لكل السوريين

متى تسقط الإنسانية؟

بقلم ظبية الناصر

عندما يتنصل المسؤول عن واجباته ويضرب بعرض الحائط بكافة الوثائق والقوانين التي على اساسها أقام حكمه وشرع وجوده وعندما تكون المآسي مادة خصبة للاستثمار.

بعد اثنتي عشر عاماً اصبحنا كسوريين أمام عدة اطراف كل منها يدعي أنه يحمل لواء الدفاع عن انسانيه السوريين وحماية أبسط حقوقهم في الحرية والعدالة ترافق ذلك مع وجود دول عدة كل منها ساند طرف لدعم حجته امام الأطراف الأخرى والسوريون يقاتلون بعضهم البعض ويقتلون وهيئات ومنظمات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي ال تنفك تعقد اجتماعات ولقاءات موضوعها سوريا وضحايا الشعب السوري.

لكن القتل لم يتوقف واللجوء مستمر والنزوح قائم حتى أصبحنا نعتقد أننا أمام أزمة معقدة يرفض اطرافها الاستماع الى بعضهم الآخر للبحث عن نقاط تلاقي تنقذ ما يمكن إنقاذه لكن مع تتالي السنوات أيقن السوريون أن سبب النزاع وعدم التلاقي بين هذه الأطراف السياسية المتصدرة للمشهد هو تمثيلها لمصالح مشبوهة أبعد ما تكون عن طموحات الشعب السوري وتضحياته في فجر 6 شباط من يوم الاثنين عصف زلزال ببالدي زلزال هو الأقوى والأشد منذ قرون ليضيف مأساة أخرى لمآسي السوريين حيث أنه في دقائق تصدعت وتهدمت بيوتهم التي هي أساساً متصدعة بسبب القصف المتكرر وفقد الآلف أرواحهم وأحبتهم وتاه من تاه قد من فقد ليضاف عددهم آلاف تاهو قبلهم في الغابات في رحلة البحث عن اللجوء أو وفُ فقدوا بالبحار أو قتلوا خلال القصف بالبراميل والصواريخ او حتى بالكيماوي في الساعات الأولى التي تلت كارثة الزلزال عندما تعالت أصوات الاستغاثة اعتقدت أن انسانيتنا قد تتغلب على أنانيه السلطات ومصالحها أمام هذه الكارثة التي تعجز كلمات المواساة والإمكانيات عن التخفيف من أثرها على شعب أساسا يحيا على خيوط الآمل.

لكن مع مرور الساعات وانقضاء اليوم الأول تعاملت القوى السياسية المحلية وكذلك الدولية كأنما لم يحدث شيء في سوريا فقط انهم سوريون اعتادوا مشاهدتهم يقتلون وهم يستغيثون والمجتمع الدولي والمحلي يعقد اجتماعات ولقاءات حولهم دون أن يتوقف القتل او النزوح أو اللجوء امام كل هذا التخاذل والإنسانية انتفض السوريون بإمكاناتهم المبتورة ينتزعون ما يمكن انتزاعه من منازلهم وخيامهم وهّبوا لنجدة أهلهم في مناطق كارثة الزلزال لم يفرقوا بين منطقة وأخرى بين قومية وأخرى بين ديانة وأخرى عرفوا أن أمالهم وطموحاتهم ترتبط بقوة سواعدهم وتكاتفهم فالسوريون وحدهم هم سيضمدون جراحهم ومنازلهم المتصدعة وخيامهم ستكون مأوى لمن فقدوا مأواهم إن ما قام به السوريون بإمكاناتهم الخجولة يحمل من الإنسانية ما يفوق كل القوانين ويسمو فوق كل الأعراف هذه الكارثة بعظمة اثرها نبهت السوريين إلى أنهم هم وحدهم الذين يسحقون ويقتلون في هذه الصراعات السياسية والمسؤولون يعنيهم فقط التقاط صورة أمام مأساة هذا السوري أو ذاك إن بالدي سوريا تتوذم جراحها في كل يوم ال بل في كل ساعه بفعل هذه الصراعات وكذلك مساهمة معظم دول العالم بتعميق معاناتهم وازمتهم لتكون معاناة السوريين أوراق لعب على طاولة المصالح والمقايضة دون استجابة لمناشدات السوريين واستغاثتاهم فقد حق عليهم قول الشاعر عمرو بن معدي الزبيدي عندما قال:

لقد اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياه لمن تنادي

ولو نار نفخت بها اضاءت ولكن انت تنفخ في الرماد

أذاً نجاتنا في تعاضدنا في تلاحمنا في ثقتنا بأنفسنا بأننا نحن طوق النجاة الوحيد للخالص اذاً من أزمتنا دون التعويل على أي قوى مستفيدة أو مستنفعه وهنا مرة اخرى اؤكد على قول الشاعر:

فإن شكوت لمن طاب الزمان له

عيناك تغلي ومن تشكو له صنُم

إلجْم همومك واسرج ظهرها فرساً

وانهض كسي ٍف إذا الأنصال تلتحم