لكل السوريين

الأزمة بين لبنان والسعودية تتصاعد.. ولا حلول في المدى القريب

تقرير/ محمد الصالح  

في الوقت الذي يواجه فيه لبنان سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية، ولا تبدو في الأفق القريب أي بوادر لحلها، تتفاقم حدة الأزمة بينه وبين السعودية وبعض دول الخليج، على خلفية تصريحات جورج قرداحي، حول التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن، خلال مقابلة جرى تسجيلها قبل تسلمه وزارة الإعلام اللبنانية، وقال فيها “إن اليمن تعرض للعدوان، وإن الحوثيين المتحالفين مع إيران يدافعون عن أنفسهم”.

واعتبرت وزارة الخارجية السعودية تصريحات قرداحي “تحيزاً واضحاً لميليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة”.

وتسببت تلك التصريحات بغضب السعودية، وطلبت من سفير لبنان مغادرة الرياض، واستدعت سفيرها من بيروت، وعلقت جميع الواردات من لبنان.

ومع أن الحكومة اللبنانية رفضت تصريحات وزيرها، وقالت إنه “لا يعبر عن موقف الحكومة

اللبنانية إطلاقا”، إلّا أن السعودية استمرت بتصعيد موقفها.

فتصريحات قرداحي لم تكن السبب الوحيد للأزمة، ولكنها فتحت المجال أمام الرياض لتصعيد موقفها على خلفية المواقف اللبنانية غير المنسجمة مع سياستها في عدة قضايا، منها ما يتعلق بسوريا واليمن.

الإشكالية من وجهة نظر السعودية

اعتبر وزير الخارجية السعودي أن الإشكالية في لبنان تكمن في استمرار هيمنة حزب الله على النظام السياسي فيه، وأن بلاده ليست في أزمة مع الحكومة اللبنانية.

وقال “لا أود اختزال الموضوع في تصريحات شخص معين فالإشكالية أكبر من ذلك”.

واعتبر أن “تصريحات الوزير هي دليل على واقع أن المشهد السياسي في لبنان لا يزال يهيمن عليه حزب الله… والموضوع بالنسبة لنا أوسع من مجرد تعليقات وزير”.

وسبق للوزير السعودي أن قال “وصلنا لخلاصة أن التعامل مع لبنان وحكومته الحالية ليس مثمراً.. مع هيمنة حزب الله المستمرة على المشهد السياسي”.

وأشار إلى أن لبنان قادر على حل المشكلة لو التفت قادته لمصلحة بلدهم، وليس للمصالح الشخصية، أو لمصالح دول أخرى، “مثل تمكين حزب الله من جميع مفاصل الدولة”.

وأن على القادة اللبنانيين أن يبحثوا عن مخرج يعيد لبنان إلى مكانته في العالم العربي.

وأكد أن الأمر بيد اللبنانيين “وعليهم أن يقرروا ما هي مصلحة بلدهم، وهذا سيعالج كافة المشاكل”.

ردود فعل محلية

بعد تفاقم الأزمة، أكد الرئيس اللبناني حرص بلاده على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

وأعرب رئيس الحكومة اللبنانية عن أسفه لقرارات السعودية، وناشد المملكة بالعودة عن قراراتها، وتعهد بالعمل “بكل جهد ومثابرة لإصلاح الشوائب المشكو منها، ومعالجة ما يجب معالجته”.

وقال ميقاتي إنه اتفق مع الرئيس ميشال عون على “خارطة طريق” لإنهاء الأزمة مع السعودية.

وطلب من القادة العرب المساعدة على تجاوز هذه الأزمة، مؤكداً على الاستمرار في إجراء الاتصالات لمعالجة تداعياتها.

ودعا وزير الإعلام بحكومته إلى تغليب المصلحة الوطنية، واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه.

كما دعت مجموعة من رؤساء وزراء لبنان السابقين، في بيان مشترك، قرداحي للاستقالة “حفاظا على العلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديدا مع دول مجلس التعاون الخليجي”.

ولكن قرداحي رفض الاعتذار عن آرائه الشخصية، وقال: “أنا لم أخطئ في حق أحد، ولم أتهجم على أحد، فلمَ أعتذر؟”، وأكد أن استقالته من الحكومة “غير واردة”.

ردود فعل دولية

دعت فرنسا إلى ضرورة إبعاد لبنان عن الأزمات الإقليمية، وحثت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية المسؤولين اللبنانيين والقوى الإقليمية على تهدئة الوضع.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تدعو “إلى إبقاء كل القنوات الدبلوماسية مفتوحة بين الأطراف لضمان حصول حوار جدي حول القضايا الملحة التي يواجهها لبنان”.

وبدوره، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن “بالغ قلقه وأسفه للتدهور السريع في العلاقات اللبنانية الخليجية”،

وأعرب عن ثقته بقدرة الرئيسين عون وميقاتي على السعي لاتخاذ خطوات تسهم في تهدئة الأجواء مع المملكة العربية السعودية.

واتخذت الكويت والبحرين إجراءات مماثلة للإجراءات السعودية، واستدعت الإمارات بعثتها الدبلوماسية من بيروت تضامناً مع الرياض.

وأعربت سلطنة عمان “عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية”.

ودعت الخارجية العمانية، الجميع “إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم”.

في حين استنكرت وزارة الخارجية القطرية “التصريحات غير المسؤولة التي صدرت عن وزير الإعلام اللبناني”.

وأكد أمير قطر أنه سيوفد وزير خارجيته إلى بيروت للبحث في السبل الكفيلة بمعالجة الأزمة.

يذكر أن العلاقة بين لبنان والسعودية تشهد فتوراً منذ سنوات، على خلفية تزايد نفوذ حزب الله في لبنان، حيث تأخذ الرياض على المسؤولين اللبنانيين عدم تصديهم له، إلى جانب تكرار محاولات تهريب المخدرات من لبنان إلى السعودية.