لكل السوريين

سيهانوك ديبو: “لن نكون طرفًا في ترسيخ التقسيم، و2254 السيناريو الأقرب للحل”

حاوره/ ميزر الشهاب

أكد عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو أن “الحوار بين السلطة في دمشق والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لن يكون بالسهل، وعام 2022 عام مثالي كي تنسحب تركيا من كافة الأراضي”.

ولم تصل الحوارات التي جرت بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية بإشراف ورسي إلى أية نتيجة، بسبب تعنت الأخير في الذهنية القديمة، وسعيه لإعادة سوريا لما كانت عليه قبل الأزمة.

وحول هذا الموضوع ومواضيع أخرى، أجرت صحيفتنا حوارا مطولا مع عضو المجلس الرئاسي بمجلس سوريا الديمقراطية، سيهانوك ديبو، وجاء نص الحوار على الشكل التالي:

ـ رغم الأحاديث الكثيرة في الفترة الماضية عن الحوار مع النظام السوري إلا أنها لم تفضي إلى نتيجة لماذا؟

على الرغم من حدوث لقاءات في الأعوام السابقة، ومرة واحدة في العام السابق؛ سوى إن هنالك إجماع في تقييم هذه اللقاءات في أنها لم ترتقي إلى درجة الحوار، الحوار البنّاء الذي ينطبق عليه وصف الحوار بين مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من طرف والسلطة في دمشق من طرف آخر لم يحصل حتى اللحظة.

وما حدث؛ كما أردفنا- لقاءات لم تفضي إلى أية نتيجة سوى إلى أن هذه السلطة تُبْرِز الذهنية ذاتها والاصرار ذاته على اعادة انتاج النظام المركزي الاستبدادي في صيغة 2011 وما قبل، وهذا بتقديرنا السبب الأساسي لكل هذه الدماء والتدمير وتحول إلى مركز جذب للخراب والاحتلال التركي والوجود الأجنبي في البلاد.

أي إذا ما أصرت السلطة في دمشق على هذه الذهنية فإنها تؤكد المضي في طريق الانفصال وترسيخ التقسيم، وهذا بطبيعة الأحوال لن نكون طرفاً في ذلك، ولن نكتفي بالنظر إلى ذلك حين حدوثه. الأسلم للجميع التفكير إلى صيغة تنهي خلالها سوريا من واقع التقسيم والاحتلال والإرهاب الذي ما يزال متربصاً ببلدنا السوري وعموم المنطقة.

ـ إلى أين وصلتم أنتم ودمشق؟

كما قلنا الحوار لم يبدأ بعد؛ ولكننا نمتلك إرادة القرار الكافي واللازم كي نقول نحن على استعداد كامل للحوار مع جميع الأفرقاء السوريين في مقدمتهم السلطة في دمشق وفق ثوابت وطنية ثابتة ومن دون شروط مسبقة. وحين القول بذلك فإنه لا يعني بأننا نستطيع أن نقرر عن كل السوريين؛ على الرغم من أننا لسنا الوحيدين في مثل هذا التصور إذْ نعتقد بأن الكثير من القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية الديمقراطية من نشبههم ويشبهوننا.

3ـ لماذا لا تضغط روسيا على دمشق من أجل الجدية في الحوار؟

نأمل أن تقوم موسكو بما يقع على عاتقها وتنفذ المطلوب منها باعتبارها الطرف الذي يعود إليه بنسبة كبيرة مسألة صياغة القرار الدولي  2254/ 2015. ومن موقعها الحالي تستطيع إقناع السلطة في دمشق لقبول الحوار، وهذا ما كانت موسكو إحدى أهم المواضيع التي كانت تشارك وفود مسد والإدارة الذاتية إلى موسكو.

كما ينبغي على موسكو ألا تكون بالطرف المعرقل لأي عملية غزو عسكري تركية لسوريا فقط إنما من المهم ومن الموضوعي القول بأن عام 2022 عام مثالي كي تنسحب تركيا من كافة الأراضي السورية التي قامت باحتلالها في العقد الأخير من الأزمة السورية؛ على اعتبار روسيا ضامن في مجموعة آستانه مع تركيا وإيران. ويمكن لروسيا بحكم الموقع التي وصلت إليه أن تفرض بعضاً من الشروط المهمة في تقديرنا كسوريين على تركيا.

