لكل السوريين

مفاوضات فيينا تدخل مرحلة حاسمة.. واتفاق مرحلي يلوح بالأفق

تقرير/ لطفي توفيق  

مفاوضات الجولة الثامنة التي استؤنفت بين إيران والدول الكبرى في فيينا، دخلت فيما يبدو بمراحلها الأخيرة، ومن المتوقع أن تحسم نتائجها قبل نهاية الشهر الجاري، وتقرر إما المواجهة بأشكالها المختلفة مع طهران، أو استمرار الديبلوماسية فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

وعلى الأرجح، ترغب طهران بإنجاز أي اتفاق لرفع العقوبات عنها، نظراً لحاجتها للأموال، وفي الوقت نفسه تلوح بقدرتها على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم بنسب قياسية، وببرامجها الصاروخية المتطورة.

وقد تميل الأطراف الأخرى لاتفاق مرحلي إذا تمكنت من ضبط محاولات التخصيب الإيرانية.

وإذا كان الأمر كذلك، فالمفاوضات تتركز في هذه الجولة حول تفاصيل هذا الاتفاق، وحول الحسابات المالية الإيرانية المجمدة التي سيتم الإفراج عنها، والعقوبات التي سيتم رفعها.

وفي حال فشل الوصول إلى أي اتفاق ولو كان مرحلياً، فقد يبدأ التحضير للتصعيد بكافة الوسائل الاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي.

وقد تذهب الأمور باتجاه معارك متفرقة ومحدودة، حيث تدرك جميع الأطراف خطورة المواجهة الشاملة، وعواقبها على المنطقة والعالم.

طهران تنتظر الردود

قبل أن يعود الوفد الإيراني إلى العاصمة النمساوية للمشاركة في المفاوضات، أكدت طهران أن نجاح هذه المفاوضات مرهون بالإجابات على مطالبها التي يفترض أن يحملها الوفد الأمريكي.

حيث تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات عنها والتحقق من ذلك عمليا، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحافي “من الطبيعي أن تتوقع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يكون قد تم اتخاذ القرارات الضرورية من الجانب الآخر، خصوصا في واشنطن”، وأشار إلى وجود مسائل مهمة مطروحة على جدول الأعمال لا يمكن حلها من دون قرارات سياسية.

وأعرب عن أمله في أن “تتحول التصريحات المصنفة إيجابية إلى التزامات ملموسة، ونصبح قادرين على إبرام اتفاق جيد وموثوق في فيينا”.

في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبيون على عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها في الاتفاق.

مرونة أمريكية

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلنت عن إعادة العمل بإعفاءات أساسية كانت تحمي الدول والشركات الأجنبية المشاركة في مشاريع نووية غير عسكرية من التهديد بفرض عقوبات أمريكية، وهي الإعفاءات التي ألغاها الرئيس ترامب عام 2020.

ويتيح هذا الإعفاء للدول والشركات بالمشاركة في البرنامج النووي المدني الإيراني دون فرض عقوبات أمريكية عليها، باسم تعزيز السلامة ومنع الانتشار.

وأوضح مسؤول أمريكي كبير أن هذا القرار يجب أن يتيح تسهيل “المناقشات الفنية” التي تعتبر “ضرورية في الأسابيع الأخيرة من المحادثات”.

واعتبر مفاوضون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك أن هذه الخطوة “تسهل المناقشات الفنية اللازمة لدعم المحادثات للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا”.

لكن إيران ترى أن هذه الإجراءات الأمريكية لا تزال “غير كافية”.

ويعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن “الاستفادة الاقتصادية الواقعية والمؤثرة والقابلة للتحقق من قبل إيران، شرط ضروري للتوصل إلى اتفاق”.

تحذيرات بالجملة

يؤكد معظم الخبراء الغربيين أن إيران تراجعت كثيرا عن القيود التي تضمنها اتفاق عام 2015 وباتت على مسافة قصيرة من امتلاك مادة انشطارية كافية لصنع سلاح نووي، ويحذرون من مماطلة إيران خلال المفاوضات تحت ذرائع مختلفة.

حيث تحدثت الولايات المتحدة عشية استئناف المفاوضات عن إمكانية للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي بشرط أن يتم إنجازه بسرعة مع تسريع طهران لقدراتها النووية.

وقال ناطق باسم وزارة الخارجية “هناك اتفاق بمتناول اليد يتطرق إلى المخاوف الأساسية لجميع الأطراف، لكن إذا لم يبرم في الأسابيع المقبلة، فإن التقدم النووي الإيراني المستمر سيجعل العودة إلى الاتفاق الذي أبرم عام 2015 غير ممكنة”.

وأكد المستشار الألماني أولاف شولتز أنه تم توجيه رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن “الوقت حان لاتخاذ القرارات وليس المماطلة”.

وأعرب شولتز أمله بأن “يتلقف الإيرانيون هذه الفرصة”.

وبدوره يشير المفاوض الروسي ميخائيل اليانوف إلى أنه تم وضع مسودة الوثيقة النهائية، وبقيت “نقاط عدة عالقة تحتاج إلى عمل أكثر”، ويشير إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود للتوصل إلى النتيجة المرجوة.

وبهذا الاتجاه يذهب كبير المفاوضين الصينيين، وانغ تشيوان، في تصرحاته.

يذكر أن المحادثات النووية بين إيران وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى الصين وروسيا، وبمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، انطلقت في شهر نيسان الماضي، وعقدت سته جولات قبل أن تتوقف بسبب انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ثم تابعت أعمالها في شهر تشرين الثاني من العام الماضي.