لكل السوريين

هل نعيد لكرة القدم السورية بريقها؟

سؤال طالما يطرح نفسه وبقوة، وهو لماذا خفت بريق كرة القدم السورية طوال المرحلة الماضية، ومشاركاتها في مختلف المسابقات الرسمية.

ما آل إليه حال كرة القدم في سوريا في الوقت الحاضر من تراجع مرعب، وإحباط محزن، لم يعد بعرف عشاقها، وجمهورها المتابع الذي له علاقة حميمية بكرة القدم، أن يضيف لهذا الواقع بالجديد، بل زادها تراجعاً، وترهلاً كبيرين لا يمكن بحال الخروج منه، والتغلّب عليه إلا بالتغيير الجذّري لكل من له علاقة بممثلي المنتخب الوطني!!

هؤلاء اللاعبون الذين كسبوا الشهرة المزيّفة على حساب النتيجة، والتفوّق وكسب السبق على حساب سمعة الوطن، والترفّع عن النتائج الهزيلة المخجلة.. فالترهّل الحقيقي الذي يُواجه الكرة السورية في فترتها الحالية، طالما عانينا منه على مرّ السنوات السابقة التي عاشتها، بعد أن كانت لها خصوصيتها المطلقة !!

بما معناه، أن الكرة السورية أصابها إحباط تام، وتراجع مخيف خلال العقود الثلاثة الماضية، على وجه التحقيق، وبدا نجمها الساطع في أفول، نتيجة التغييرات الإدارية اللامنطقية التي صاحبها بعد أن كانت تضجّ بالنشاط والحيوية، وكسب نقاط الفوز!!.

اليوم، على العكس تماماً، أفل بريقها، وأصابها الفتور الملّفت، والتراخي، والترهّل، إن لم نقل التراجع المخيف، ابتداء من مسابقة الدوري العام للدرجة الأولى، وما رافق ذلك من حالات أساءت لسمعة الكرة السورية، وانتهاء ببطولة الدرجة الثالثة، والسبب هو ــ بالتأكيد ــ الإهمال وعدم الاهتمام بالقاعدة، الجيل الناشئة، وانشغال المسؤولين عنها بمصالحهم الشخصية وأعمالهم الخاصة.

فلماذا هذا التراجع المخيف إذاً؟ وكيف تحوّلت كرة القدم السورية أثناء مشاركاتها في البطولات إلى صورة من صور الكوميديا المضحكة، نتيجة التراخي الذي أصابها، وغياب الأيدي الوفية التي لم تسطع إلى اليوم التحليق بها في الأفق، ولم تتمكن أيضاً من منافسة الفرق حتى الضعيفة، وتخرج، بالتالي، بنتائج مقنعة إرضاءً  لعشاقها، ومحترفيها، ومحبيها، حيث ما زال لاعبوها يعيشون المباهاة الخدّاعة، وهذا ما انطلى على الكثيرين من محبيها الذين ما يأملونه هو الارتقاء بواقعها المؤسي، الذي ترك في الماضي بصمة عشناها سوياً أيام الصبا، وبداية الشباب، وها هي اليوم تندثر وتتراخى، ونأسف على شبابها الذي ترك فينا، نحن محبيها، وعشاقها، ومتابعيها، التراخي وحتى المقت في متابعة نشاطها، وإن حققّت فيما حققّت من نتائج إيجابية في فترات متقطعة من عمر السنوات الماضية التي مرت بعد ثمانينيات القرن الماضي، وغياب أبرز نجومها الذين بقيت أسماؤهم عالقة في الذاكرة حتى يومنا هذا!

والمؤسف له خروج فريق الكرة “بخفّي حُنَيْن” من أغلب المسابقات التي سبق وأن شارك فيها،

وآخرها مشاركته في تصفيات بطولة كأس آسيا السابعة عشر المقامة التي أقيمت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبمشاركة أربعة وعشرين فريقاً ولعب مباراتين.. تعادل في الأولى أمام المنتخب الفلسطيني سلبياً بدون أهداف، وخسر في الثانية أمام المنتخب الأردني بهدفين مقابل لا شيء، وكذلك خروجه من تصفيات بطولة كأس العالم المقبلة التي ستحتضنها الدوحة مع نهاية العام الحالي 2022 .

