لكل السوريين

بلا وقود… المدافئ في حماة تحرق مَن يقتربها

السوري/ حماة ـ حل الشتاء … وبحسب الأرصاد الجوية، فإن شتاء هذا العام ليس بشديد البرودة، أي سيكون أخف وطأة على مستضيفيه، ولكن يبقى للتحضير لهذا الشتاء كلام آخر، فأسعار المدافئ تلتهب وتحرق من يقترب منها.

وعن ذلك عبر “محمود”، “أحد المارة” وهو يشيح بنظره عن واجهة محل مخصص لبيع المدافئ في سوق المرابط في حماة قائلاً: “ثمن الدفء غالٍ”.

فموجة ارتفاع الأسعار الجنونية والتي مازال يعاني منها السوريون، طالت أيضاً المدافئ وبكل أنواعها، وبات سعرها بعيداً عن قدرة شريحة واسعة منهم، مما جعلتهم يتجهون لشراء المدافئ المستعملة، أو حتى التخلي عن فكرة شراء المدفأة من أساسها، وذلك لعدم توفر الكهرباء أو الغاز أو المازوت، مقابل خطورة التدفئة على الحطب.

ويباع ليتر المازوت الحر في السوق السوداء بـ 1000 ليرة سورية، وقد تستهلك المدفأة الصغيرة مع تقنين الاستخدام الشديد ما بين 5 – 7 ليترات في اليوم، ما يعني 5 – 7 آلاف يومياً، وهذا المبلغ يعتبر ترفاً فاحشاً لا يمكن تأمينه في ظل هذه الظروف والأوضاع المعيشية الراهنة.

وفي حال تم تأمين المازوت المدعوم، فإن الليتر يصل إلى 200 ليرة مع أجرة التوصيل علماً أن سعره الرسمي 180 ليرة، بالتالي تحتاج المدفأة ما بين 1000 – 1400 ليرة يومياً، وثمن الـ 200 ليتر نحو 40 ألف ليرة سورية وبالكاد تكفي مدة شهر واحد في الشتاء أو أزود بقليل.

وتراوح سعر المدافئ التي تعمل على المازوت بحسب الحجم والنوع في أسواق حماة من 20 ألف ليرة سورية للصغيرة جداً ذات النوع الأقل من وسط، وما بين 30 – 60 للحجم الوسط، أما الحجم الكبير فمن 75 إلى 150 ألف ليرة، وتزيد عن 300 ألف لنوعيات أخرى مثل مدافئ الصالونات.

وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضرورة تشديد الرقابة على محال بيعها، بلغت نسبة ارتفاع أسعار المدافئ 70 % في هذا العام عن ارتفاعات الأعوام الماضية.

وعزا عدد من الباعة بسوق المرابط بحماة ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني عن العام الماضي، إلى تحكم معامل إنتاجها بالأسعار، بحجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار المواد الداخلة بصناعتها، بدءاً من البراغي!

بينما بيَّنَ رئيس دائرة الأسعار بمديرية التجارة الداخلية بحماة “دانيال جوهر” أن أسعار المدافئ بكل أنواعها محررة، أي أن المنتج يضع التكلفة مع هامش ربح ويسعر الثمن، وكذلك بالنسبة لبائع الجملة ونصف الجملة والمفرق، لكن بيعها يخضع لتكاليف الإنتاج على الفاتورة التي يقدمها البائع من المنتج الرئيسي.

وكان من المفاجئ هذا العام أيضاً، أن يصل سعر المدفأة الكهربائية التجارية ذات الوشيعتين التي كانت تباع الشتاء الماضي بـ 5000 ليرة، إلى 15 – 20 ألف ليرة، بينما وصل سعر المدفأة من نوعية متوسطة بقياس وسط فيها وشيعتين وتوربين إلى 35 – 40 ألف ليرة، ويرتفع السعر طرداً مع عدد الوشائع!

أسعار مدافئ الحطب ارتفعت ايضاً، فسعر المدفأة اليوم ذات الحجم الكبير وصل إلى 150 ألف ليرة والصغيرة بـ 75 ألف ليرة فيما النوع العادي الخفيف بين 25 _ و35 ألف ليرة وهذا النوع كان سابقاً بـ 5 آلاف ليرة فقط.

ولإيجاد البدائل والحلول، أكد عدد من أصحاب محال تصليح الصوبيات، أن هذه الأيام هي موسم عملهم، وهناك إقبال كبير على صيانة المدافئ القديمة، لا وبل العديد من المواطنين- يقول أصحاب المحال- طلبوا منا تحويل مدافئهم لتعمل على الحطب، لأن المازوت غير متوافر.

بالطبع قابل ذلك الارتفاع الطارئ، ارتفاع في سعر طن الحطب ليصل إلى 40 و50 ألف ليرة في حين كان في العام الماضي يباع بـ 25 ألف ليرة.

فالخيار الوحيد كان للباحثين عن الدفء، هو التوجه لشراء المدافئ المستعملة، حيث تقل أسعارها عن الجديدة ما بين 40 – 50% أو قد لا تنخفض أكثر من 20% تبعاً لنظافتها ومدة استعمالها.

وأكد عدد من البائعين في سوق المرابط أن الإقبال هذا العام على شراء المدافئ منخفض جداً، والسوق في ركود كبير، نتيجة انخفاض القدرة الشرائية وتدهور قيمة الليرة وتدني مستوى الرواتب قياساً بالأسعار، إضافة إلى زيادة ساعات التقنين التي تجعل من مدفأة الكهرباء بلا جدوى.

ويعاني السوريون من فقدان المشتقات النفطية منذ أشهر، ويبدو أن لا حلول قريبة تلوح أمام السوري الذي سدّت بوجهه كل السبل دون أي وعود حقيقة بحل الأزمات، بينما زادت ساعات التقنين مؤخراً حتى وصلت إلى 5 ساعات قطع مقابل ساعتي وصل.

تقرير/ حكمت أسود