4ـ هل استفادت دمشق من التهديدات التركية لشمال شرق سوريا؟

البعض يقول بأنها استفادت، وآخرون يؤكدون بأن تواطؤ بين أجهزة الدولتين تسميانه تنسيقاً موجود بشكل فعلي وعملي، ونحن بدورنا نؤكد بأن رفض مطلب اللامركزية الديمقراطية في صيغة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كمن يحمل فأساً ويقطع كل ما يجعله قائماً.

الكل يخسر في حال رفض مشروع الإدارة الذاتية باستثناء التنظيمات الإرهابية، والكل يستفيد ويخرج منتصراً في حال تم القبول بالإدارة الذاتية كجزء من النظام الإداري السوري العام باستثناء منظومة الاستبداد المركزي والمتشددين إن كانوا في طرف السلطة أو المعارضة.

5ـ برأيك من المعرقل الرئيسي للحوار؟

بطبيعة الحال فإن الحوار “حال بدء” بين السلطة في دمشق والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لن يكون بالسهل، وربما تكون من أصعب الحوارات بسبب طبيعة مشروع كل طرف على حدا، ومن المحتمل أن تتوقف وأن تتعثر أحياناً، لكن اقتناع الأطراف السورية بأنها وحدها من تستطيع صناعة حل على مقاس السوريين بمختلف تكويناتهم؛ كفيلة للتغلب على العوائق التي من الممكن أن تعترض طريق الحوار.

عموماً نعتقد بأنه يجب تقديم بعض التوصيات التي قد تعد في وقت مناسب لاحق بمثابة مفاصل العملية الحوارية الناجحة بين الأطراف السورية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

آ- أية عملية برعاية روسيّة وأمريكية أو بغطاء وتنسيق واحد منهم على الأقل من شأنه أن يضيف على الحوار طابع الجدية، وألّا تحتمل تدخلا معرقلاً عليه.

ب- من الممكن لوجود أطراف سوريّا أخرى مقتنعة بمثل هذا المسار أن تكسب الحوار جدية وثقلاً معقولاً. ومن الممكن أن تبدأ كنقطة انطلاق.

ج- الدستور السوري يجب أن يكتبه سوريين مختصون في علم الاجتماع والقانون والتاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد. دستور يكتب في سوريا؛ من أي منطقة منها سواء كانت في مناطق السلطة في دمشق أو في مناطق الإدارة الذاتية؛ لكن نعتقد وكي نكون أمام عملية حوار تحظى بالمرونة الكافية وتحقيق النتائج اللازمة يمكن أن تعقد في البدايات فقط خارج سوريا. درءً لأي ضغط ممارس من أي جهة، وفي الوقت نفسه حفاظاً على تحقيقي وتلمّس النتائج المرجوة.

د- وسيلة الخطوة خطوة مع الاتفاق على كامل الأهداف والنتائج التي تضمن التحول والتغيير الديمقراطي. أما براعة المفاوضون فهي مسألة حاسمة عند كل طرف.

من المؤكد توجد مسائل يجب ذكرها كي لا  نظهر على مظهر التحليل والاستقراء فقط. لكن ربما ما ور قد تكون أهمها.

6ـ ما هو السيناريو الأقرب في سوريا؟

المناسب من السيناريوهات هو تنفيذ كامل للقرار الدولي 2254 من دون قراءات متفردة أو تجزيئ أو حرق لمراحل القرار بجوانبها الأربعة الأساسية وبكل تفاصيلها. غير ذلك أو الاصرار على عكس ذلك يعني فرض أو استجلاب حلول هي في الواقع بمثابة فرض الحلول التي تناسب الآخرين أو غير السوريين على الأقل.

نعتقد بأن الأخطر في المسألة برمتها حين القول بأن سوريا لم تشهد ثورة أو حراكاً رفضياً شعبياً له “وما يزال” مطالب محقة بامتياز؛ هذه المطالب كلها تصب في هدف ومسعى التغيير الذي خرج من أجله شعب سوريا من القنيطرة وحوران إلى القامشلي وديريك مروراً بكامل المناطق السورية وهو يردد لشهور: الشعب يريد التغيير. التغيير يعني اسقاط النظام المركزي الاستبدادي، ويعني تحقيق سلطة الشعب في المناطق التي تقوي وتؤكد صلاحيات المركز المعهودة والمعروفة. دون ذلك وكلما يتأخر حل الأزمة السورية فإن كل سيناريو لا يمثل إرادة السوريين وتطلعاتهم سيبدو بالمتوقع والقريب.

