لكل السوريين

معاناة اللاجئين السوريين في تركيا.. قديمة ومستمرة

ما تزال الحملة الأمنية “ضد الهجرة غير الشرعية” التي بدأها النظام التركي خلال الأسابيع الماضية مستمرة.

ورغم أن هذه الحملة تستهدف المخالفين من عدة جنسيات حسب زعم السلطات التركية، فقد كانت معظم حالات الترحيل خلال الفترة الماضية من اللاجئين السوريين، حسب ما وثّقت منظمات حقوقية دولية، وأكدت أنه تم ترحيل بعض السوريين لكونهم يحملون “بطاقة حماية مؤقتة” صادرة عن ولاية غير التي يعيشون فيها.

وعلى مدى الأشهر الماضية كان المرحّلون من تركيا ينقلون في الغالب إلى مناطق بريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب، دون أن يترك لهم اختيار الوجهة التي يريدونها في شمال سوريا.

ومع تصاعد الممارسات العنصرية التركية ضدهم، وتزايد عمليات ترحيلهم تحت مسمى العودة الطوعية، يجد اللاجئون السوريون أنفسهم محاصرين بين خيار البقاء المحفوف بالمتاعب والمخاطر في تركيا، أو الهجرة إلى دول أخرى، وهو أمر غير ممكن في ظل التعقيدات التي تفرضها الدول الأوروبية في وجههم، وصعوبة الحصول على حق اللجوء من خلال سفاراتها الموجودة في تركيا، أو العودة إلى مناطق تفتقر إلى الحدود الدنيا للمعيشة والأمان في الشمال السوري.

نموذج حلب

ذكرت صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة أن رئيس النظام التركي وجه تعليماته لتنفيذ ما أطلقت عليه “نموذج حلب” الذي يهدف لإعادة اللاجئين إلى ديارهم بموجب خطة “إحياء الحياة الاقتصادية والتجارية في المناطق المحررة شمالي سوريا، والسماح لرجال الأعمال بمن فيهم الأتراك في المحافظات الحدودية بافتتاح منشآت ومصانع هناك لخلق فرص عمل”.

ووفقاً للنموذج الذي تحدثت عنه الصحيفة “ستعمل تركيا على فتح الأعمال التجارية في مناطق آمنة بريف حلب الشمالي، وجزء من ريفها الشرقي، لتوفير فرص العمل للراغبين بالعودة”.

وبناء على التعليمات الصادرة عن أردوغان في هذا الإطار، شُكلت آلية ثلاثية من وزارة  الداخلية التركية، وحزب العدالة والتنمية الحاكم وكتلته النيابية في البرلمان، لتنفيذ هذه الخطة.

وأضافت الصحيفة أن “تركيا تتفاوض مع روسيا والنظام السوري بشأن هذه المسألة، وتحاول أنقرة تنشيط الحياة الاجتماعية والتجارية من خلال التركيز على حلب، بالإضافة إلى المناطق الآمنة”، وأشارت إلى أن “إحياء حلب سيسمح بعودة مئات الآلاف من السوريين الذين يعيشون في تركيا إلى بلادهم”.

معاناة قديمة ومستمرة

يعاني اللاجئون السوريون في تركيا من التمييز والملاحقة في ظل حملات مستمرة تهدف إلى إعادتهم إلى بلدهم تحت مزاعم “العودة الطوعية”

وأشارت بيانات رسمية نشرها معبر تل أبيض الحدودي مع تركيا إلى أن الشهر الماضي شهد “عودة 1838 سورياً بشكل طوعي” إلى داخل المدينة.

وشككت منظمات حقوقية بذلك، وأشارت إلى إن عملية الإعادة كانت قسرية، وذكرت أن من بين اللاجئين السوريين الذين تمت إعادتهم من كان يمتلك بطاقة حماية مؤقتة، ومع ذلك تعرضوا للاعتداءات النفسية والجسدية من قبل بعض موظفي مراكز الترحيل لإجبارهم على التوقيع على أوراق العودة الطوعية.

وكان خطاب العنصرية تجاه اللاجئين السوريين قد تنامى في تركيا خلال الانتخابات التركية الأخيرة التي استخدم فيها المرشحون والأحزاب التركية ملف عودة اللاجئين السوريين ورقة سياسية للفوز في الانتخابات.

وبعد بقاء رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان على كرسي الحكم، تفاءل معظم اللاجئين السوريين بتحسن أحوالهم، ولكن موجات العنصرية ضدهم  تفاقمت سواء من قبل المتعصبين الأتراك أو السلطات الرسمية التركية.

وباتت الهجمات المعادية للسوريين أمراً شائعاً، وانتشرت مؤخراً مقاطع فيديو تظهر حملات لإزالة العبارات العربية عن لافتات المحلات التجارية التابعة للسوريين، وتعرًض لاجئ سوري للضرب في إحدى حافلات النقل العام لأن هاتفه المحمول باللغة العربية.

يذكر أن مواقع التواصل والمواقع الإخبارية السورية رصدت عدة حوادث في إسطنبول وأنقرة وولايات أخرى، تعرض خلالها لاجئون سوريون للطعن أو القتل أو الاعتداء الجسدي بسبب دوافع عنصرية يغذّيها التحريض الإعلامي التركي ضدهم، كما حدث في شانلي أورفا حيث قام أحد اللاجئين باقتراف جنحة وجدها المحرّضون فرصة سانحة للتعبير عن غضبهم من وجود اللاجئين، والدعوات إلى معاقبتهم بشكل جماعي وطردهم من البلاد.