لكل السوريين

ما الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري ولماذا أثار الأخير الجدل في سوريا

تتناول صحيفة السوري في هذا التقرير الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري من الناحية القانونية والصلاحيات الممنوحة للحكام، كما ستتطرق إلى أسباب إثارة الإعلان الدستوري الصادر عن سلطة دمشق الجدل في سوريا.

الإعلانات الدستورية غالباً ما تصدر عن سلطة أمر واقع، تنتج عن تغيير في النظام السياسي إن كان بثورة أو انقلاب أو تدخل عسكري خارجي بإحدى الدول، والإعلان الدستوري يعرف عادة بأنه وثيقة مؤقتة تصاغ اضطرارياً وتوضع لمواجهة ظروف وأحوال استثنائية تعصف بالبلاد.

ويهدف الإعلان الدستوري من الناحية القانونية إلى الحفاظ على الوحدة الإقليمية للبلاد واستقلالها وأمنها في الداخل والخارج، على اعتبار أن الظروف الاستثنائية العارضة التي تهدد أمن البلاد يمكن أن تشكل ذريعة أو مطمعاً لقوى خارجية أو داخلية تستهدف وحدة البلاد وأمنها واستقرارها.

وعلى عكس الدساتير الدائمة للدول والتي تتشعب إلى التطرق إلى كل شي يتصل بالدولة وطريقة إدارتها ونظام الحكم فيها والقوانين والمبادئ الأساسية والسلطات، فإن الإعلانات الدستورية تقتصر فقط على تحديد وتنظيم سلطات وصلاحيات واختصاصات وواجبات السلطات والمؤسسات والهيئات العامة في الدولة في مرحلة انتقالية يوجب الإعلان الدستوري تحديدها وإعلانها بشكل رسمي على وسائل الإعلام.

الإعلان الدستوري خيب الآمال

وأثار الإعلان الدستوري الذي أصدرته سلطة دمشق موجة من الانتقادات في الداخل السوري وفي إقليم شمال وشرق سوريا، ووصف الإعلان بأنه مخيب للآمال وكرر سياسة حزب البعث والنظام السوري السابق.

وقال الصحفي عمر محمد، إن المواد التي أثارت الجدل في سوريا كررت ذات الصياغة والبنود لدستور النظام السوري السابق وهو أمر مرفوض بالنسبة للسوريين الذين ثاروا ضد الاستبداد بينما ينتج الإعلان الدستوري مرحلة جديدة من الاستبداد.

وأضاف، أن تحديد دين رئيس الدولة ولغتها وقوميتها يتناقض فعلياً مع المادة الواردة في ذات الإعلان الدستوري الصادر عن سلطة دمشق بأن السوريين متساوون في
الحقوق والواجبات.

الإعلان الدستوري للشرع ودستور الأسد

اتفق الإعلان الدستوري الصادر عن سلطة دمشق مع الدستور الصادر عن النظام السوري السابق في عام 2012 على منح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، وجعله القائد العام للجيش والقوات المسلحة، أما صلاحياته فهي تتجاوز الصلاحيات التنفيذية إلى التشريعية.

كما مُنح الأسد والشرع إمكانية حل مجلس الشعب (البرلمان)، ولهما الحق في تعيين نائب لهما أو أكثر، وتحديد اختصاصاتهم وإعفائهم من مناصبهم، كما أن له الحق في تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وإعفائهم من مناصبهم، وإعلان حالة الحرب، وإعلان حالة الطوارئ وإلغائها.

وحدد الإعلان الدستوري للشرع ودستور الأسد الفقه الإسلامي مصدر رئيسياً للتشريع، واللغة الرسمية هي العربية، ودين رئيس الدولة هو الإسلام والاتفاق على تسمية الدولة بـ”الجمهورية العربية السورية”، في إقصاء واضح لبقية المكونات في سوريا ونخبها السياسية والخبرات الموجودة عندها وفي تجاهل واضح للتنوع العرقي والديني الذي تعيشه سوريا منذ مئات السنين.

المآخذ على الإعلان الدستوري

حُددت المدة الانتقالية في سوريا في الإعلان الدستوري بخمس سنوات وهي مدة طويلة حيث من النادر أن تصل الفترة الانتقالية إلى  هذه المدة، وحافظ الإعلان على  دين رئيس الجمهورية الذي ينبغي أن يكون مسلماً، وإبقاء الفقه الإسلامي مصدراً أساسياً للتشريع.

ورغم إقرار الإعلان الدستوري باحترام حرية الاعتقاد، وأكد على أن “الدولة تحترم جميع الأديان السماوية وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألا يخل ذلك بالنظام العام”، والإقرار باحترام الخصوصيات الثقافية، إلا أن اشتراط الاسلام كدين لرئيس الدولة، و الفقه الإسلامي مصدراً أساسياً للتشريع، يبعث على الكثير من المخاوف من اضطهاد المكونات الدينية الأخرى للشعب السوري، لا سيما أن معظم المسؤولين في سلطة دمشق خلال الوقت الحالي من خلفيات متشددة.

صلاحيات واسعة للرئيس

ومنح الإعلان الدستوري صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ويظهر ذلك من خلال منحه صلاحية تعيين المحكمة الدستورية من قبل رئيس الجمهورية، تعيين ثلث أعضاء مجلس النواب من طرف رئيس الجمهورية، وحصر السلطة التنفيذية في يد الرئيس بمبرر “المرونة”.

كما منح الرئيس خلال الفترة الانتقالية صلاحية تعيين عدد من أعضاء مجلس الشعب، مما يمكن اعتباره مجازفة بمصير سوريا، ووضع شق كبير من الصلاحيات بيد رجل واحد وهو ما أعاد فعلياً إنتاج الاستبداد رغم الادعاء السائد بإسقاطه خلال إسقاط بشار الأسد في كانون الأول الماضي.