لكل السوريين

حول الإرهاب الاقتصادي بحق السوريين جراء إحراق محاصيلهم وأرزاقهم وتدميرها

انعام إبراهيم نيّوف

يمثل  الإرهاب تهديدا وخطورة على امن وحياة البشر وحضارتهم، غير منضبط بقانون أو قيم أو أخلاق، يتسم بالعنف والاستخدام غير المشروع للقوة والبطش، وهو جريمة اعتداء مباشر على مجموعة من حقوق الإنسان الرئيسية  ويأتي في مقدمتها الحق في الحياة لما ينطوي عليه الإرهاب من قتل عشوائي, والحق في سلامة الجسد وحرية الرأي والتعبير, إضافة الى اشاعته للخوف والرعب, واكتساحه لمجمل الحقوق والحريات الأخرى: كالحق في التملك والتنقل والسكن والثقافة والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

إن الممارسات الإرهابية – أياً كانت صورتها – تتعارض مع مبادئ وأحكام القانون الدولي، وتنطوي على خرق للنظام الدولي ومساس بالصالح العام للمجتمع الدولي.

إن الإرهاب الاقتصادي له عدة أشكال وعدة صور، ويسبب خسائر اقتصادية تصيب الفرد والأسرة والمجتمع بالإضافة إلى الخسائر المعنوية, وأخطر أنواعه هو الجريمة بكافة أنواعها وأشكالها، وما تسببه من التخريب والتدمير للاقتصاد، و أن الإرهاب يقود إلى الحياة القاسية، ويسبب خسائر شتى: سياسية واجتماعية وسياحية واقتصادية، ومن أبرز تلك الخسائر: الخسائر الاقتصادية، والتي تتمثل بصفة أساسية في الخسائر الناجمة من تدمير الأبنية والسيارات والمحلات والمتاجر وتدمير المحاصيل الزراعية وحرق الأراضي والأشجار المثمرة وغير المثمرة، وما يؤدي الى ارتفاع تكلفة الأمن والأمان والتي كان يمكن توجيهها إلى التنمية ولرفع مستوى دخول الأفراد.

لقد نشبت حرائق هائلة في اوائل شهر أيار 2019 في المحاصيل الزراعية في عدة محافظات سورية. بعد أن شهدت عموم مناطق سورية ظروفاً مناخية استثنائية من ناحية كمية الأمطار التي ساهمت بشكل كبير في تحسين المواسم قياساً بالمواسم السابقة.

وبحسب تقديرات أولية، لمصادر حكومية وغير حكومية، متقاطعة، فقد تجاوزت خسائر الفلاحين السوريين أكثر من أربعة مليارات ليرة سورية نتيجة الحرائق التي تعرضت لها المحاصيل الزراعية في مختلف المناطق السورية. وإن مساحة الأراضي التي تعرضت للاحتراق، فقد توزعت على المدن التالية: ريف الحسكة، وريف القامشلي، ريف الرقة، والطبقة، وريف دير الزور، منبج، كوباني وريفها، ريف حماه، ريف حمص، ريف السويداء، وأسفرت الحرائق عن فقدان آلاف الأطنان من المحاصيل الزراعية.

ومنذ منذ أوائل أيار 2019 قامت قوات الاحتلال التركية والمسلحين السوريين المرتزقة المتعاونين معهم، بافتعال الحرائق في العديد من الغابات بقرى ونواحي مدينة عفرين وتقدر المساحة المتضررة بأكثر من 40الف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية ضمنها أشجار الزيتون والحراجية.

وحاول بعض الأهالي الوصول إلى مكان الحريق ومحاولة إخمادها بكافة الوسائل البسيطة كأكياس الخيش والتراب وأغصان الأشجار الخضراء، وذلك لأن صهاريج المياه لا يمكنها الوصول إلى تلك المناطق الحراجية، من جهة، واستهداف جيش الاحتلال التركي والمرتزقة المتعاونين معهم، بالأسلحة المتوسطة والرشاشات وأسلحة الدوشكا كل من يحاول إخماد الحرائق.

وقالت الأمم المتحدة إن الحرائق في سورية، تُهدد بتعطيل دورات الإنتاج الغذائي الطبيعية وربما تقلل من الأمن الغذائي لشهور قادمة. سواء كان الضرر متعمدا أو غير متعمد، فإن حرق المحاصيل على هذا النطاق سيؤدي إلى إتلاف التربة وسيكون له آثار ضارة على صحة المدنيين في المحافظة، حيث الأمراض التنفسية مرتفعة بالفعل في الجيب السوري الغربي المُكتظ. وقالت “ومع ذلك، فإن هذه ليست سوى بداية الصيف وإذا استمرت الحرائق فقد تؤدي إلى أزمة كبيرة”.

يكون الأمن الغذائي مضمونا عندما يكون بوسع كل الناس في كل الأوقات أن يحصلوا ماديا واقتصاديا على كميات كافية من الغذاء السليم والمغذي الذي يتيح لهم حياة صحية ونشيطة. ينص التقرير النهائي لمؤتمر القمة العالمي للأغذية لعام 1996 أن الأمن الغذائي ” يوجد حين يتمكن جميع الافراد في كل زمان من الحصول على الغذاء الكافي ماديًا واقتصاديًا، طعام آمن ومُغذي لتلبية احتياجاتهم الغذائية ولتوفير طعامهم المُفضل وذلك لضمان حياة فعالة وصحية.

حددت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، أربع ركائز للأمن الغذائي، هي: التوافر، والقدرة على الحصول عليه، والاستخدام، والاستقرار. وأعلن مؤتمر القمة العالمي للأمن الغذائي لعام 1996 أنه ” لا يجب استخدام الغذاء كأداة للضغط السياسي والاقتصادي”.  ان اهم تحديات الأمن الغذائي، هو غياب الأمان والسلام والاستقرار، تليه عوامل أخرى تتعلق بعدم: توفر المياه وتقلّبات المناخ وتغيّره وقلة الاهتمام بالأراضي وإهمالها تماماً أو تخريبها، وإصابة النباتات بالأمراض وعدم مكافحتها، وتفشي الفساد والظلم بين أفراد المجتمع، والتضخم السكاني الكبير.