لكل السوريين

السرطان.. مرض قاتل وهاجس يلاحق المتعافين

حاوره/ مجد محمد

يشير السرطان إلى أي مرض ضمن عدد كبير من الأمراض التي تتميز بتطور خلايا شاذة تنقسم بطريقة لا يمكن السيطرة عليها ولديها القدرة على التسلل وتدمير أنسجة الجسم الطبيعية، وتكون للسرطان في كثير من الأحيان القدرة على الانتشار في جميع أنحاء الجسم، فالسرطان هو السبب الرئيس الثاني للوفاة في العالم، لكن معدلات البقاء على قيد الحياة تتحسن لأنواع كثيرة من السرطان بفضل التحسينات التي تشهدها طرق الكشف عن السرطان وعلاجه والوقاية منه.

وللحديث عن هذا الموضوع وفي هذا الصدد عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الطبيب المقيم والذي يختص حالياً في أمراض الأورام، باسل رنجوس، ودار الحوار التالي:

*دكتور باسل مرحباً بك، بداية ما هي الأعراض التي تظهر على مصاب السرطان؟

أهلاً وسهلاً بك، تختلف العلامات والأعراض الناتجة عن السرطان تبعاً للجزء المصاب من الجسم، وتتضمن بعض العلامات والأعراض العامة المرتبطة بالسرطان، ولكنها ليست خاصة به، مثل الإرهاق، ووجود كتلة أو منطقة سميكة يمكن الشعور بها تحت الجلد، وتغيرات في الوزن، ويشمل ذلك زيادة أو فقدان غير مقصود للوزن، وتغيرات في الجلد، مثل اصفراره أو اسمراره أو إحمراره، أو الإصابة بتقرحات لا تلتئم، أو ظهور تغيرات في الشامات الموجودة، وتغيرات في عادات التبرز والتبول، وسعال مستمر أو صعوبة في التنفس، وصعوبة في البلع، وبحة الصوت، وعسر الهضم المستمر أو الشعور بالانزعاج بعد الأكل، وألم مستمر مجهول السبب في المفاصل أو العضلات، وحمى أو تعرق ليلي على نحو مستمر وبلا سبب معروف، ونزيف أو كدمات بلا سبب معروف.

*علمياً، ما هي أسباب الإصابة بالسرطان بمختلف أشكاله؟

يحدث السرطان بسبب حدوث تغيرات أو طف

رات في الحمض النووي داخل الخلايا، فيتجمع الحمض النووي الموجود داخل الخلية في عدد كبير من الجينات الفردية، ويحتوي كل منها على مجموعة من التعليمات التي تخبر الخلية بالوظائف التي يجب أن تؤديها، بالإضافة إلى كيفية نموها وانقسامها، ويمكن أن تؤدي الأخطاء في هذه التعليمات إلى توقف الخلية عن أداء وظيفتها الطبيعية، وقد تسمح للخلية بأن تصبح سرطانية، فقد تعمل الطفرة الجينية على توجيه إحدى الخلايا السليمة إلى السماح بالنمو السريع، فقد تؤدي الطفرة الجينية إلى نمو إحدى الخلايا وانقسامها على نحو أسرع، ويؤدي ذلك إلى إنتاج العديد من الخلايا الجديدة التي تحتوي جميعها على الطفرة نفسها، وفشل في وقف النمو غير الطبيعي للخلايا، تعرف الخلايا الطبيعية الوقت الذي تتوقف فيه عن النمو بحيث يكون لديك العدد الصحيح من كل نوع من أنواع الخلايا، بينما تفقد الخلايا السرطانية أدوات السيطرة (الجينات الكابتة للورم) التي تحدد لها وقت التوقف عن النمو، وتسمح الطفرة داخل الجين الكابت للورم باستمرار نمو الخلايا السرطانية وتراكمها.

*لماذا تحدث هذا الطفرات الجينية التي تتحدث عنها؟

من الممكن أن تحدث الطفرات الجينية لعدة أسباب، منها فعلى سبيل المثال، الطفرات الجينية التي ولدت بها، قد تولد بطفرة جينية ورثتها عن والديك، وهذا النوع من الطفرات يكون مسؤولاً عن نسبة صغيرة من أنواع السرطان، والطفرات الجينية التي تحدث بعد الولادة، فتحدث معظم الطفرات الجينية بعد الولادة ولا تكون وراثية، وهناك عدد من العوامل التي يمكنها التسبب في حدوث طفرات جينية، مثل التدخين والتعرض للإشعاع والفيروسات و

المواد الكيميائية المسببة للسرطان (المواد المسرطنة) والسمنة والهرمونات والالتهابات المزمنة وعدم ممارسة الرياضة، وتحدث الطفرات الجينية على نحو متكرر أثناء نمو الخلايا الطبيعي، لكن الخلايا تحتوي على آلية يمكنها التعرف على وقت حدوث الخطأ وتصلحه، وعلى الرغم من ذلك، قد تفشل هذه الآلية في التعرف على الأخطاء من حين لآخر، وقد يتسبب ذلك في أن تصبح الخلية سرطانية.

