لكل السوريين

الاقتصاد الثقافي

لا شك أنه توجد علاقة طردية بين الثقافة والاقتصاد، وهذه العلاقة التبادلية نجدها تتعاظم في الدول الحضارية المتقدمة وتقل تدريجياً في الدول الأقل تنمية وتطوراً، ومن هنا يمكن القول، كلما ازدهرت الثقافة ازدهر الاقتصاد،

فالاقتصاد والتنمية بلا شك أنهما يستفيدان من المنظومة الثقافية برمتها، فالتراكم المعرفي للإنسان الذي حصل عليه وكسبه خلال مسيرته التعليمية في المدارس على مختلف أشكالها ومستوياتها أو المعاهد المختلفة والجامعات، أو مطالعاته الخاصة والاهتمام بالموضوعات ذات الصلة بالموضوع. إضافة للتخصص في أي مجال من مجالات الحياة. وهذا التخصص مهم وهو عين التعاون بين افراد المجتمع  والمجتمعات المتعددة في سبيل تلبية احتياجات البشر.

مثل هذا المخزون المعرفي يتم ترجمته بالسلوك الثقافي الراقي والأعراف والتقاليد والهوايات والممارسات الثقافية في المؤسسات الثقافية كالمسارح والمكتبات والقيام بزيارة المعارض وممارسة الهوايات كالألعاب الرياضية على مختلف أنواعها.. إن تلبية الحاجات الثقافية تشعر الإنسان بالنهاية بالسعادة والرفاهية كونه قام بعمل جيد لبى فيه حاجة ثقافية لنفسه.

ليس مخفياً على الآخرين أن الكثير من دول العالم قد حققت فوائد اقتصادية جمة من خلال التوظيف الجيد والممتاز لخريطتها الثقافية سواءً كان ذلك عن طريق انعكاس السلوك المجتمعي الممتاز على ممارسات شعوبها الاقتصادية، أم عن طريق استثمار تراثها الثقافي خاصة الحرف اليدوية التراثية منها والحديثة على حد سواء.

وهناك محاولة دؤوبة لاستكشاف العلاقة بين الاقتصاد والثقافة ويسعى علماء التاريخ لدراسة العوامل الثقافية في تطوير القطاع المالي والميول الاستهلاكية وميول الادخار واستخدام الأدوات الاستثمارية والعمل والإنتاج والكفاءات بالتعاون مع علماء الاجتماع وعلماء الأنثروبولوجيا والجغرافيا الاقتصادية لتلمس التفاعلات بين الاقتصاد وظواهر ثقافية مثل تطور الفنون والصناعات الإبداعية.

إن الاقتصاد الثقافي أكثر ما يهتم بالسلوك الثقافي وتهيئة المناخ المناسب لازدهار قطاع الثقافة استجابة لثقافة الجمهور. والدول المتطورة صناعياً ومعها الدول الناهضة تصنع ثقافتها بقوة وتشكل حاجات جديدة للمستهلك تكون جزءاً من ثقافة الرفاهية الخاصة به.

وعليه فإن المعارف التي يكتنزها العقل البشري يترجمها الجسد سلوكاً ثقافياً يتجسد في كل حركاته وانطباعاته وانفعالاته وطريقة تأثره بمحيطه وتعبيره عن هذا التأثير.. ومن المفيد القول أن الإنسان في الدول المتطورة اقتصادياً ينفق الاموال الكثيرة على سلوكه الثقافي التي توفرها له صناعة الرياضة والإعلام وغيرها من النشاطات البدنية والروحية والمعرفية والترفيهية بشكل محترف وراق.

إن الرهان على استثمار التنوع الكوني في التعبيرات الثقافية وتسليعها واخضاعها لمنطق السوق، فإن الرهان على استثمار التنوع الكوني في التعبيرات الثقافية والحفاظ على أبعادها الحضارية والتاريخية يشكل خزاناً حقيقياً للتنمية الاقتصادية. واليوم في العالم المشرقي والعربي ما زال المفهوم في أطواره التمهيدية الاولى، حيث أن الثقافة كمفهوم عام تقبع داخل أطر تقليدية جامدة، ويتعامل معها الأغلبية على أنها امور غير ضرورية، فقط من باب الرفاهية..

 

المصادر.

@- الكاتبة رندة عطية.

2021/3/10

@- الباحث أسامة قاضي

تاريخ 2021/8/3.دمشق