لكل السوريين

كيف اصبحت الرياضة السورية بعد عقد ونيف من الأزمة

تقرير/ حسين هلال

لم تتأثر الرياضة السورية شانها كبقية القطاعات الاخرى نتيجة الحرب الكونية التي شنت على سوريه فقط , بل دفعت أثماناً باهظة على كافة الأصعدة لان الحروب لا تميز بين الرياضة وأرض المعركة حيث تحولت البلاد كلها تقريباً إلى ساحة معركة فوصلت الصواريخ والقذائف إلى اماكن اللعب.

فكانت الملاعب ومقرّات الأندية عرضة لاستهداف الجماعات الإرهابية تضرّر جزء كبير منها على غرار ملاعب الحمدانية في حلب والعباسيين والفيحاء في دمشق وكافة المدن الرياضية  في جميع المحافظات التي دمر بعضها بشكل كلي.

وقدّمت الرياضة السورية الكثير من  الشهداء والجرحى من لاعبين ومدربين واداريين ومشجعين ونتيجة لما اصاب الملاعب والصالات من اضرار لم تعد صالحه للاستخدام,  وهذا الامر انعكس سلبيا  على النشاط الرياضي بشكل عام الذي توقف لفترة من الزمن ولم تقتصر الخسائر فقط علي الجانب الفني بل امتد ليشمل الجانب المالي حيث كان يستفاد من تلك المنشآت كمداخيل ماديه من جراء استثمارها لتغطية نفقات مشاركة الاندية بالأنشطة الرياضية , ومستلزمات الالعاب والفرق الرياضية من تجهيزات ورواتب وحوافز للرياضيين والمدربين.

في حين ان المنشآت الرياضية التي لم تتعرض للأذى لم يعد يستفاد منها ايضا للاستخدام الرياضي كونها اصبحت مراكز لإيواء للنازحين,  فمعَ تصاعد العنف تدريجياً اضطر الآلاف للنزوح من مدنهم إلى أماكن أكثر أمناً,  فكانت المدينة الرياضية باللاذقية بملاعبها ومنشآتها أحد الأماكن التي استضافت الهاربين من رحى الحرب في حلب وإدلب، وحدث الامر نفسه في المنشآت الرياضية بالحسكة وحماه والرقة.

كذلك توقفت معظم البطولات المركزية المعتاد اقامتها بشكل سنوي نتيجة عدم مشاركة معظم المحافظات فتقلصت المشاركات السورية في البطولات العربية والقارية بسبب العقوبات وعدم الاستعدادات الجيدة لهذه البطولات.

ولعل كرة القدم اللعبة الاكثر شعبية في سوريا كانت هي الاكثر تضررا من ازمة الحرب فقد غابت معظم النشاطات وخاصة المتعلقة  بالفئات العمرية وتم تغيير شكل الدوري كما كان معمول به سابقا نتيجة دمار الملاعب، وغياب الامن في بعض المحافظات وتم اختصار الدوري على شكل تجمعات اقيم القسم الاكبر منه في دمشق لتوفر الملاعب، وتراجع المستوى الفني لمعظم الاندية  بشكل واضح,  وابتعدت الجماهير الرياضية عن متابعة مباريات الدوري مما ادى الى غياب المال من ريوع المباريات الذي كان هو العصب الرئيسي الذي يوفر للأندية بناء البنى التحتية للعبة، وتامين الرواتب وغيره من العوامل الرئيسية في استمرار نشاط كرة القدم وتطورها نحو الامام,  وهذا ما افتقدته الاندية منذ  بدء ازمة  الحرب  حيث غابت عقود الرعاية الضخمة عن الدوري السوري لسنوات وبذلك فقدت الأندية موردا  هاما لخزينتها,  كذلك فقدت سورية  موارد رئيسية اخرى من شأنها حل جزء كبير من مشكلات كرة القدم بعد تجميد الاتحاد الدولي “فيفا” الأموال المخصصة لسورية وهي نوعان أموال سنوية يجب استهلاكها كل عام، وأخرى مستحقات متراكمة تصل قيمتها الي ملايين الدولارات وهو مبلغ يمكنه أن ينتشل كرة القدم السورية من واقعها الحالي, ويضعها في أول السكة الصحيحة فيما لو تم استخدام هذا المبلغ بالشكل الصحيح.

ولم  يقتصر الأمر على تجميد الأموال الخاصة باتحاد كرة القدم السورية، فهناك الأموال المجمدة للأندية السورية والتي تكسبها من مشاركتها الخارجية وهي تقدر ايضا بالملايين,  حيث لم تتمكن هذه الأندية من الحصول على مستحقاتها بسبب فرط الامتثال للعقوبات,  فالبنوك ترفض إجراء التحويلات لحساب البنوك في سورية والبنوك في الخارج لا تفتح حسابات للأندية السورية بسبب العقوبات.

وكان من الممكن الاستفادة من بعض الأموال المجمدة  بتغطية  تكاليف تنقل وسفر للمنتخب السوري خلال اقامة المباريات بعد عقوبة حرمان المنتخب السوري من اللعب على ارضه, حيث لم يكن  يوجد طيران احبني يقلع من دمشق نتيجة العقوبات فكان المنتخب يضطر للسفر الى بيروت للاستفادة من تلك الاموال وذلك يستغرق الكثير من الوقت.

وهذا يعني أن الرحلة التي تكون مدتها ساعتين في حال انطلقت من دمشق ستتحول إلى 10 ساعات، فيصل اللاعبون إلى وجهتهم مرهقين من السفر, وهذا ما انعكس سلباً على أداء اللاعبين في مبارياتهم خلال تصفيات كأس العالم الأخيرة.

كذلك ادت ضعف الحالة المادية للأندية  لهجرة معظم  نجوم كرة القدم الى الدول العربية بحثا عن تامين لقمة العيش مما انعكس ذلك سلبا على مستوى الاندية في، الدوري السوري ولم تستطع الاندية سد فراق الذين هاجروا الى خارج سوريا.

ورغم الوضع المأساوي لكرة القدم نتيجة ازمة الحرب التي استمرت عدة سنوات، وقد ادى ذلك الى تراجعها وخروجها من التصفيات المتعلقة بكاس اسيا والعرب بنتائج مخيبه اكثر من مرة  مما ادى الى اعفاء اتحاد كرة القدم اكثر من مره نتيجة التراجع الذي اصاب اللعبة في سوريا لكن رغم النكسات المتكررة لا بد من الإشارة الى ان المنتخب السوري كاد ان يفجر مفاجأة عندما وصل لدور الملحق لتصفيات كاس العالم لعام 2018 عندما خسر امام استراليا بصعوبة بالغة بنتيجة 2\1، بعد ان تعادلا ذهابا1/1، وقبلها في عام 2012 عندما فاز ببطولة غرب آسيا التي جرت في الكويت.