لكل السوريين

محاولة لضرب استقرار المحافظة.. على صفيح ساخن، السويداء تنتفض بوجه العصابات وتجتث أخطرها

السويداء/ لطفي توفيق

تشهد محافظة السويداء حالة من الهدوء النسبي بعد أسبوع من التوترات والمواجهات المسلحة.

وكانت المواجهات قد بدأت بعد أن خطفت “حركة قوات الفجر” مجموعة شبان من مدينة شهبا شمال السويداء، ورد أهالي المدينة باحتجاز ضباط وإغلاق طريق دمشق السويداء للضغط على متزعم الحركة لإطلاق سراح المخطوفين.

وجرت وساطات أسفرت عن اتفاق ينص على إطلاق سراح المحتجزين من الجانبين وفتح طريق دمشق السويداء، بعدما تعطلت حركة المرور عليه ليومين متتاليين.

لكن متزعم الحركة راجي فلحوط، نقض الاتفاق وقام مجدداً بخطف ثلاثة طلاب من شهبا، مما أدى إلى انتفاضة شعبية انطلقت من المدينة والقرى القريبة منها، وساندتها “حركة رجال الكرامة” وفصائل محلية مسلحة من الريفين الشرقي والغربي بالمحافظة.

وهاجم الجميع مقر قوات الفجر في قرية “سليم” على طريق دمشق السويداء، الذي أقامته عصابة فلحوط للخطف وقطع الطريق إلى العاصمة والتحكم بمصير الأهالي، وتمكنوا خلال ساعات معدودة من السيطرة عليه وإحراقه وقتل وأسر عدد من أفراد المجموعة.

اجتثاث العصابة

بعد سقوط مقره في سليم فرّ متزعم عصابة قوات الفجر إلى منزله المحصن الذي يتخذه كمقر عسكري داخل بلدته “عتيل”، فهاجم المنتفضون المنزل خلال ساعات الفجر، وحاول فلحوط مقاومتهم واستخدام المخطوفين لديه كدروع بشرية.

وبعد اشتباكات عنيفة استمرت لسبع ساعات استخدمت خلالها الرشاشات المتوسطة والقذائف الصاروخية، وأسفرت عن سقوط أكثر من ثلاثين شخصاً بين قتيل وجريح، تمكن المهاجمون من اقتحام المنزل وإلقاء القبض على مجموعة من عناصر العصابة، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والحبوب المخدرة وآلات ومكابس لتصنيع حبوب الكبتاغون.

وتمكن متزعم العصابة من الفرار مع بعض المقربين منه بعد مقتل واستسلام أغلب أفراد مجموعته المسلحة.

واستمر المهاجمون بعمليات مداهمة أوكار فلول العصابة الإرهابية في البلدة وحذروا من إيواء أو التستر على احد افرادها.

التفاف حول الانتفاضة

لاقت عملية اجتثاث العصابة الإرهابية، حماس وتأييد معظم أهالي المحافظة بمختلف مناطقهم وتوجهاتهم، وأصدرت العديد من المنظمات الشعبية والفصائل المسلحة المحلية بيانات مؤازرة وتأييد لها، كان أبرزها بيان الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز الذي دعت فيه الحكومة إلى محاسبة المسؤولين عن الأحداث الأخيرة، ووضع حد للمفسدين، وحذرت من مصير مشابه لكل من يثير الفتن في محافظة السويداء.

وجاء في البيان “إن لم تقم الدولة بأجهزتها الأصولية بالتصرف والمحاسبة والحماية، فلسنا عاجزين عن حمل لواء الحق تحت ظلال العدالة والشريعة والأصالة والعادات، وسط استغرابنا الذي اعتدناه من نأي الجهات المختصة، ونطلب من القيادة محاسبة المسؤولين الذين منحوا العصابات شرعية الاعتقال والقتل والتعذيب والملاحقة وهم أكبر المطلوبين على سجلات الدولة”.

التصدي لمحاولات احتواء الانتفاضة

شهدت الأيام الماضية اجتماعات مكثفة للقيادات الدينية والاجتماعية والمدنية، لبحث الأوضاع بعد الانتفاضة الشعبية وما قد ينتج عنها، وإرسال رسائل شديدة اللهجة إلى المسؤولين في دمشق تستنكر السلوك الأمني للسلطة الذي أدى لانفجار مجتمعي ومواجهات مسلحة نادرة الحدوث في في محافظة السويداء.

واستمرت جهود منظمات المجتمع المدني بالتصدي لسيل الإشاعات التي تزامنت مع الانتفاضة وتلتها، بهدف خلط الأوراق وكيل الاتهامات للفصائل التي ساهمت باجتثاث العصابة والتشكيك بدوافعها، فيما يبدو أنها محاولة مركزة للتقليل من أهمية الوضع الذي أفرزته الانتفاضة واحتواء نتائجها والتفاف المواطنين حولها، للحيلولة دون تطورها واستمرارها وتصميمها على اجتثاث ما تبقى من عصابات إرهابية في المحافظة.