لكل السوريين

حليب الأطفال مفقود وسط سوريا.. ما السبب؟

تقرير/ جمانة الخالد

في وقت تتصاعد فيه الأحداث والتحديات في سوريا، يتجلى تأثير قلة توفّر حليب الأطفال بشكل مؤلم وواضح. حيث تُعد أزمة حليب الأطفال في حمص وحماة واحدة من أخطر الأزمات التي يواجهها السكان، وتفاقم الوضع بشكل كبير مع انقطاع الإمدادات وندرة توفّره مؤخرا. حيث تحولت وسط سوريا إلى ساحة للبحث عن حليب الأطفال، وهذا المشهد المألوف للكثيرين يجسّد حجم التحدي الذي يواجه الآباء والأمهات يوميا.

حليب الأطفال موجود في سوريا وبانتظار رفع الدعم الكُلي، يشد الانتباه إلى واقع مأساوي يعيشه الأطفال في سوريا، إذ إن مسألة حليب الأطفال ليست مجرد تجربة يومية للبحث عن بضع عبوات، بل هي قضية تمسّ الحياة والصحة المستقبلية للأجيال الصاعدة.

رحلة البحث عن علبة حليب بدأت من جديد، ولا بوادر لتوفّره في المدى المنظور، وتعتبر هذه الأزمة من أخطر الأزمات بسبب فقدان الأطفال أساس غذائهم من دون وجود أي بديل لهم.

بدت حص وحماة وكأنها تشهد أزمة حليب الأطفال والتي بدأت تتفاقم بشكل كبير ولاسيما أن معظم الصيدليات تشهد انقطاعا لجميع أنواعه، وذلك في مشهد يتكرر منذ مدة طويلة، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن الأسباب الحقيقة لفقدان المادة. لكن بحسب عدد من الصيادلة أكدوا انقطاع حليب الأطفال وأن الكميات التي تصلهم قليلة جدا ولا تغطي حاجة السوق، لكن الحقيقة هو احتكار التجار للحليب من أجل رفع الدعم عنه.

يتوفر الحليب الإيراني حاليا هو النوع المجفف الذي يتم تجفيفه بالرش أو التجميد لزيادة مدة صلاحيته وتقليل حجمه ووزنه. وذلك لأن الحليب الإيراني من أهم المواد المدعومة من قبل الحكومة السورية، والتي تصل إلى سوريا عبر شركات إيرانية خاصة أو عبر منظمات إيرانية.

في صيدليات حمص فُقدت أغلب الأنواع للأعمار من شهر إلى السنة، وأيضا حليب “نان” مقطوع بشكل كامل ولم يتم توزيعه منذ فترة على الصيدليات، حيث يتعمد التجار ذلك من أجل الضغط على الحكومة لرفع الدعم كليا عن منتجات حليب الأطفال.

سعر حليب “نان” و”كيكوز” وصل إلى 85 ألف ليرة، أما باقي الأصناف لمن تجاوزت أعمارهم من سنة إلى خمس سنوات فوصلت لأرقام خيالية، فقد بلغ سعر كيس حليب “النيدو” زنة 900 غرام اليوم نحو 190 ألف ليرة وهو غير متوافر، في حين كان سعره منذ شهر 100 ألف ليرة سورية، وكيس “النيدو” 350 غراما أصبح بسعر 12 ألف ليرة سورية، بعد أن كان بـ  7500 ليرة، أما سعر 350 غراما من “حليبنا” فوصل إلى 50 ألفا، وحليب “غودي” و”جينا” كذلك الأمر.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت قد حددت في بداية العام حليب “نان” من فئة 1 و 2 للصيدليات بسعر 18800 ليرة، وحليب “كيكوز” بسعر 15300 ليرة، لكن بسبب صعوبات التحويلات المالية وأجور الشحن على عملية استيراد حليب الأطفال من الخارج لم يلتزم التجار بهذه التسعيرات.

حليب الأطفال بات تحت رحمة تجار السوق والذين قاموا بتحويله لتجارة رابحة بالنسبة لهم مستغلّين حاجة الأهل لهذه المادة واستحالة الاستغناء عنها. فالطفل السوري، الذي يجسّد المستقبل والأمل، يجد نفسه اليوم تحت ضغط العديد من العوامل، ومن أبرزها الاقتصاد غير المستقر وتداعياته. وتجار المواد الأساسية يتحكمون بأسعار وتوافر هذه المواد، مما يعرّض الأطفال وأسرهم لظروف صعبة ومحددة تقرر مصيرهم.

إن سيطرة التجار على لقمة عيش الأطفال هي عبارة عن ظاهرة تشير إلى استغلال وانتهاك حقوق الأطفال السوريين من قبل شبكات الاتجار، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، فإن نحو 300 ألف طفل سوري يتعرضون للاستغلال.

الأطفال في سوريا باتوا يواجهون تحديا كبيرا فيما يتعلق بتأمين مستلزماتهم الأساسية، حيث إن هذه المستلزمات ليست في متناول الجميع. وذلك بسبب الظروف القاسية التي يمرّ بها البلد، إذ ترتفع تكاليف هذه المستلزمات يوميا بشكل ملحوظ. وهذا يضع العديد من الأُسر في موقف صعب، حيث يجدون صعوبة في تلبية احتياجات أطفالهم بشكل كافٍ وملائم.