لكل السوريين

مع العام الجديد

عبد الكريم البليخ 

ما يبعث على السرور، ونحن نحتفي بالعد التنازلي لاستقبال العام الجديد 2022، الفرحة التي تشعرنا مرسومة على ثَغْر الناس، على الرغم من الآلام والأوجاع التي عانوا منها وعايشوها، مع ما سبق العام الحالي من منغّصات، فضلاً عن فقدنا أعزّ الأصدقاء والأقرباء والأحبة، وتعرض بلدنا لمحنة لم يسجل التاريخ مثيل لها.. أضف، وهذا الأهم، أننا خسرنا مدينة بكامل أبنيتها، وسويت بالأرض نتيجة الحرب والدمار الذي لحق بها، وحصد كل ما هو جميل بعرف أهلها، وكنا نمني النفس أن تتحقق بعض الأماني التي يتأمل المواطن تجسيدها على أرض الواقع برغم صعوبة ذلك.

وإن كانت الذاكرة تخون في مضمونها الكثير من صور المأساة التي عاشها أهلنا في سورية المحبّة… فإننا نرجو لأبناء جيلنا، وللجيل الذي يليه، حياة سعيدة وآمنة قوامها الإخلاص والوفاء، وطيب العلاقة، ونبل المشاعر الفيّاضة، التي نأمل لها الاستمرارية بصدق وعفوية.

وفي هذا المقام، كنت أتمنى فيه رؤية ممثلي الشعب الذين انتخبناهم ولوّثنا أصابعنا إكراماً لهم، يمشون في محلاتنا، وشوارعنا الفسيحة ما شاءالله عليها، ويأكلون (الحمص والفول والفلافل وغيرها من الأكلات) في مطاعمنا الشعبية، ويجلسون معنا في مقاهي الطرق لكي نتأكد أنهم بشر مثلنا!!

* وكنت أتمنى لو تخلصت الحكومة من عدالتها حيث لا فرق لديها بين (المقصر والمبدع) لأن الجميع في عرفها سواسية كأسنان المشط!

* وأتمنى تكريم أبناء الشهداء بفرصة تعيين، أو دار سكنية أو قطعة أرض أو مركبة حديثة أو مبلغ مالي (محترم)، أو بهذه الامتيازات المجتمعة، مثلما أتمنى الكف عن منحهم درجات (إضافية) على المعدل لأن العلم يكتسب بالمتابعة والتعب والاجتهاد والموهبة، ولا يُعطى منحة أو يُوهب كالليرة والدولار  والجواري!!.

*أتمنى هذا العام ولألف ألف عام مقبل أن لا نتوحد عند الشدائد فقط، دعونا نجرب وحدتنا في حالات الفرح والسلم والبناء وسوف نكتشف أن لها طعم وحلاوة أحلى من أكلة المحاشي والكباب، وألذ من حلاوة الجبن والكنافة، وأشهى من بوسة الحبيب!

*أتمنى إلغاء مصطلح (السلطة الرابعة) لأنه أوهى من بيت العنكبوت، ومن كذبة نيسان!

*أتمنى على الحكومة النظر إلى المدن السورية الأخرى بعين العطف والغيرة  والاهتمام بها، وليس التركيز على مدينة بعينها، وترك البقية بحاجة أكثر الحاحاً.

* أتمنى أن تتحرك السلطات التنفيذية والتشريعية بالهمّة التي يأملها الشعب من دون الحاجة إلى عين حمراء!!

* أتمنى أن يكف الجميع، ولاسيما الرجال، عن الدعوة إلى ضمان حقوق المرأة أو مساواتها وتأمين حريتها في العمل والتعبير والمناصب الرفيعة والرئاسية منها بالذات، لأن 97% من المسؤولين وللأسف لا تأخذ بهذه الدعوة، ولا تتعامل معها بجدية، لذلك لا سبيل أمام المرأة سوى العنف والشدة، حتى لو اضطرت إلى القيام بانقلاب عسكري واستولت على السلطة الذكورية بقوة السلاح ومؤازرة المنافقين من الرجال!!

إنَّ العام الجديد الذي بات على الأبواب، عام هو بالتأكيد ككل الأعوام التي انقضت، وقد يكون هناك مفارقات مختلفة في هويته وفي مزاجه!

أقصد، في هوية الأفراد ومزاجهم ونواياهم، وما سيخلّفه وما يثيره من مشكلات وويلات، كما هو حال العام الذي نودعه، وبكل مؤسياته!

عام 2021 يستعد للرحيل بكتلة من المنغّصات، وكرّس العديد من حالات اليتم والأرق والإجهاد والندم والحسرة، وما أجمله أيضاً من بقايا صور، ومواقف كانت مدهشة وساحرة!؟.

جملة من المتناقضات مجموعة في عام واحد، نرجو لها الزوال، ونتأمل أن تضيف بعض الأمل للكثير من أبناء بلدي الذين عانوا ما عانوا من قسوة ودمار وخراب، وشتات وهجرة، لم يسبق أن عايشوها!.

عام، نرجو أن يكون أخفّ أسى، وحسرة.

عام، نريده أن يكون مليئاً بالحب والوئام والسلام.

عام، نأمل أن يقضي فيه المتناحرون على ضغائنهم وعللهم وأوجاعهم، كما ونرجو أن يلفّ مشاجراتهم الفرح، وقضاء أيام جميلة، بعيداً عن مواقف الحزن والألم، التي طالما عشناها وﻻ زلنا نعيشها.

وهناك العديد من المواقف نحاول أن نتجاوز الخوض فيها مع إطلالة العام الجديد الذي نطمح أن يكون أقلَّ مأساويةً وأكثر حيويةً وبهجةً .. ويتجدد، بحكم الأشخاص ونواياهم، التي نريدها أن تشخّص نحو أفق بعيد، قوامه المحبّة الخالصة، والعيش بأمان، والعودة إلى حضن سورية الحبيبة بعد أن أعيا أهلها المحن، وأن يعيشوا مثل بقية الآخرين بأمان واطمئنان.

 

النمسا