وجدت المكتبات في سوريا منذ أقدم العصور، وعثرت الحفريات في أوغاريت على مكتبات مهمة تعود لعصور مختلفة، واكتشفت في تل مرديخ مكتبة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد. وعلى الشواطئ السورية اخترعت أول أبجدية في التاريخ، حيث كتب الإنسان وسجل وحفظ ما توصل إليه من معتقدات وعلوم ومعارف وآداب، وبنى أول المدن والمكتبات والمدارس، في حين كانت الغالبية العظمى من أبناء البشرية ما تزال غارقة في البدائية والجهل.
كما حفلت سوريا بالمكتبات في العصر الإسلامي بدءاً من المرحلة الأموية، ثم تعددت المكتبات فيها فوجدت مكتبات المساجد والكنائس والأديرة ودور العبادة لأتباع الديانات الأخرى، ومكتبات الأسر في البيوتات العريقة.
واختلفت أنواع المكتبات لاحقاً باختلاف أغراضها ومهماتها كالمكتبات الوطنية والأكاديمية والعامة والمتخصصة والمدرسية.
مكتبات أوغاريت
عثرت الحفريات في أوغاريت على كثير من الألواح الطينية تحتوي على حروف مسمارية، وأخرى بلغات الشعوب التي أقامت علاقات تجارية معها، بالإضافة إلى ألواح تحتوي على نصوص ادبية وقانونية ودينية.
واكتشفت فيها مكتبة مهمة معظم محتوياتها مكتوبة باللغة الأوغاريتية، وفيها كتابات بالسومرية والحورية والقبرصية والهيروغليفية والحثية.
وفي الحي الجنوبي للمدينة عثرت على مكتبة أدبية تتضمّن مقطوعة موسيقية، هي الأقدم في تاريخ علاقة الإنسان مع الموسيقى، وعلى قصائد ونصوص دينية وأساطير وكلّها مصاغة كمقطوعات شعرية.
كما عثر الباحثون على مكتبة اتضح أنها كانت مكتب رئيس الكهنة في أوغاريت، ونظراً لأهمية المنصب الذي يتمتع به كانت تحفظ الكتب الدينية والثقافية في مكتبه.
وعثروا على مكتبة في بيت أحد الموظفين الملكيين، تحتوي على رسائل تجارية من بلدان كانت تقيم علاقات تجارية مع أوغاريت، ومن أهم ما وجد فيها معجم لغوي يضمّ الكلمات والألفاظ الأوغاريتية، وما يقابلها باللغات السومرية والبابلية والحورية والأكادية.
وعثروا على مكتبة أخرى في المدينة فيها معاجم ونصوص فلكية وادبية ودينية ، وفيها مقطع من ملحمة كلكامش السومرية الشهيرة.
وعثروا أيضاً على مكتبة كبيرة فيها وثائق تتضمّن أسماء أنواع الأسماك والنباتات والطيور المعروفة آنذاك، وأنواع الأحجار والأوزان والأوعية والمنسوجات، ولائحة بأسماء آلهة المدينة وما يقابلها لدى البابليين، وألواحاً تشتمل على وصفات طبية مفصلة لمعظم الأمراض وطرق تحضيرها والمعالجة بها، إضافة إلى كيفية معالجة الخيول المريضة.