لكل السوريين

مستويات غير مسبوقة.. أزمة مياه تحيق بريف حماة

تقرير/ جمانة الخالد

تشتد أزمة نقص المياه في سوريا يومًا بعد آخر، وينخفض منسوب المياه إلى مستويات غير مسبوقة، وجفّت مصادر مياه رئيسة وأخرى في طريقها إلى الجفاف، وأسهمت أطراف الصراع بتدمير البنية التحتية التي كانت توفر خدمات المياه، فمنذ عام 2011، بدأت تبرز قضية المياه كأحد أهم التحديات للسكان المدنيين، بعد أن استخدمتها أطراف الصراع أداة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية.

واعتبر المؤشر العالمي لمخاطر الصراع لعام 2022، أن سوريا أكثر البلاد عرضة للجفاف في منطقة البحر المتوسط، وحذرت الأمم المتحدة من أن موجات الجفاف في هذه المنطقة ستزداد طولاً وشدة، وأصبح الحصول على مياه صالحة للشرب يشكل تحديًا لملايين السوريين.

وتعد سوريا واحدة من بين 25 دولة (تضم حوالي ربع سكان العالم)، تتعرض حالياً لإجهاد مائي مرتفع للغاية سنوياً، ما يعني أنها تستخدم أكثر من 80% من إمداداتها المائية المتجددة لأغراض الري وتربية الماشية والصناعة والاحتياجات المنزلية، وحتى الجفاف القصير الأمد يعرض هذه الأماكن لخطر نفاد المياه.

ويعاني سكان ريف حماة الشمالي، حالة قلق وتخوف إثر جفاف مصادر مياه ري أراضيهم المتمثلة بالمياه الفائضة عن حاجة الشرب بالنسبة للينابيع، ومياه الآبار العشوائية التي تحولت إلى مصدر رئيس لمياه الري خلال السنوات العشر الماضية.

عانت سوريا من ثلاث موجات جفاف منذ عام 1980، جاءت أشدها ما بين 2006 و2010، وتوصلت دراسة لوكالة ناسا الأميركية إلى أن الجفاف الأخير الذي بدأ عام 1998 في منطقة شرقي البحر الأبيض المتوسط، والتي تضم سوريا والأردن ولبنان وفلسطين وقبرص وتركيا، من المحتمل أن يكون أسوأ جفاف خلال القرون التسعة الماضية.

ولا تولي الحكومة قضية تأمين مياه السقاية أو الشرب في محافظة حماة أي اهتمام، رغم توسع الجفاف الذي ينال من الآبار والينابيع، ووصوله إلى مستويات مهددة لفقدان المياه.

وبات مزارعو ريف حماة يتخوفون على مصير مياه الآبار، ولكنها عادت في شتاء 2018، ورغم أن المزارعين لم يعودوا يعتمدون عليها في السقاية، ويقدر عدد الآبار المخالفة في محافظة حماة أكثر من أربعة آلاف بئر، أسهمت في جفاف 13 نبعًا بالمحافظة، في حين قدّر مزارعون وجود أكثر من عشرة آلاف بئر عشوائية في المنطقة.

وفي ريف حماة الشرقي، يعمل 29 مشروعًا فقط في وحدة مياه “صبورة” التابعة لمنطقة سلمية من أصل 88 مشروعًا معطلًا في المنطقة، بسبب الجفاف أو الدمار نتيجة العمليات العسكرية، وسط عجز مؤسسات المياه عن تأمين البدائل.

وأدى الجفاف بالفعل إلى تراجع الزراعة ورفع أسعار الغذاء وقد استوردت سوريا القمح في عام 2008 بعد سنوات من تصديره خلال فترة التسعينيات.

ووفقاً لمنظمة “الفاو” عانى قطاع الزراعة السوري من خسائر تقدر قيمتها بـ 16 مليار دولار بين عامي 2011 و2016 وتراجع قطاع الزراعة بنسبة 40% ما أدى إلى غلاء الأسعار وجعل نصف السكان تقريباً على حافة المجاعة.

لم يقتصر أثر جفاف الينابيع والآبار على الزراعة فقط، إنما طال مياه الشرب أيضًا، فبعد جفاف الينابيع منذ مطلع حزيران الماضي، اتجه عدد من السكان لاستخدام مياه الآبار رغم مخاطرها الصحية، في ظل غلاء تكاليف الحصول على مياه الشرب.

وفي آب 2021، حذرت منظمات إغاثة دولية من أن ملايين الأشخاص في سوريا والعراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، بسبب قلة هطول الأمطار والجفاف.

وبحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” عن المنظمات، فإن الدولتين بحاجة إلى تحرك سريع لمكافحة النقص الحاد في المياه، كما سيؤدي الجفاف أيضًا إلى تعطيل إمدادات الكهرباء، إذ يؤثر انخفاض مستويات المياه على السدود، ما يؤثر بدوره على البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المرافق الصحية.