لكل السوريين

“الجبنة صارت حلم”.. ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته وسط سوريا

تقرير/ بسام الحمد

لم تسلم أي سلعة في الأسواق من تأثير قرار رفع أسعار حوامل الطاقة، إذ أثر ارتفاع أسعار المازوت والبنزين مؤخرا على كل شيء. وكان الحليب ومشتقاته والأجبان وغيرها في مقدمة المواد التي ارتفعت أسعارها، مما دفع “جمعية الألبان والأجبان” بسوريا إلى المطالبة بتسعيرة أسبوعية، منعا لحدوث أي فوضى بالأسعار أو التسبب في خسارة للمنتجين.

مسلسل ارتفاع الأسعار في سوريا ما زال مستمرا ولن ينتهي ما دامت أسبابه الحقيقية مستمرة أيضاً. لم تعد هناك قائمة أسعارٍ مستقرة في عموم أنحاء البلاد، حيث يتم تعديل قائمة الأسعار لجميع السلع بشكل دوري وشبه أسبوعي تقريبا، وهذه العملية هي في الدرجة الأولى نتيجة عدم الاستقرار سعر الصرف، وكذلك قرارات الحكومة الأخيرة برفع أسعار المواد الأساسية والمشتقات النفطية.

وارتفعت أسعار الحليب ومشتقاته والألبان في وسط سوريا بنسبة تراوحت بين 35 بالمئة إلى 40 بالمئة، حيث وصل سعر كيلو الحليب إلى 6 آلاف ليرة، وسعر كيلو اللبن إلى 7 آلاف ليرة، وكيلو الجبن 35 ألفا، فيما تستهلك دمشق وريفها الحليب بين 75 و100 طن يوميا.

حيث زادت ساعات التقنين وقلة حوامل الطاقة من شركة “سادكوب” وأثرت بشكل كبير على عمل الحرفيين، ولم يحصل الحرفيون على المازوت والغاز الصناعي إلا بنسبة 35 بالمئة فقط من المخصصات الكاملة، حيث أن التسعيرة الموجودة حاليا لا تراعي الحرفي والمستهلك، ومنذ خمسة أشهر لم تحصل الجمعية على تسعيرة.

يقول بعض المواطنين، بخصوص هذه الأسعار، إن أسعار الأجبان والألبان لا تتناسب مع دخل الأسرة السورية، لضعف قدرتها الشرائية، مضيفين “قدرتنا الشرائية تسمح بشراء اللبنة بالطبق فقط، بل أصبح الشراء بالكيلو فقد بات من المنسيات في ظل هذا الغلاء الفاحش. في حين بيّن آخرون أن الأسعار أصبحت لا تُحتمل، والجبنة “نسيناها من زمان”، ونشتري أحيانا بعض القريشة واللبنة من أجل وجبات الفطور.

أسعار الأجبان ازداد بنسبة 28.9 بالمئة، فقد ارتفع سعر 25 غراما منها من 563 ليرة أول تموز/يوليو، إلى 725 ليرة الآن. بينما ارتفعت تكلفة البيض بمقدار 26.5 بالمئة، حيث انتقلت تكلفة 50 غرام منه يوميا من حوالي 944 ليرة سورية في تموز/يوليو، إلى 1.194 ليرة.

فيما يخص أسعار الحليب والألبان والأجبان، فقد سجل سعر كيلو الحليب 5500 ليرة، وكيلو اللبن 800 غرام، 6000 ليرة، وكيلو اللبنة البلدية 38 ألف ليرة.

اللبنة العادية بـ 25 ألف ليرة، والجبنة المشللة نحو 60 ألف ليرة سورية، والجبنة البلدية بـ 40 ألف ليرة، مع التذكير بأن هذه الأسعار غير ثابتة وتختلف من منطقة لأخرى لجهة أنها قد تكون أغلى، وقد تزداد مع سعر الصرف.

لم يعد من المبالغة القول إن تحضير وجبة إفطار متكاملة تشمل اللبنة والجبن والبيض والزعتر والزيتون باتت من ذكريات الزمن الجميل عند نسبة كبيرة من الأُسر السورية، حيث إن نسبة كبيرة من السوريين في الداخل كانوا يشترون الحليب والأجبان بالغرامات، ولا يُستبعد اليوم أن تختفي هذه الأكلات الشعبية الشهيرة من موائد السوريين، بعد موجة الغلاء الأخيرة، وسط تدني المداخيل.

بالتالي، فإن عزوف الأُسر السورية عن تقنين الغذاء أصبح أكثر احتمالا من أي وقت مضى. على سبيل المثال، لن يتمكن الكثيرون من وضع العديد من الأطباق التي اعتادوا تناولها في فطور الصباح، مثل اللبنة والجبن والبيض والزعتر والزيتون.

في ظل هذا الارتفاع بأسعار المواد الغذائية ولا سيما الضرورية منها، يبدو أن هناك حالة من عدم اكتراث من قِبل الجهات الحكومية، بما يمكن أن يفعله المواطن للتّكيف مع الأسعار الجديدة، فالحكومة تكتفي بقرارات رفع الأسعار وتترك المواطن إلى مصيره.

بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأكلات الشعبية، فقد أصبح “الفطور الجماعي” الذي اعتادت العائلات السورية على تنظيمه يوم الجمعة من كل أسبوع، يشكل عبئا اقتصاديا على السوريين، حيث اتجهت معظم العائلات السورية إلى إلغائه أو على الأقل الاستغناء عن التنوع الذي كان يتمتع به هذا الفطور سابقا.