لكل السوريين

مصير اللاجئين السوريين.. في ظل الترحيل القسري واللهجة العدائية ضدهم

خلال النسخة الثامنة من مؤتمر بروكسل حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” الذي استضافه الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الماضي بمشاركة ممثلين عن دول الاتحاد والبلدان الشريكة الأخرى والأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية، لحشد الدعم المالي الضروري لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والدول المستضيفة لهم، وتجديد دعم المجتمع الدولي لتسوية الأزمة في سوريا عبر حل سياسي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة،

تعهّد مجتمع المانحين بتقديم سبع مليارات يورو للتخفيف من تأثير الأزمة السورية ودعم السكان في سوريا والبلدان المجاورة لها.

وأعلن ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال المؤتمر أن المبلغ الإجمالي الذي تعهد به الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء قرابة ست مليارات يورو.

ولكن المؤتمر لم يناقش المصاعب التي يتعرّض لها اللاجئون السوريون في الدول المستضيفة، ولم يتخذ قرارات حاسمة بشأن حملات ترحيلهم القسري من بعض الدول، وتصاعد اللهجة العدائية ضدهم في دول أخرى.

ترحيل السوريين من تركيا

رحّلت السلطات التركية آلاف السوريين المخالفين لشروط الإقامة، وذكرت التقارير استناداً إلى مصادر في المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا أنه جرى ترحيل نحو 16 ألف سوري خلال شهر نيسان الماضي وحده.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن السلطات التركية طردت مئات السوريين بطريقة غير إنسانية معظمهم من حاملي بطاقات الحماية المؤقتة نحو الأراضي السورية من خلال معبر باب السلامة الحدودي الواقع ضمن منطقة سيطرتها لإعادة توطينهم ضمن مناطق نفوذها في الشمال السوري.

وكشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن تركيا تجبر السوريين على التوقيع على “استمارة العودة الطوعية” والعبور إلى الشمال السوري، وأن عدد من تم ترحيلهم قسراً العام الماضي وحده بلغ نحو ستين ألف سوري، وهو ضعف عدد من تم ترحيلهم في العام السابق.

وشددت السلطات التركية القيود على تجديد الإقامات السياحية للسوريين منذ نيسان الماضي، وأصبح التجديد يتم لستة أشهر فقط، ويتعين على طالبه أن يتعهد بالحصول على إذن عمل، أو تقديم حساب بنكي يظهر وجود دخل شهري له يعادل مرة ونصف من الحد الأدنى للأجور في تركيا.

كما أوقفت تركيا منح الجنسيات الاستثنائية للسوريين، وجمّدت ملفات من كانوا في مراحل الحصول على الجنسية منذ عدة أشهر، حسب ناشطين سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

تصاعد اللهجة العدائية ضد السوريين في لبنان

تتصاعد اللهجة العدائية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، وتتراوح الضغوط التي يتعرضون لها بين قرارات رسمية وأخرى غير رسمية، وسط شبه إجماع من قوى سياسية لبنانية على ضرورة إيجاد حل جذري لهذا العدد الهائل من اللاجئين من خلال إعادتهم الى بلدهم.

ويشكو السوريون من سوء المعاملة التي يتعرضون لها في لبنان، ويقول العديد منهم إنهم تعرّضوا للإيذاء والاعتقال ومهاجمة محالهم التجارية، ويخشى هؤلاء من تصاعد هذه الحملة ضدهم بعد خطاب زعيم حزب الله الذي دعا إلى فتح البحر أمامهم لتمكينهم من المغادرة.

ويرى مراقبون إن الحملة المتصاعدة لترحيل اللاجئين السوريين من لبنان يقودها فريق كبير من السياسيين داخل الحكومة اللبنانية وخارجها.

ويعتبرون أن الحملة قرار سياسي اتخذ بالتعاون مع السلطات السورية بهدف دفعهم للرحيل من البلا.

ويعتبر المراقبون أن ترحيل اللاجئين السوريين بشكل قسري، يخالف للقانون الدولي والدستور اللبناني، ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعها لبنان وأهمها اتفاقيات منع التعذيب وعدم الترحيل والعودة الطوعية وعدم تسليم اللاجئين أو عودتهم إلى الأماكن التي نزحوا منها.

استنساخ النموذج التركي

يرى محللون أن أزمة اللاجئين السوريين في لبنان تشكل ورقة رابحة بيد قوى سياسية للضغط على الاتحاد الأوروبي الذي يخشى من استقبال المزيد من موجات اللاجئين، ويهدف إلى دفع الأوروبيين والولايات المتحدة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا التي يرى البعض أنها تعيق عملية إعادة الإعمار وبالتالي عودة اللاجئين.

ودعا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، السلطات اللبنانية إلى “فتح البحر أمام اللاجئين السوريين، بهدف الضغط على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للمساعدة على إعادتهم لبلدهم وتقديم المساعدات لهم هناك”.

في هذا الإطار، يقول نضال سعيد السبع المحلل السياسي اللبناني إن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة وهناك أصوات داخل البلد تدعو إلى الاقتداء بما فعله أردوغان مع أوروبا.

وأضاف أنه “منذ الأزمة السورية في 2011 بدا واضحاً أن الرئيس التركي ابتز الأوروبيين، وكان يفتح الباب أمام هجرة السوريين باتجاه أوروبا وهو يدرك أن هذا الأمر حساس بالنسبة لتركيبة أوروبا وعدم قدرتها على استيعاب هذا الكم الهائل من اللاجئين، فكان الأوروبيين عملياً يدفعون الأموال لأردوغان لوقف هذا التدفق”.