حلب/ خالد الحسين
تشهد الأندية الرياضية في مدينة حلب أزمة مالية خانقة تهدد استمرار نشاطها وتؤثر سلباً على مستقبل الرياضة في واحدة من أعرق المدن الرياضية في سوريا. نادي الاتحاد العريق، إلى جانب ناديي الحرية وعفرين، يرزحون تحت وطأة ضعف التمويل وغياب الدعم الحكومي والاستثماري، في وقت باتت فيه كرة القدم السورية تعاني على مختلف المستويات.
يعاني نادي الاتحاد، الذي يُعد من أعرق أندية سوريا وصاحب قاعدة جماهيرية كبيرة، من أزمة مالية حادة ألقت بظلالها على أداء الفريق وقطاعاته الرياضية المختلفة. الأمر لا يختلف كثيراً في ناديي الحرية وعفرين، اللذين يواجهان صعوبة في تغطية نفقات اللاعبين والتنقلات والمعسكرات التدريبية وحتى صيانة الملاعب والمنشآت الرياضية. الأزمة تعود في جوهرها إلى ضعف الدعم الحكومي المقدم للأندية، حيث تفتقر الرياضة السورية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، إلى خطط تمويل واضحة أو مشاريع استثمارية تضمن استدامة مالية حقيقية.
وفي لقاء “السوري” مع أحد الإداريين في نادي الاتحاد، تحدث عن واقع النادي قائلاً: “نحن اليوم نكافح يومياً لتأمين الحد الأدنى من المتطلبات، من رواتب للاعبين إلى تكاليف المباريات. لا يوجد لدينا أي رافد مالي حقيقي. الحكومة تدعم بمبالغ محدودة جداً، لا تغطي حتى ربع النفقات، والجمهور غائب عن الملاعب، إما لأسباب اقتصادية أو بسبب فقدان الثقة بالمستوى العام للدوري. كل هذا انعكس سلباً على خزينة النادي، وأصبحنا عاجزين عن التعاقد مع لاعبين مميزين أو الحفاظ على الكوادر الجيدة”.
كما أن أزمة غياب الجمهور تعتبر من أبرز التحديات أيضاً، إذ كانت الجماهير تشكل جزءاً أساسياً من دخل الأندية عبر شراء التذاكر والمساهمة في تحفيز اللاعبين ودعمهم معنوياً. إلا أن الأوضاع الاقتصادية العامة، وانخفاض مستوى المنافسة، وغياب الحوافز، دفع بالجمهور للابتعاد عن المدرجات، ما زاد الوضع سوءاً.
وفي اتصال خاص “للسوري” مع عضو في الاتحاد الرياضي العام، رفض الإفصاح عن اسمه، تحدث عن هذه الأوضاع قائلاً: “نعترف أن هناك أزمة تمويل حقيقية تعاني منها معظم الأندية في سوريا، وخاصة في المحافظات مثل حلب. في السنوات الأخيرة، شهدت الرياضة السورية تدهوراً كبيراً، والسبب لا يقتصر على التمويل فقط، بل يمتد إلى غياب الرؤية الاستراتيجية. ليس لدينا حتى الآن بنية استثمارية قادرة على دعم الأندية. نحتاج إلى إصلاح شامل على مستوى البنى التحتية والتشريعات الرياضية لجذب المستثمرين، وهذا أمر يتطلب قراراً جدياً وإرادة حقيقية للتغيير”.
وختم المسؤول حديثه قائلاً: “رغم كل هذه الصعوبات، ما زال لدينا الأمل. هناك رغبة في استنهاض الرياضة السورية، ولكن هذا يتطلب تعاوناً من كافة الأطراف: الدولة، المستثمرين، الجمهور، وحتى الأندية نفسها. إن لم نبدأ الآن، فإن مستقبل كرة القدم السورية سيكون في مهب الريح”.
أندية حلب التي كانت يوماً رمزاً للتنافس الشريف والإبداع الرياضي، تجد نفسها اليوم في مواجهة مصير مجهول، وسط غياب الحلول الجذرية واستمرار التحديات المالية والتنظيمية. ويبقى الأمل قائماً في أن تستعيد هذه الأندية عافيتها يوماً ما، لتعود الرياضة في حلب كما كانت: منارةً للمواهب ومنبراً للفخر الكروي.