تقرير/ أ ـ ن
كثرت الشكاوى والتذمرات الكتابية والشفوية من معاناة سكان بانياس وجبلة في المدينة والريف من التلوث الناتج عن المنشآت الصناعية الموجودة في بانياس ومن التلوث الذي بات يشكل كابوسا حقيقيا على السكان، وخاصة التلوث الناجم عن محطة توليد بانياس الحرارية وانتهاء بالتلوث الناجم عن مصفاة بانياس النفطية مرورا بالتلوث البحري الذي تسببه شركة نقل النفط، والتلوث الناجم عن الصرف الصحي الذي يصب في البحر على الشاطئ مباشرة وتلوث مكبات القمامة المنتشرة في الأرياف ودون أي تنظيم ولا ضوابط وتأثيراتها المرعبة على الينابيع ومصادر مياه الشرب، ومجابل الإسفلت في بانياس وجبلة، والتلوث الناجم عن السيارات التي تتوقف في كراجات الانطلاق المتوضعة على الكورنيش.
تواجه مناطق جبلة وبانياس تزايدا في عدد المصابين بالأمراض التنفسية الحادة، مع دخول فصل الشتاء واستخدام السكان لوسائل تدفئة ضارة وغير صحية، وأن الارتفاع بعدد الإصابات بالأمراض التنفسية، جاء مع تغيرات الطقس، أدت إلى زيادة واضحة في الأمراض الصدرية والتنفسية عند الأطفال، وأن الحالات الأكثر وضوحا، كانت لأطفال أصيبوا بضائقة تنفسية تترافق مع التهاب القصيبات الشعرية، خاصة لمن هم تحت سن الـ 6 أشهر، وأدى تسجيل عدد كبير من الإصابات بالأمراض التنفسية إلى إرهاق القطاع الطبي في بانياس وجبلة وريفهما، والى تحديات جديدة، بسبب نقص الإمكانيات والمعدات الطبية، ويوجد معاناة شديدة مع ضيق تنفس وحساسية في الجلد ومنطقة الصدر، مع زيارات متكررة لعدد من الأطباء والصيادلة، والأطباء ينصحون المرضى بالبعد عن الروائح بمختلف أنواعها، حتى عن روائح الطبخ، وتتفاوت كميات الأدخنة المتصاعدة، وأن تسرب الأدخنة مستمر على مدار الساعة، مهما كانت الكميات، وتتسلل إلى البيوت ولا يمكن الوقاية منها، لافي ايام الحر ولا أيام البرد بالصيف والشتاء، ما يجعل المواطنين تحت تهديد المرض والأوبئة، وتزيد الأمراض من ثقل الحياة المعيشية مع ارتفاع تكاليف الأدوية والطبابة، في ظل البطالة التي يعاني منها معظم السكان، وتزايد عدد المصابين بالأمراض التنفسية الحادة، مع دخول فصل الشتاء واستخدام السكان لوسائل تدفئة ضارة وغير صحية.
السيد فيصل وهو مهندس في مؤسسة المياه بجبلة أشار إلى أن نبع السن الذي يغذي الساحل مهدد بالتلوث من خزانات المازوت الموجودة فوقه وحوله، وأضاف ان النفط يلوث البحر ويقضي على نسبة كبيرة من الأسماك، والقمامة ترمى في الطرقات، وبعض القرى في الريف تحولت إلى مستنقعات ملوثة، ولا توجد فيها مياه للشرب رغم وجودها قرب السن، ولا بد من معرفة كميات الغازات والشحار تنفثها المصفاة أو المحطة الحرارية يوميا، وبالتالي سنعرف نسب التلوث في بانياس وريفها وجبلة وريفها، لأن الناس على قناعة أن الأمراض التي تزداد (سرطانات -قلب وغيرها) سببها التلوث المتزايد، وأوضح بضرورة وضع دفاتر شروط قاسية جدا أثناء اجراء مناقصات لتنظيف خزانات النفط في المصفاة أو شركة نقل النفط لأن الشروط الحالية لا تؤدي إلى حماية كافية للبيئة من كافة الجوانب، لكن نظرا لعدم إمكانية تجاوز المظهر السلبي لآثار الرماد الناتج على الأبنية والمرافق المختلفة والذي يتعارض والطبيعة السياحية للمنطقة فإن موضوع معالجة الملوثات الغازية يبقى محافظا على ضرورته وأهميته، ومن الضروري أيضا وضع آلية فعالة للمراقبة البيئية في إطار خطة شاملة للتقليل من الانبعاثات الملوثة للهواء والالتزام بإجراء تحاليل دورية لتلوث الهواء باستخدام الطرق والوسائل الحديثة في التحليل لاعتمادها في تطبيق اجراءات المعالجة المناسبة من خلال المحافظة على أفضل الشروط التشغيلية.
السيدة منال وهي مهندسة زراعية في زراعة بانياس اشارت الى أن الزراعات المحمية تشكل خطرا كبيرا فالمبيدات تصل للفلاحين بعيدا عن الرقابة الزراعية، ومع ذلك يقولون إننا بحاجة ماسة لإنتاجها وهناك تلوث من الحدائق غير النظيفة، والقرى تتعرض للتلوث الناتج عن المنشآت الصناعية أكثر من مدينة بانياس ومع ذلك فإن هذه المنشآت لا تقدم أي مساعدات مالية لتلك القرى كما هو الحال بالنسبة لمدينة بانياس.
السيد صلاح وهو طبيب من جبلة أشار قائلا: من خلال عملي كطبيب داخلية قلبية أؤكد أن التلوث أكبر من أي تصور، فأينما ينظر الإنسان يلاحظ الغازات المنبعثة والدخان الأسود (الشحار) وأينما يقف يستنشق روائح كريهة صادرة عن المصفاة أو المحطة ونقل النفط، واكد أن التلوث الناجم عن المصفاة أو المحطة واقع ملموس ولا يمكن انكاره ببعض العبارات ولا سيما أن أمراض السرطانات وأمراض القلب تزداد بين سكان مدنيتي بانياس وجبلة وريفهما، ولم تعط الجهات الحكومية المعنية الاهمية لقضية التلوث، المزيد من الاهتمام والدعم المادي، والبيئة ليست سليمة في هذه المناطق والتنمية تحتاج لمنشآت صناعية وغيرها لكن يفترض أن يتم اختيار مواقع المنشآت بشكل مدروس من كافة الجوانب ولابد من تأمين الوسائل الكفيلة بالحد من التلوث الناجم عن المنشآت القائمة في بانياس مثل الفلترة إضافة لاستمرار الجهود لإنجاز المشاريع الاستراتيجية التي من شأنها القضاء على التلوث، وأشار إلى ضرورة تطبيق قانون البيئة وإحداث محاكم لتطبيق هذا القانون.