اللاذقية/ سلاف العلي
كل سنة في موسم الحمضيات، يتجمع إنتاج المادة لدى الفلاحين وتتعرض للتعفن والتلف، ما يسبب خسارات كبيرة للفلاحين، دون حلول حكومية مجدية، ولا وجود أي معمل حكومي للعصر، للاستفادة من الإنتاج وعصره لبيعه محليا أو تصديره.
وفي كل عام تتكرر الوعود الحكومية كل عام لمنع خسارة فلاحي الحمضيات في الساحل السوري، إلا أن أيا من تلك الوعود لا تتحقق، وفشل المسؤولون الحكوميون المتعاقبون في حل مشكلة تسويق الحمضيات، لدرجة أن بعض الفلاحين اقتلعوا الأشجار وشيدوا مكانها أبنية سكنية، أو استبدلوا بها زراعات أخرى، ومع ارتفاع سعر السماد ومعظم التكاليف الزراعية الأخرى، لم تعد الخسارة محمولة للعديد من المزارعين الذين تذمروا الما من ارتفاع تكاليف الزراعة لموسم الحمضيات فضلا عن صعوبة كبيرة في تصريف الإنتاج.
كشفت مديرية زراعة اللاذقية عن تقديرات الإنتاج الأولي لموسم الحمضيات بـ 540 ألف طن، مزروعة على مساحة تقدر بنحو 30 ألف هكتار، ويوجد أكثر من 10 ملايين شجرة، وتنتج أصناف الحمضيات على مدار العام، منها المبكر والمتوسط والمتأخر النضج، وتعمل نحو 40 ألف أسرة بزراعة الحمضيات في محافظة اللاذقية، وتتصدر محافظة اللاذقية قائمة إنتاج الحمضيات بنسبة 75% من الإنتاج الكلي في سوريا، واعتاد كثير من فلاحي الساحل السوري تضمين أراضيهم المزروعة بالحمضيات، إذ يأتي التاجر ويخمن وزن ما تحمله كل شجرة، ثم يسلم الفلاح الثمن المقدر فورا، بينما يصبح حرا في المحصول وتحديد موعد قطافه، وهناك نوع آخر من الضمان، إذ يأتي التاجر ويختار ضمان أشجار من نوع محدد، بذات الطريقة لناحية السعر، كأن يختار شراء محصول الليمون الماير (الحامض)، أو “أبو صرة” فقط دونا عن بقية الأنواع الأخرى، ويستمر خلال شهري تشرين الأول والثاني وشهري كانون الأول والثاني، وبعدها ينضج “اليافاوي” في شباط وآذار، ثم ينضج “فالانسيا” في أيار.
وزارة الزراعة بينت أن الحكومة تولي محصول الحمضيات اهتماماً خاصاً لجهة تسهيل عمليات التسويق والتصدير وتقديم كافة أشكال الدعم بما يضمن الاستفادة من كامل المحصول وتحقيق عائد اقتصادي جيد للفلاحين، فالمطلوب هو وضع خطة عمل متكاملة لضمان عملية التسويق المحلي والخارجي والتصنيع، وحصول المنتجين على أعلى سعر ممكن ووضع الخطوات التنفيذية لهذا العام، حيث تم تقييم خطة العمل الماضية وتحديد ماهي التوجهات للمسار الجديد وسيكون هناك دعم كبير للسيارات الشاحنة التي تقوم بتسويق المنتج إلى دول الجوار، بالإضافة خطة السورية للتجارة لتسويق أكبر كمية ممكنة وآلية تسويقها والأسعار الاسترشادية التي تضمن للفلاحين أرباحاً مجزية لهذا المحصول.
وأكدت مديرية الزراعة باللاذقية ان خطة طموحة لاستبدال الأشجار الهرمة بأشجار جديدة وتوزيع هذه الغراس مجانا على الفلاحين، وتم وضع خارطة على مستوى مناطق الإنتاج متضمنة الأصناف الملائمة لكل منطقة إنتاجية لضمان تدرج الإنتاج على مدار الموسم ومنع حصول فائض بالإنتاج وتراكمه في وقت الذروة، لافتاً إلى برنامج الاعتمادية الذي تم من خلاله تنظيم البساتين المزروعة بالحمضيات ووضع شروط فنية لها لإنتاج منتج خال من الأثر المتبقي للمبيدات ومطابقة للمواصفات الدولية وقابل للتصدير.