7ـ ما هو تعليقك على الانفتاح العربي على دمشق؟

يسمونه بالتطبيع؛ مُدرج في الإعلام الرسمي العربي بالتطبيع، وهذا المفهوم غريب له أكلافه، ولا يمكن النظر إليه على أنه توقيع على البياض. بالتأكيد مثل هذا التقارب يفهم من خلال السياقات التي أدت إليها. والنتائج التي تحققها والتي لا تبدو بالمنفصلة عن ملفات المنطقة والعالم.

يجب العلم بأن كل هذه الملفات تتحرك مع بعضهما البعض، دون أن يعني بأن هذه الحركة بالضرورة تؤدي إلى الحل. نعتقد حتى هذه اللحظة تؤكد اللاحل وترسخ التعقيد، وبأن الدول المهيمنة تود من ساحات معينة أن تتحول إلى أفخخ ومصائد لمنافسيها.

عموماً وعلى اعتبار أن سوريا من أهم الدول التي أسست الجامعة العربية فإنه من الطبيعي الحفاظ على عدة خصائص مهمة تمتاز بها سوريا في أنها جزء من محيطها العربي أيضاً. والمكونات السورية جزء من المكونات في المنطقة التي فرضت عليها حدود وهويات ضمن خرائط سايكس بيكو. أي عدم انسلاخ سوريا من محيطها يجب أن تكون مهمة وطنية محلية أيضاً.

8ـ هل ستكبح أزمة تركيا الاقتصادية تهديداتها لشمال شرق سوريا؟

تركيا الأردوغانية مأزومة بنيوياً وليس فقط من الجانب الاقتصادي، يمكن النظر بأن أردوغان مهتم حتى اللحظة باعتماد سياسة معروفة مفادها الهروب من الأزمات الداخلية عن طريق احتلالات وغزوات تقوم بها تركيا في سوريا وعموم المنطقة أيضاً.

مع الأسف هناك من يرصف الطريق لأردوغان في فعل ذلك؛ إن كانت دولية أو أإقليمية، فأردوغان وتركيا ليس بمستطاعها أن تقرر ذلك وحده. عموماً نعتقد بأن أردوغان أوصل المنطقة كي تكون على صفيح ساخن من الأزمات؛ متورط في ذلك.

لا نظن بأنه من السهولة الخلاص من الأزمة الاقتصادية التركية وبأن تداعياتها ستكون سهلة أو من السهولة تجاوزها. هذه المسألة بحد ذاتها تتحول إلى وسيلة يراد من أهداف. لأننا بالفعل “عموم منطقة الشرق الأوسط” تمر بمرحلة انتقالية ليست بالسهلة؛ بخاصة بأن النظام الجديد الذي يجب أن يتشكل لم يلد بعد، والنظام القديم الذي يجب تغييره لم يدفن بعد. إننا في مرحلة دولية وإقليمية شديدة التعقيد. نظن بأن أنقرة ستكون الخاسرة الأكبر في حال لم تقم بمراجعة جذرية لسياساتها.

9ـ كيف تقيم نشاط مسد هذا العام؟

نشاط متميز. مهمات صعبة جداً تقوم مسد بتذليلها، زيارات مهمة وحراك دبلوماسي إيجابي تم الخطو به سواء في أوربا أو موسكو أو واشنطن؛ لكن بالفعل نولي الأهمية لنسج أفضل العلاقات مع الدول العربية. ونحاول حل التردد الذي يظهر من عند العواصم العربية حينما نكون أمام مثل هذه الخطوة الحاسمة بنظرنا.

10ـ ما هو مصير إدلب برأيك؟

مرتبط بما يدور حوله إن في الداخل السوري أو في المنطقة برمتها، والتداخل الإقليمي والدولي ألقى ظلال معقدة على الملف السوري بكليته منها إدلب. عموماً نعتقد بأن اللاحل يجب ألا ينظر إليه على أنه هو المسار المناسب. بخاصة بأن مزاج المتدخلين تميل إلى تجميد الصراع ودعم الاستقرار وهذا بحد ذاته أبعاده الإيجابية وغير الإيجابية متداخلة ببعضها البعض. لا بد من خطوة حقيقية وهذه الخطوة باستطاعة أو مكلف بها السوريين فقط على أن يخطو بها.