لكل السوريين

العمل الحكومي في اللاذقية.. تهرب واستقالات.. المؤسسات فارغة

اللاذقية/ سلاف العلي

مؤسسات القطاع الحكومي باللاذقية، شهدت خلال السنوات الأخيرة تسرباً كبيراً في الموظفين، الأمر يعود إلى عدد من العوامل منها تدني الرواتب والأجور، إضافة لعدم كفاءة وخبرة بعض المديرين، الأمر الذي نتج عنه إفراغ بعض المؤسسات من الموظفين الأكفاء، ولا بد من التأكيد على أهمية الثروة البشرية في إدارة المؤسسات، فمن الضروري أن يتم تقييم معدل الدوران الوظيفي لأي منشأة اقتصادية كما يتم تقييم أرباحها وتنفيذها لخططها الإنتاجية، ومحاسبة الإدارة التي يتجاوز معدل التسرب الوظيفي لديها نسب معينة من شأنها الإضرار بأداء المنشأة بشكل يؤثر في مستقبلها، فإن السبب الأساسي الذي يجعل العديد يتهربون من الوظيفة الحكومية، ويتم حساب الأجور والتعويضات عادة بإحدى طريقتين، والغالب منها هي النصوص خاصة من ضمن الدائرة ذاتها، حيث تعتبر هذه النصوص تقييما لطبيعة عمل الموظف والأماكن أو البيئة التي كان يعمل ضمنها، كما تستند أيضاً إلى نوع الشهادة التي يحملها الموظف في منح التعويضات العمالية، وبناء عليه يتم إصدار هذه النصوص الإدارية الخاصة غالبا بالاستناد إلى الشروط الزمانية والموضوعية في أوقات الإنتاج، فعلى الرغم من أن الموظفين يبذلون الجهد نفسه، إلا أن هناك فئة تتلقى راتبا أعلى أو أدنى من فئة أخرى ضمن هذه الظروف وتصدر ضمن هذه الأوقات تشريعات إدارية خاصة تحدث هذا الفرق بين الموظفين.

وهناك معاناة حقيقية وهي اتباع سياسة موحدة في تحديد أجور العمال، والتي من سلبياتها الأخرى جمود وقلة إبداع الموظفين في قطاعاتها، لاسيما إن كانت سياسة الرواتب والتعويضات منخفضة ومنضبطة بحيث يخسر الموظفون أموالهم في العمل الحكومي، نتيجة سياسات فرض الرواتب الرمزية على أعمالهم، فكان لا بد إذا من تنسيق النصوص بحيث تضمن المساواة في التكليف والجهد للموظفين، كما تضمن دعم الإبداع والابتكار عند المميزين في عملهم.

أن مشكلة التسرب الوظيفي أحد أهم المشاكل التي يعاني منها المؤسسات الحكومية باللاذقية، إن بيئة العمل غير الصحية التي تتسم بالعلاقات المتوترة بين الموظفين والإدارة، أو انتشار السلوكيات السلبية مثل التنمر، وعدم الاحترام، والضغط المستمر من دون تقديم الدعم الكافي تسبب شعورا بالإرهاق النفسي والجسدي للموظفين، مما يدفعهم للتفكير في ترك العمل بحثا عن بيئة أكثر إيجابية وتوازنا، فهنا يوجد عدم وضوح الأدوار والمسؤوليات، والموظف في حالة من الضياع والارتباك بشأن ما هو متوقع منه، وهذا يؤدي إلى شعور الموظفين بغياب العدالة في توزيع المهام، حيث قد يشعرون بأنهم يقومون بمهام تفوق طاقتهم أولا تتناسب مع مستوى خبراتهم مقارنة بزملائهم، وبالتالي غياب الرضا الوظيفي وزيادة مستوى التوتر والضغط النفسي، مما يدفعهم للبحث عن فرص عمل أخرى توفر لهم وضوحا واستقرارا أكبر، وغياب التطور المهني يؤدي إلى فقدان الدافعية والإنتاجية، حيث يصبح العمل روتينيا ولا يشكل تحديا ولا حافزا.

ويسود حرمان الدوائر والشركات الخاصة من أصحاب الكفاءات العالية عن طريق التمييز في التوظيف بين المتقدمين، فتخسر بذلك الشركات العامة والخاصة المنتجين القادرين على التأثير ضمن السوق المحلية، وهو ما كان أحد أسباب تكاسل وهروب أعداد كبيرة من اليد العاملة، فكان من غير المقبول السير على برامج المسابقات التي تعتمد على الحظ في كثير من الأحيان، كما تعتمد على برامج اختبار قديمة ومتوقعة لدى المتقدمين، مما يتطلب الحد من عمليات الاحتيال، وملاحقة الشركات التي تضارب على رواتب وجهد الموظفين، حيث اصبحت أسواق العمل كاذبة أو سوق عمل وهمية، تخفي معدل البطالة الحقيقي، وحيث يعتبر الموظفون في هذه الشركات، التي تتبع نظام العمولات، عمالا أو موظفين بالمعنى الإنتاجي بل مشتركون في جرائم نصب واحتيال، ويجب ان يصبح الموظفون قادرين على التأثير الفعلي، لا التأثير السلبي في مجريات سير العمل الحكومي، وتتحرك عجلة المؤسسات العامة في عملية التنمية، وسط أنباء عن استقالات كثيرة يشهدها قطاع النقل البحري جراء تدني الرواتب والأجور وتعليق العمل بنظام الحوافز وعدم تناسب رواتبهم وتعويضاتهم الشحيحة مع غلاء المعيشة، إن النتائج الكارثية لظاهرة تسرب عدد كبير من الموظفين الإداريين والكوادر الفنية المحلية في اللاذقية، بدأت بالظهور في مختلف القطاعات الحكومية.