ومن الضروري العمل التشاركي بين الجهات المعنية بتسويق الحمضيات وذلك لدعم الفلاح بشكل مباشر، مؤكدا على ضرورة التنسيق بين التجارة الداخلية والصناعة لاستثمار الصالات التي تملكها وزارة الصناعة وتفعيلها وضرورة دعم منافذ السورية للتجارة في أسواق الهال لتمارس دورها بالتدخل الإيجابي في تسويق الحمضيات، وتدخل المؤسسة الاجتماعية العسكرية إلى جانب المؤسسات التي تساهم في تسويق المحصول كونها تمتلك صالات بيع مباشر، ون الضروري التزام جميع الجهات المعنية بالخطة الموضوعة بما يحقق الهدف وهو إنجاح موسم تسويق الحمضيات هذا العام.
ويوجد10 منشآت لإنتاج العصائر عاملة في اللاذقية وحمص والسويداء، وهنالك إمكانية الاستفادة وبالتعاون مع التجارة الداخلية من الصالات الحكومية والبالغة 6 صالات لاستجرار الحمضيات وتأمينها إلى جانب المواد الغذائية الموجودة فيها، على ان يتم تزويد مديرية الزراعة باللاذقية، بالكميات الدقيقة التي ستستجرها المعامل من الحمضيات.
يشار الى أن الإنتاج الأكبر في محافظة اللاذقية وهذا يتطلب بذل جهود كبيرة بالتنسيق مع كافة الجهات لإنجاح عملية التسويق، حيث أن دور المؤسسة يرتبط بالتسويق بشكل مباشر من الفلاحين ضمن ارتفاع أجور النقل الحالية وارتفاع أسعار الصناديق والعمل على تخفيض هذه التكاليف بحيث يحقق الفلاح الحد الأدنى من التكلفة بالإضافة إلى هامش الربح كبير، وان غرفة زراعة اللاذقية دعت إلى الاهتمام بمراكز الفرز والتوضيب وإيلاء عملها الأهمية وتقديم الدعم وميزات تشجيعية في عملها، ومن أهم المقترحات كان تقديم التسهيلات اللازمة إلى مراكز الفرز ودعم عملية التسويق لما تتمتع به الحمضيات من مواصفات جيدة حيث يتم اعتماد نظام المكافحة المتكاملة حيث يؤدي ذلك لعدم جود أثر للمبيدات بالإضافة إلى طبيعة المناخ التي تعطي الذوق المميز للحمضيات السورية.
يعيش حسان مزارع من الفاخورة بريف اللاذقية على أمل أن يتحسن السعر، لذلك قرر التوقف عن قطاف الموسم، فإذا تحسن السعر يبيع، وفي حال استمر كما هي الحال اليوم، فإنه يفضل ترك الموسم في الأرض، ويوفر تكاليف النقل وثمن العبوات، وتصل تكلفة نقل السيارة الواحدة من قريته إلى سوق “الهال” نحو 2 مليون ليرة سورية، بينما يبلغ ثمن العبوة التي توضع فيها الثمار بين 4 الى 5 الاف ليرة.
السيد فهد وهو مزارع ويمتلك بستانا للحمضيات بقرية فديو، إنه وفي حال أراد الاهتمام بمحصوله جيدا، فإن كل دونم يحتاج إلى حراثتين سنويا، وتبلغ أجرة حراثة الدونم الواحد مليوني ليرة سورية، وهي قابلة للزيادة تبعا لارتفاع سعر المازوت، ويحتاج الدونم الواحد إلى أنواع معينة من الأسمدة، تقدر قيمتها بنحو مليوني ليرة سنويا، كما أن كل شجرة تحتاج إلى سماد عضوي بنحو 20 كيلوغراما تقريبا، وسعر الكيلو 1000 ليرة اليوم مع قابلية الزيادة لاحقا، وحساب تكلفة العبوات التي وصلت إلى نحو 5000 ليرة للعبوة الواحدة، ويرفض تسويق محصوله الى السورية للتجارة، بعد أن جرّبها السنوات الماضية، التي تأخذ الكيلو بأقل من ثمنه بكثير، وتقسم الموسم لأنواع، ودائما يريد الموظف اكراميته التي يحدد بموجبها كل الأصناف كنوع أول، ولا تدفع المؤسسة ثمن الموسم حتى مرور أكثر من شهر، وتكون العملة فقدت قيمتها أكثر، وازدادت الديون علينا من شراء الحاجات اليومية، ويتألم فهد لأن ثمن كيلو البرتقال من نوع “أبو صرة”، أحد أكثر الأنواع المرغوبة، لا يتجاوز 2000 ليرة، وهو ما يعادل ثمن بيضة واحدة فقط.
ومع ارتفاع سعر السماد ومعظم التكاليف الزراعية الأخرى، لم تعد الخسارة محمولة على الإطلاق.
وبعد الالام المتكررة، لمزراعي الحمضيات، في الساحل السوري، عمد كثير من المزارعين إلى اقتلاع أشجارهم.