لكل السوريين

اطلالة على الجيل السادس من الحروب

إعداد انعام إبراهيم نيوف

الحرب ظاهرة انسانية قديمة، وارتبطت بالوجود الإنساني، فالإنسان حارب الطبيعة والحيوانات والإنسان من أجل الحياة والبقاء.

الحرب ظاهرة متغيرة ومتطورة من ناحية الميدان والخطط والأدوات والآثار بفعل التطور الإنساني وما انتجته من ثورات معلوماتية غيرت من معالم الجوانب الحياتية المختلفة، ولكن رغم هذا التغير فان دوافع الحرب هي هي نفسها اقتصادية وسياسية واجتماعية وايدولوجية، والحرب تتركز على استخدام القوة بكل انواعها لهزيمة العدو وتحقيق المصالح المرجوة.

الحرب في ابسط مفاهيمها هي صراع بين طرفين يحاول كل منهما اخضاع الطرف الاخر لإرادته بالقوة المتاحة، والقاموس العسكري عرف الحرب بأنها: فن استخدام موارد القوة العسكرية في نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، الهدف منها اعادة تنظيم الجغرافيا السياسية للحصول على نتائج ورغبات.

والمفكر الفرنسي ميشيل فوكو يقول إن السياسة هي امتداد للحرب بوسائل أ خرى بفعل التطور الذي طال الحروب في اساليبها وخططها وأدواتها.

دأب المختصون بالعلوم الحربية على تصنيف الحروب الى أجيال بحسب الخطط والأفكار والتقنيات المستخدمة في هذه الحروب، ولكنهم اعتمدوا عام 1648 كبداية للجيل الأول من الحرب كون هذا العام شهد توقيع معاهدة ويستفاليا التي أسست إلى ظهور الدولة القومية الحديثة التي اشكلت مشروعية ممارسة القوة كفاعل دولي.

الجيل الأول:

وهي الحروب التقليدية التي تدور بين جيشين محتشدين بهيئة صفوف متراصة ومتقابلة بشكل تصادمي في ميدان واحد وبدون حواجز طبيعية وتتم المعركة في نفس الميدان.

الجيل الثاني:

التطور التكنولوجي في الميدان الصناعي والعسكري أطر ملامح وسمات الجيل الثاني للحروب التي بدأت مع انطلاق الحروب النابليونية في اوربا وانتهت بانتهاء الحرب العالمية الثانية، كما ان حروب هذا الجيل ابرزت عقائد عسكرية جديدة تمثلت بأسلوب المباغتة والمفاجأة بالقتال وحولت هدف الحرب من الحسم العسكري في ارض المعركة الى استنزاف العدو وتعطيل قدراته من خلال المناورة والالتفاف بدل المواجهة المباشرة.

الجيل الثالث:

شكلت نهاية الحرب العالمية الاولى وتجاربها بداية الجيل الثالث من الحروب التي طورت من قبل الجيوش الالمانية كوسيلة لردم فجوة عدم التكافؤ بالإمكانيات ين الجيوش واعتمدت اسلوب التسلل والالتفاف خلف خطوط العدو وبغية اضعاف قدرته وتحقيق عنصر المفاجئة وتحول جوهر العمل العسكري الى التركيز على الوضع القتالي وحالة العدو والنتائج المرجوة وليست على الاجراءات المحققة وبالتالي انتهت فكرة الحرب كسباق دفع بين طرفين.

حروب الجيل الرابع:

احدثت حروب الجيل الرابع نقلة نوعية في اجيال الحروب من ناحية الميدان والأساليب والخطط رغم بقاء نفس الهدف، وكان عام 1954 يمثل بداية حروب هذا الجيل بالتزامن مع حرب التحرير الجزائرية وحرب الفيتناميين ضد الاحتلال الفرنسي لبلادهما، جوهر حروب الجيل الرابع هو تفادي المواجهة المباشرة مع الخصم عندما يكون الطرفان غير متكافئين في الامكانيات والقدرات، وهي من نتاج العقلية العسكرية الامريكية لذا وصفت من قبل بعض الخبراء العسكريين بأنها طريقة لخوض حروب يستخدم فيها الطرفان بصورة ملحوظة تكتيكات وأسلحة مختلفة، بسبب خلل واضح في توازن القوى بين طرفين متحاربين تجعلهم لا يستخدمون طرقا متشابه دائما، كما ان من سمات حروب الجيل الرابع انها حروب سائبة النهاية وتفتقد الى مخارج نهاية الحروب لذا تكون طويلة الامد .