*ما هي عوامل الخطر التي يجب حسبانها في مرض السرطان؟

على الرغم من أننا نحن الأطباء لدينا فكرة عما قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، إلا أن غالبية أنواع السرطان تصيب الأشخاص الذين ليس لديهم أي عوامل خطر معروفة، وتتضمن العوامل المعروفة بأنها تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، مثل العمر فقد تستغرق الإصابة بالسرطان عقوداً، ولهذا السبب فإن معظم المصابين بالسرطان يبلغون من العمر ٦٥ عاماً أو أكبر، ورغم أن السرطان أكثر شيوعاً بين كبار السن، فإنه لا يقتصر على البالغين فقط، و

يمكن تشخيص الإصابة بالسرطان في أي عمر، والعادات الحياتية، فهناك أنماط حياة معينة معروف أنها تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، ومن العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالسرطان التدخين، وشرب أكثر من مشروب كحولي يومياً للنساء أو أكثر من مشروبين كحوليين يومياً للرجال، والتعرض المكثف للشمس أو حدوث قرح متكررة من حروق الشمس، والبدانة، وممارسة الجنس غير الآمن، وكذلك تاريخ العائلة الصحي يلعب دوراً، فهناك أنواع قليلة من السرطان تكون ناتجة عن حالة وراثية، فإذا كان السرطان شائعاً في عائلتك، فمن المحتمل أن تكون الطفرات قد انتقلت من جيل إلى جيل، وقد تكون مرشحاً لإجراء اختبار الجينات لمعرفة ما إذا كنت قد ورثت طفرات قد تزيد من خطر إصابتك بأنواع سرطان معينة، ولكن ضع في اعتبارك أن وجود طفرة جينية موروثة لا يعني بالضرورة أنك ستصاب بالسرطان، وأيضاً الظروف الصحية، فقد تزيد بعض الحالات المرضية المزمنة، مثل التهاب القولون التقرحي، من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان على نحو ملحوظ، فيجب التحدث إلى الطبيب بشأن مدى الخطورة التي قد يتعرض الشخص لها، وكذلك البيئة المحيطة.

فقد تحتوي البيئة المحيطة بالشخص على مواد كيميائية ضارة يمكنها زيادة خطر الإصابة بالسرطان، وحتى إذا كان لا يدخن، فقد يكون معرضاً للتدخين السلبي إذا ذهبت إلى مكان يدخن فيه الناس أو إذا كنت تعيش مع شخص يدخن، كما أن المواد الكيميائية الموجودة في منزلك أو مكان عملك، مثل الأسبستوس والبنزين، ترتبط أيضاً بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.

*ما هي المضاعفات التي تنتج عن مرض السرطان؟

الألم، فقد يتسبب السرطان أو علاجه في شعور المريض بالألم، ورغم ذلك ليست كل أنواع السرطان مؤلمة، وقد تعالج الأدوية والأساليب الأخرى بفعالية الألم المصاحب للسرطان، والارهاق تتعدد أسباب شعور الأشخاص المصابين بالسرطان بالإرهاق

، ولكن يمكن علاجه غالباً والإرهاق المصاحب للعلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي من الأمور الشائعة، لكن عادةً ما يكون مؤقتاً، و قد يسبب السرطان أو علاجه الشعور بضيق في التنفس، وقد تخفف العلاجات هذه المشكلة، والغثيان فقد تسبب بعض أنواع السرطان وعلاجاته الغثيان، ويستطيع الطبيب أحياناً أن يتنبأ بما إذا كان من المرجح أن يتسبب العلاج في شعورك بالغثيان أم لا، وقد تساعد الأدوية والعلاجات الأخرى على منع الغثيان أو الحد منه، وكذلك الإسهال أو الإمساك فقد يؤثر السرطان وعلاجه في الأمعاء وقد يسبب الإسهال أو الإمساك، وفقدان الوزن فقد يسبب السرطان وعلاجه فقدان الوزن، فهو يسرق الطعام من الخلايا الطبيعية ويحرمها من العناصر المغذية، وهذا النوع لا يتأثر عادة بعدد السعرات الحرارية أو نوع الطعام الذي يتم تناوله، ومن الصعب علاجه، وفي معظم الحالات، لا يساعد استخدام التغذية الاصطناعية من خلال الأنابيب إلى المعدة أو الوريد على تقليل فقدان الوزن، والتغييرات الكيميائية في جسمك، فقد يتسبب السرطان في اختلال التوازن الكيميائي الطبيعي في جسمك وزيادة احتمال الإصابة بمضاعفات خطيرة، وقد تتضمن المؤشرات والأعراض الخاصة باختلال التوازن الكيميائي العطش الشديد وكثرة التبول والإمساك والارتباك، ومشكلات الدماغ والجهاز العصبي، فقد يضغط السرطان على الأعصاب القريبة وقد يسبب الألم وفقدان وظائف جزء من الجسم ويمكن أن يسبب السرطان الذي يؤثر في الدماغ الصداع ومؤشرات وأعراضاً تشبه السكتة الدماغية، مثل الشعور بالضعف في جانب واحد من الجسم، والتفاعلات غير الطبيعية للجهاز المناعي مع السرطان، ففي بعض الحالات، قد يتفاعل الجهاز المناعي للجسم مع السرطان من خلال مهاجمة الخلايا السليمة، ويمكن أن تؤدي هذه التفاعلات النادرة جداً التي تسمى متلازمات الأباعد الورمية إلى مجموعة من المؤشرات والأعراض، مثل صعوبة المشي والنوبات المرضية، وانتشار السرطان فمع تفاقم السرطان، قد ينتشر (ينتقل) في أجزاء أخرى من الجسم، ويعتمد مكان انتشار السرطان على نوع السرطان.

*ختاماً، الهاجس هو عودة السرطان لنفس الشخص مرة أخرى، ما رأيك..

نعم، غالباً ما يتعرض الناجون من السرطان لمخاطر تكرار الإصابة بالسرطان، ومن المرجح أن بعض السرطانات تعاود الظهور أكثر من سرطانات أخرى، فهنا يجب الاستمرار بالتواصل مع الطبيب المشرف، فنحن كأطباء نضع خطة للناجين من السرطان، ويمكن أن تتضمن هذه الخطة إجراء فحوصات واختبارات دورية خلال الشهور والسنوات التالية للعلاج من أجل الكشف عن مخاطر تكرار الإصابة بالسرطان.