لكل السوريين

الأزمة السياسية في العراق تزداد تعقيداً..واحتمالات حلّها ضبابية

تقرير/لطفي توفيق

 

دخلت الأزمة السياسية في العراق مرحلة جديدة باعتصام أنصار التيار الصدري في البرلمان، ولم تعد مرتبطة برفض أو قبول مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء، أو بالجمود السياسي الذي تعاني منه البلاد بسبب إخفاق القوى السياسية في اختيار رئيس للجمهورية ورئيس لمجلس الوزراء فقط.

ولكنها تطورت إلى صراع بين طرفين داخل المكون الشيعي في البلاد، أحدهما يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، وآخر يحاول فرض واقع جديد من خلال ضغط الشارع وحشد الأغلبية.

حيث جاء اقتحام الصدريين للمجلس النيابي بعد أيامٍ من تسريب “تسجيلات المالكي” التي كشف فيها عن استعداده للمواجهة المسلحة لإخراج التيّار الصدري وزعيمه من المعادلة السياسية.

وأثناء رئاسته للوزراء قاد نوري المالكي معارك شرسة ضد التيار الصدري وجناحه العسكري “جيش المهدي” سقط خلالها المئات بين قتلى وجرحى، وعمّقت الشرخ بين الطرفين، والصراع على زعامة البيت الشيعي في العراق.

وبدوره يرفض الصدر رئاسة المالكي لأي حكومة عراقية جديدة، بما يشير إلى أن تصفية الحسابات العالقة بين الطرفين منذ تلك الفترة وما بعدها، قد بدأت الآن.

دعوات خارجية للحوار

أكدت السفارة الأميركية في بغداد دعمها “للدعوات الأخيرة التي تحث جميع الأطراف على المشاركة في حوار وطني بناء يمكن أن يؤدي إلى تهدئة التوترات الحالية”.

وجددت تشجيعها لجميع الأطراف على الالتزام باللاعنف وسيادة القانون في ممارسة حقوقهم الدستورية.

واعتبرت إيران أن التطورات الأخيرة في العراق، “شأن داخلي” يجب حلّه بالحوار.

وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية على أن إيران “تحترم خيار الشعب العراقي وتؤكد أن الحوار هو الطريقة الأمثل لحل الخلافات الداخلية في العراق”.

وبدوره أكد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة احترام حرية التعبير والتجمع السلمي في العراق، وأشار إلى أن الأمم المتحدة دعت باستمرار إلى أن تكون المظاهرات في العراق سلمية، وحثت على تعاون الجهات الأمنية مع حكومة العراق لضمان سلمية المظاهرات وحماية مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية، والتعامل مع أي انتهاكات أمنية بطريقة فعالة ومناسبة مع ضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.

وأخرى داخلية

دعا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ومجلس القضاء في العراق القوى السياسية إلى الحوار، وطالب مصطفى الكاظمي بتشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كل الأطراف لوضع خارطة طريق لحل ما تشهده البلاد من أزمات.

واعتبر رئيس هيئة الحشد الشعبي المنخرطة في الإطار التنسيقي أن حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة سيكونان حلاً في حال اتفاق جميع الكتل والأطراف السياسية الأخرى.

ورحَّب رئيس ائتلاف النصر بدعوات الحوار، وقال في تغريدة “لقد دعوت للحوار والتفاهم مراراً، واليوم أجدد الدعوة وأبارك وأدعم أي تفاهمات للحل أياً كانت نتائجها، ما دامت تحفظ أمن واستقرار العراق وشعبه ورفاهية مواطنيه”.

كما جدد رئيس تحالف الفتح، دعوته للتيار الصدري والإطار التنسيقي بضبط النفس وتقديم مصلحة البلاد.

ودعا الطرفين إلى “تقديم مصلحة البلاد والعباد من خلال الحوار الجاد والبناء، للتوصل إلى حلول لنقاط الاختلافات فيما بينهما”.

وسبق أن دعا رئيس إقليم كردستان لحل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد عبر حوار مفتوح يجمع الأطراف المتخاصمة.

الصدر يرفض الحوار

رفض الزعيم مقتدى الصدر الدعوات التي طالبت بالحوار وقال “لا فائدة ترجى من الحوار خصوصاً بعد أن قال الشعب كلمته الحرة العفوية”.

وأكد الصدر على أنه لن يكون للوجوه القديمة مهما كان انتماؤها، وجود بعد الآن من خلال عملية ديمقراطية ثورية سلمية، ثم عملية ديمقراطية انتخابية مبكرة بعد حل البرلمان الحالي.

وخاطب العراقيين عبر كلمة تلفزيونية بقوله “إن كنتم تريدون الإصلاح والتغيير فأنا بانتظاركم، وإن رضيتهم بالواقع مهما كانت صفاته فهذا راجع إليكم”.

وأعلن أنه ليس في حالة صراع على السلطة، وأنه لم يقرر “حتى الآن المشاركة في الانتخابات المقبلة”.

وكان الصدر قد رفع من مستوى الضغط على خصومه من خلال اعتصام أنصاره في مبنى البرلمان، ومن خلال صلاة الجمعة الحاشدة حيث توافد عشرات آلاف المتظاهرين من مناصريه إلى ساحة الاحتفالات في المنطقة الخضراء للمشاركة في صلاة الظهر وسط أجواء شديدة الحرارة، ورفع المصلّون الأعلام العراقية وصور الصدر، ورددوا هتافات مؤيدة له، وأكد خطيب الصلاة على ضرورة استمرار المشروع الإصلاحي للتيار الصدري.

يذكر أن حزب “البيت الوطني” المنبثق عن مظاهرات تشرين، رفض المشاركة في التظاهرات،

وحمّل الكتل السياسية المتصارعة مسؤولية ما جرى ويجري، وأشار إلى مطالبه السابقة بأن تكون إدارة الدولة الانتقالية بيد المستقلين الممثلين للشعب العراقي، وضرورة كتابة عقد اجتماعي جديد يصوت عليه المواطنون في استفتاء عام، والذهاب إلى انتخابات بشروط أهمها حرمان الأحزاب المسلحة من الاشتراك فيها.

وأعرب أمين عام الحزب عن اعتقاده بأن لنظام المحاصصة “بدأ يأكل نفسه ووصل لنهايته”.