسفة على طريق خروجه.
كما كشفت التحقيقات التي أجراها الجهاز عن تورط قيادي في اللواء مقرّب من العودة في مخطط الاغتيال، وأن مجموعة تعمل معه كانت مكلّفة بتنفيذ العملية وهو ما يشير إلى أن الهدف كان الانقلاب على قيادة اللواء الثامن ممثلة بالعودة، من أجل تفكيك اللواء ومنعه من الاستمرار كقوة نافذة.
يذكر أن تشكيل اللواء الثامن تم في ظل تفاهمات دولية وإقليمية خلال التسوية في الجنوب عام 2018، وأن قرار إخراجه من المشهد حالياً، بهدف إعادة ترتيب أوراق الجنوب السوري، تتم وفق تفاهمات مختلفة بعد سقوط النظام، وتزامن القرار مع الزيارة التي قام بها أحمد الشرع إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مما يشير إلى عدم غياب المظلة الإقليمية عن المشهد السوري.