لكل السوريين

خطاب الكراهية.. هل هو إفراز مجتمعي أم فن وفكر!!

يحظى موضوع خطاب الكراهية، اهتمامًا كبيرًا من النّاحية القانونيّة عند العلماء والفلاسفة على حدّ سواء. لكنّ هذا الاهتمام، ينحصر في تقديم الحجج وتقييمها بشكل نقديّ لدحض مبرّرات خطاب الكراهية بدلاً من المهمّة المتمثّلة في تحليل المصطلح نفسه.

وقد يبدو الوصول إلى تعريف شامل لما يسمّى خطاب الكراهية أمرًا صعبًا ومعقّدًا نظرًا لاشتمال هذه الظّاهرة على مفاهيم متشعّبة متعلّقة بوسائل التّواصل “الوسائل اللّغوية، عناصر الصّوت، لغة الجسد، والعناصر البصريّة”، بالإضافة إلى اختلاف هذا التّعريف انطلاقًا من المؤسّسة الّتي تحدّده من جهة، والسّياق الّذي يقع ضمنه هذا المصطلح من جهة ثانية. ان خطاب الكراهية هو مصطلح حقوقي فضفاض يمكن أن يُعرف بكونه أي “عبارات تؤيد التحريض على الضرر (خاصة التمييز أو العدوانية أو العنف) حسب الهدف الذي تم استهدافه وسط مجموعة اجتماعية أو سُكانية” وتكون هذه المجموعات عادة من الضعفاء والأقليات.

ويندرج خطاب الكراهية في مركبات “حرية التعبير وحقوق الأفراد والجماعات والأقليات ومبادئ الكرامة والحرية والمساواة”.

ويأتي مصطلح خطاب الكراهية لأن العالم، بقوانينه الدولية والمحلية، يفرق بين حق الرأي وحق التعبير عن الرأي، فإن العالم لا يضع أي قيد على حق الرأي ويجعله مطلقاً ولكنه يضع قيوداً وضوابط على التعبير عن هذا الرأي فهناك قيود منها احترام حقوق الآخرين وحماية الأمن القومي. لذا، ينبع مسوغ قوانين خطاب الكراهية بكون الخطاب المفعم بالكراهية يتعارض وقيم التسامح والعيش المشترك التي تحتاجها الجماعات البشرية.

تعمل القوانين الحديثة على ضمان حماية المساواة بين الناس وتحظر خطاب الكراهية، وتذكر الفقرة 2 من المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ما يلي:

“تُحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تُشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف”

تشمل هذه القوانين منع استخدام عبارات الإهانة، أو الألقاب، لتعيين أفراد من المجتمع بناءً على عرقهم أو دينهم أو توجههم الجنسي. وتزداد أهمية قوانين مكافحة خطاب الكراهية في المجتمعات الحديثة المتعددة الثقافات. ويبدو بأن الإنترنت صارت مرتعاً واسعاً لخطاب الكراهية لعدد من الأسباب منها ما توفره الشبكة من إمكانية لنشر خطاب الكراهية باسم مستعار، أو مجهول أحياناً.

ويمكن للقيود المتعلقة بمنع خطاب الكراهية أن تقوض شرعية قوانين مكافحة التمييز، سواءً على مستوى القبول الشعبي أو – ولربما هذا الأكثر أهمية – فيما يتعلق بأخلاقيات تنفيذها. فهي أداة قانونية قوية قد تدمج مع عقيدة رقابية التي هي “أسوأ العقائد الأيديولوجية”

في بعض البلدان، قد يكون التعريف الفضفاض مدخلاً للإساءة لحرية التعبير ومنعها، ويمكن أن يسوغ قانون العقوبات بتعريفٍ فضفاضٍ لخطاب الكراهية بوضع التعبير عن الرأي جريمة يسميها بجريمة إطالة اللسان, وتظهر مشاكل تطبيق مفهوم خطاب الكراهية بشكل قانون نتيجة لتباينات بالقيم والأخلاقيات بنفس الدول أو المجتمع، أي الاختلاف فيما يعرفه الناس بكونه مناسب وغير مناسب.

يتبع…

انعام إبراهيم نيوف