لكل السوريين

محكمة العدل الدولية تدين إسرائيل.. وتسجل سابقة تاريخية هامة

أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، وصوتت بأغلبية كبيرة من أعضاء لجنتها، لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا في ملف ادعائها، باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة.

وشكلت محاكمة إسرائيل سابقة تاريخية هامة، فهي المرة الأولى التي تقف فيها دولة الاحتلال في قفص الاتهام، واعتبرت بداية النهاية لوضعها فوق القانون الدولي، وتحصينها ضد القرارات الدولية من قبل الدول المساندة لها، منذ قيامها على أرض فلسطين عام 1948.

وأدخل قرار المحكمة دولة الاحتلال بأزمات داخلية، وأحرج الدول التي تدعمها بالسلاح، حيث ستعتبر هذه الدول مشاركة في جريمة الإبادة الجماعية في حال استمر دعمها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على ذلك الدعم ويحد منه، وحتى لو لم يتم ذلك، فمن المتوقع أن يتصاعد حراك الشارع في هذه الدول ويصبح مؤثرا مع مرور الوقت.

ومع أن إسرائيل لن تلتزم بمطالب المحكمة، كعادتها برفض القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ولكنها وضعت تحت الرقابة والرصد، ومن المتوقع أن يقوم المجتمع الدولي بجهود سياسية ودبلوماسية من أجل الضغط على الولايات المتحدة لتضغط بدورها على إسرائيل، وتوقف تزويدها بالأسلحة لحملها على وقف الحرب على غزة.

قرار المحكمة يربك إسرائيل

تباينت الآراء في إسرائيل حول قرار المحكمة بين اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي هاجمها واعتبرها معادية للسامية، وبين شخصيات وسطية وقانونية رأت أنها اتخذت قراراً متوازناً لأنها قبلت التداول في دعوى جنوب أفريقيا، ولم تطلب وقف العمليات العسكرية في غزة.

وهاجم نتنياهو القرار قائلاً “الادعاء بأن إسرائيل تنفذ جريمة إبادة شعب هو ليس كذباً فحسب، بل مثيراً للامتعاض، واستعداد المحكمة للتداول فيه هو وصمة عار لن تمحى لأجيال”.

وأصدر تعليماته إلى وزرائه بالامتناع عن التعليق على قرارها.

ولكن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف، سارع إلى اتهام المحكمة بأنها “معادية للسامية”.

وقال في بيان “لا يجب الاستماع إلى القرارات التي تهدد استمرار وجود دولة إسرائيل، علينا أن نواصل هزيمة العدو حتى النصر الكامل”.

وعلق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية على قرار المحكمة بقوله “على قضاة لاهاي القلقين على سكان غزة دعوة الدول لاستقبالهم، والمساعدة في بناء غزة”.

بينما وصفت شخصيات قانونية إسرائيلية قرار المحكمة بالمتوازن، واعتبرت تحذيرات المحكمة إلى إسرائيل، ستضطرها إلى وقف عدد من عملياتها الحربية التي يمكن أن تتحول إلى اتهامات بإبادة شعب، رغم أن المحكمة لم تصل إلى حد إصدار أمر بوقف الحرب.

 

 

ردود الفعل

توالت ردود الفعل الدولية على قرار المحكمة، ورحبت به معظم الدول العربية والإسلامية، وقال الاتحاد الأوروبي إنه “يتوقع تنفيذاً كاملاً وفورياً وفعالاً لقرارات محكمة العدل الدولية بشأن اتخاذ إجراءات فورية في غزة”.

وجاء في بيان مشترك لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل والمفوضية الأوروبية “قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة للأطراف وعليها الالتزام بها، ويتوقع الاتحاد الأوروبي تنفيذها الكامل والفوري والفعال”.

ولكن الردود العملية التي ذهبت باتجاه تفعيل قرار المحكمة، جاءت من للأمم المتحدة والجزائر، حيث أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن الأمين العام للأمم سيحيل “فورا” الإخطار بالتدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية إلى مجلس الأمن، وأشار إلى أن قرارات المحكمة ملزمة وتوقّع من جميع الأطراف الامتثال لها وتنفيذها.

كما وجًه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، البعثة الدائمة لبلاده بالأمم المتحدة، بطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي في أقرب وقت لإعطاء صيغة تنفيذية لقرارات المحكمة.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها “إن البعثة الدائمة للجزائر بالأمم المتحدة تلقت توجيهات من قبل تبون، بطلب اجتماع لمجلس الأمن الدولي بقصد إعطاء صيغة تنفيذية لقرارات المحكمة المفروضة على إسرائيل والمتعلقة بالإجراءات المؤقتة والاستعجالية المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي”.