إن أفضل العروض التي قدمها المنتخب السوري في تصفيات مونديال 1986 عندما وصلوا للتصفيات النهائية لكنهم لك يكملوا المشوار بعد أن خرجوا على يد المنتخب العراقي العريق. أما في الكأس الآسيوية فلقد شارك المنتخب السوري في البطولة 5 مرات وكان في كل مرة لا يتعدى دور المجموعات.

وتأهل المنتخب السوري لكأس آسيا 2011 في قطر بعد غياب دام عنها منذ عام 1996 حيث صعد للبطولة بدون أي خسارة في التصفيات، ولكنه عاد وخرج من دور المجموعات مجدداً بعد خسارته من الأردن واليابان والفوز على السعودية، وغاب المنتخب السوري عن كأس آسيا 2015 بعد فشله بالتأهل واحتلاله المركز الثالث في مجموعة ضمّت الأردن وسنغافورة وعمان.

وعاد المنتخب السوري للظهور مجدداً في كأس آسيا 2019 بعد احتلاله المركز الثاني خلف اليابان في مجموعة ضمت اليابان وسنغافورة وأفغانستان وكمبوديا في التصفيات الأسيوية المزدوجة المؤهلة إلى كأس آسيا 2019 ومونديال 2018.

وخاض المنتخب السوري تصفيات كأس العالم 2018 بمجموعة من الوجوه الشابة، أمثال: عمر خريبين، عمر السوما، محمود المواس، إبراهيم عالمة، أحمد الصالح، مؤيد العجّان وغيرهم، ونجح المنتخب السوري بالوصول إلى الملحق الأسيوي لأول مرة بتاريخه بعد احتلاله المركز الثالث في مجموعة ضمّت إيران و كوريا الجنوبية وقطر والصين وأوزبكستان، وأجمع كافة المراقبين الرياضيين بأن هذا الجيل هو الجيل الذهبي للكرة السورية، إلا أنه خسر في الملحق الآسيوي على يد منتخب استراليا بنتيجة 3-2 “مجموع مباراتي الذهاب والإياب” وتأهلت استراليا على حسابه للملحق العالمي لملاقاة منتخب هندوراس.

وفي آخر مشاركة للمنتخب السوري في خوضه بطولة كأس العرب التي اقيمت في قطر في نهاية العام الماضي 2021 فازت فيها سوريا على تونس 2ـ0وخسرت أمام موريتانيا 2 ـ1، وأمام الامارات بنفس النتيجة.. وفازت الجزائر بالبطولة بفوزها بهدفين مقابل لاشيء. فضلاً عن نتائجها المخيبة للآمال في تصفيات المؤهلة لكأس العالم.

ما نتمناه في هذه المتابعة أن يتم العمل على اختيار اللاعب البعيد عن الأضواء، وإن كان مغموراً، ولكن بشرط أن يكون لديه القدرة على تمثيل بلاده بصدق وأمانة، وكذلك العمل على اختيار المدرب الوطني القادر على البذل. المدرب الذي بإمكانه أن يفعل شيئاً ويصل بنا إلى برّ الأمان.

فهل تستعيد الكرة السورية أوجها، وتُعيد للذاكرة بقعة ضوء، وإن كانت ضعيفة، لتؤكد أن المستقبل كفيل بأن يكون لها قوامها، ونشاطها، ونتائجها المفرحة التي نأمل أن نُفاخر بها بعدما تركت فينا في “الزمن الجميل” مثار افتخار، ومحبة كرة القدم الحقيقية، التي نطمح بأن تكون كما هي جليّة صارخة.

الكرة التي نترقبها بصدق، وعفوية، بعيداً عن الترّهات التي تعوّق مستقبلها، والتطفّل، والوساطة التي أنهكتها ودفعت بها إلى ما نحن عليه اليوم من جهل، وغبن حقيقي بحقّها.. وإن نعيد الصورة من جديد لعشاق الكرة المستديرة، بعد وضع النقاط فوق الحروف، والبت في حالة الفوضى، وكل ما يسيء لكرة القدم السورية!

 

عبد الكريم البليخ