لكل السوريين

عودة الحراك الشعبي في الجزائر.. جزائر تبون لا تختلف كثيراً عن جزائر بوتفليقة

تقرير/ محمد الصالح 

بعد عامين على انطلاق الشرارة الأولى للحراك الجماهيري في الجزائر، وبعد عام من توقفه بسبب تدابير احتواء وباء كورونا، عادت الاحتجاجات الشعبية لتملأ شوارع الجزائر.

واحتشد آلاف المتظاهرين في العاصمة الجزائرية، والمناطق الأخرى في البلاد، مجددين مطالب الحراك بالتغيير الجذري في بنية النظام الجزائري، وموكدين على مدنية الدولة، ورحيل النظام العسكري.

ورغم انتشار أعداد ضخمة من قوات الشرطة وسط العاصمة، وتشديد الرقابة على مداخلها، وتحليق المروحيات في أجوائها، استمرت الاحتجاجات وتوسعت، وتجددت الشعارات المناوئة للسلطة، والرافضة لمساراتها السياسية التي بدأت بالقيام بها، بما يشير إلى عودة المسيرات الأسبوعية التي بدأت قبل عامين.

ويؤكد أن الحراك الشعبي في الجزائر عاد إلى زخمه بدلالة حجم الاحتجاجات التي عمّت مختلف المناطق نهاية الشهر الماضي، والشعارات التي دعت إلى إقصاء المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية في البلاد.

دولة مدنية

رفع آلاف المتظاهرين هتافات تدعو للديموقراطية ودولة الحق والقانون ولـ “دولة مدنية وليست عسكرية”، وكانت هذه الشعارات الأكثر ترديداً، إضافة إلى هتافات معتادة أخرى مثل “الشعب يريد الاستقلال” و”الشعب يريد إسقاط النظام”.

حيث يعتبر المتظاهرون أن النظام القائم يحاول الاستحواذ على الحراك، وتسويق ذكراه الثانية كاحتفال وليس كمواصلة للمطالب الشعبية.

ويعتبر الإعلام الرسمي أن كل مطالب الحراك تمت الاستجابة إليها وفق أجندة الرئيس عبد المجيد تبون التي تمثلت بتغيير الدستور، وحل البرلمان، وتعديل الحكومة، وبرمجة انتخابات تشريعية باتجاه بناء “الجزائر الجديدة” كما يحلو للإعلام الرسمي أن يسميها.

في حين يرى المتظاهرون أن “الجزائر الجديدة”، لا تختلف كثيرا عن نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي حكم البلاد طيلة عقدين.

الإفراج عن بعض المعتقلين

بعد عودة الرئيس عبد المجيد تبون من رحلة استشفائية في ألمانيا، وقبل أيام من الذكرى الثانية للحراك، بادرت السلطات الجزائرية إلى العفو عن أكثر من ثلاثين من معتقلي الرأي في السجون الجزائرية بتهم تتعلق باحتجاجات الحراك أو الحريات الفردية، وفقاً للجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.

ورحبت “الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان” بهذه الخطوة، لكنها جددت دعوتها إلى “تغيير سلمي، وعملية ديمقراطية حقيقية، وحوار سياسي”.

كما رحبت الأحزاب والجمعيات والمنظمات الجزائرية الموحدة في “التحالف من أجل البديل الديمقراطي” بالإفراج عن بعض المعتقلين.

لكنها أكدت على أن التغيير الديمقراطي الجذري لم يحدث بعد.

في حين تبدو ثقة الجزائريين معدومة في التغييرات التي أعلن عنها النظام منذ البداية، وتجلى ذلك من خلال ضعف الإقبال على الانتخابات الرئاسية عام 2019، والاستفتاء الدستوري في نهاية العام الماضي.

ومازالت قيادات النظام ترفض الحوار مع ممثلي الحراك، وتكتفي بالحوار مع ممثلين عن الأحزاب السياسية التي بدأ دورها يتراجع بشكل ملفت بين المواطنين الجزائريين، ويتضاءل تأثيرها على الحراك الميداني بشكل متزايد.

حراك بلا قيادات

يركز المتظاهرون الجزائريون، فيما يبدو، على الطابع الشعبي لاحتجاجاتهم، بعيداً عن الأحزاب الموالية للنظام، والمعارضة له.

ولا يثقون بالمؤسسات الرسمية القائمة بطبيعة الحال، ويعتبرونها مخترقة من أدوات الدولة العميقة.

ولذلك لا توجد، حتى الآن، شخصيات أو هيئات قيادية تمثل الحراك، وذلك ما قد يشكل نقطة ضعف الحراك، إذ لا يمكن تجسيد مطالبه وتنفيذ شعاراته في غياب قيادات تتحدث باسمه، وتنسق تحركاته، خاصة أنه يواجه نظاماً عسكرياً متشبثاً بالسلطة وامتيازاتها، ويستخدم كافة الوسائل لإخماد شعلة الحراك أو احتوائها، بالحد الأدنى.

ولن يمر وقت طويل قبل أن يدرك الحراك الجزائري أن الإطاحة بالحكومات شيء، وبناء دولة ديمقراطية جديدة شيء مختلف، وأكثر صعوبة وتعقيداً.