حروب الجيل الخامس:

هي صراع توظف فيه كل المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والمعلوماتية باستخدام التكتيكات التقليدية وغير التقليدية بمشاركة الفاعلين من الدول ومن غير الدول تهدف الى اخضاع الخصم مع تجنب المسؤولية المباشرة للصراع، وهي القدرة على تعطيل كل دفاعات العدو بحرب شاملة نفسية وثقافية واقتصادية ومالية وبيئية وبيولوجية وفيروسية يقودها الاعلام ووسائل الاتصال بصفة أساسية، ومن أبرز سمات حروب الجيل الخامس: انتشار المناطق الرمادية- تشكيل التحالفات الواسعة- اتباع الحروب الهجينة- غياب الطابع المؤسسي، وهي حرب بلا قيود أو مجموعة من الحروب تشن في الوقت ذاته على الدولة المستهدفة، ومن هذه المجالات: الحرب الاقتصادية ومنها : المقاطعة الاقتصادية الحصار الاقتصادي والعسكري اغراق واختراق واحتكار الأسواق- خلق الأزمات الاقتصادية- خطط ضمان التبعية الاقتصادية صناعة الجوع، ثم حرب العملات وحرب المياه والحرب البيولوجية والحرب البيئية وحرب المخدرات والحماية العسكرية.

حروب الجيل السادس

ظهرت هذه الحروب، بالاقتران مع الحرب الإلكترونية، وحملات التضليل المتمثلة في الحرب المعلوماتية والهجمات المضادة للأقمار الصناعية، هدفها إخضاع الزخم المعلوماتي والبيانات، والاتصالات، وأجهزة الاستطلاع والاستخبارات، وأنظمة الأسلحة للسيطرة التشغيلية وتوجيهها لخدمة أغراضها. وقد تجمع أكثر الإجراءات ضررا بين الأسلحة الموجهة بدقة والهجمات الإلكترونية لتعطيل أو تدمير الأهداف الحرجة، ويمكن استخدام العمليات السيبرانية للتأثير السياسي من خلال تعطيل التمويل والطاقة والنقل والخدمات اللوجستية للتغلب على عملية صنع القرار للمدافعين، وخلق اضطراب مجتمعي وخلخلة بالبنية التحتية، فتحت حروب الجيل السادس أفقا غير اعتيادي غير معروف ، وذلك من خلال استخدام الأسلحة الذكية لتأليب المجتمع من خلال التوجيه والتجنيد الجزئي والكامل لشبكات الحوسبة الرقمية العالمية، وذلك من أجل خلخلة أعمدة الدولة المعادية وإلحاق الضرر بها عن بعد، ويمكننا أن نرى حروب الجيل السادس كشكل من أشكال التطور الإنساني الكبير، وليس بالمطلق، لكن تصل بنا إلى تصميم متكامل دقيق للفكرة التي نريد أن تقع فيها دولة أو فرد أو مجموعة، مستخدمين في ذلك وسائل متطورة جدا، وتعد الحرب الإلكترونية شكلا من أشكال حروب الجيل السادس، وهي الأخطر على العالم من الحروب النووية وأسلحة الدمار الشامل إذا وظفت لحرب خاطفة، وهي لا تتطلب ميزانية ضخمة لتطوير الأسلحة وتحسينها، كما لا تسبقها أي مؤشرات ما يصعب كشفها والتنبؤ بها.بعد أن أحدث ال 5 جي نقلة نوعية في طريقة تواصلنا واستخدامنا للأنترنت، حان الآن موعد إطلاق ال 6 جي، وهو الجيل السادس من تقنيات الاتصالات اللاسلكية والذي يقدم سرعات هائلة تتجاوز الـ 1 تيرابايت في الثانية أي أن هذه التقنية أسرع بحوالي 50 مرة من  ال 5 جي، الجيل الجديد والذي لا يزال في مرحلة التجربة والتطوير، سيحدث ثورة جديدة في عالمنا فهو بالإضافة الى السرعة الفائقة التي يقدّمها والتي تسمح بتنزيل الأفلام عالية الدقة في ثوانٍ قليلة وتشغيل تطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز بسلاسة من دون أي تأخير، سيوفّر تغطية واسعة النطاق، حتى في المناطق النائية، مما سيضمن وصول الجميع إلى الإنترنت، ويتميز الجيل السادس بزمن الانتقال المنخفض جداً، ما سيتيح تفاعلا فوريا مع التطبيقات والأجهزة ويحدث بالتالي ثورة في مجالات مثل الجراحة عن بعد والسيارات الذاتية القيادة، هذا وستتمكن شبكات ال جي 6 من ربط عدد هائل من الأجهزة من دون أي ازدحام أو تباطؤ، أضف الى ذلك، ان تقنيات الذكاء الاصطناعي ستدمج في شبكات الجيل الجديد، ما سيحسن أداءها بشكل تلقائي لتصبح أكثر دقة وفعالية في توقع احتياجات المستخدمين وتوفير تجربة اتصال أكثر ذكاء، أن الذكاء الاصطناعي سيقوم بتحديث الرسالة وبعثها بطريقة أفضل، فاذا كانت قد بثت بدقة منخفضة سيحسن من جودتها، أن الإمكانيات التي ستتيحها تقنية الجيل السادس ستغير مفاهيم وممارسات كثيرة في حياتنا، إذ أنها لن تقتصر على مجال الترفيه والاتصالات بل ستشمل أيضا الميادين الصحية والنقل والتعليم والأعمال. ستتطلب تقنية ال جي 6 استثمارات كبيرة لإنشاء بنية تحتية جديدة تماماً، بما في ذلك أبراج اتصالات وأجهزة جديدة.