لكل السوريين

في ظل فقدان الأبناء والأزواج.. مسنّات بحمص “أوضاعنا مزرية”

السوري/ حمص

أودت الحرب السورية بآلاف الضحايا والغالبية منهم من الرجال والشباب، ما أدى لظهور الكثير من الأرامل والثكالى واليتامى من أطفال ونساء، العنصر الأضعف بالحرب السورية والذان تأثرا بها بشكل كبير.

تحت سقف شقة مهدمة لا تقي حر صيف ولا برد شتاء، تعيش مريم(60 عامًا) مع ابنتها الأرملة بلا حول ولا قوة، بلا عمل أو مساعدات ضمن ظروف صعبة لا يلتفت فيها أحد لمساعدتهن، أو التخفيف من أوجاعهن في حي الخالدية بحمص.

مريم وهي من سكان حي الخالدية بحمص، يعتصر قلبها لرؤية أبناء ابنتها الأيتام الثلاثة من حولها، وهي لا تستطيع أن تقدم لهم شيئًا سوى جزء من حكايات الجدّات المليئة بالشوق والحنين لأيام خلت.

“الحياة صعبة ولا تطاق هنا، الفقر وصل إلى حد لا يمكن تحمّله، كيف لامرأتين ضعيفتين أن تتدبرا أمورهما هنا في هذا المكان المنسي بلا سند أو معيل، تساءلت.

وأضافت أن أحوالهم المعيشية مأساوية، والفقر المدقع يعمّ المدينة التي تكثر فيها الأرامل وذوو الإعاقة والفقراء، وقلما يتمكنون من تأمين احتياجاتهم الأساسية.

اجتمعت آلام الأمراض والعوز بحياة المسنّات في بحمص، الفئة الأكثر ضعفًا وتأثرًا بالفقدان، بعد مضي 11 عامًا على الحرب التي تركت فيهن أوجاعًا لا يمكن مواساتها إلا بانتهاء الحرب، وعودتهن إلى بيوتهن التي دُمرت.

لم تستطع الستينية سميرة أن تخفي دموعها حين بدأت تتحدث عن حالها التي وصفتها بالمزرية، وتقطن بذات الحي، والذي تطغى عليه مشاهد الدمار.

وقالت، “نعيش هنا على هامش الحياة، ننتظر الموت الذي صار أفضل بكثير من الحياة التي نعيشها، ربما يريحنا الموت من حياة بلا أمل، بلا رعاية بلا اهتمام، نصارع الفقر والمرض بأنفسنا.

فقدت سميرة اثنين من أبنائها في الحرب، وتوفي زوجها بمرض عضال، وتعيش بمفردها في شقة مدمرة تضع أعواد وقطع قماش تخفف عنها البرد، وقلما تجد من يساعدها في تأمين متطلبات حياتها، بعد أن فقدت أحباءها الذين لطالما حسبت أنها ستجدهم في كبرها وتقدمها في السن.

وأضافت، “في سوريا فقط يدفن الآباء أبناءهم، ويعيش الأهل متحسرين على شباب أبنائهم الذين ودعوا الحياة قبل أن يعيشوها”.

تحاول المسنّة متكئة على عصاها جمع ما يمكنها من أكياس نايلون وأعواد ونفايات من المكبّ القريب كل يوم، علها تلوذ بدفئها مساء حين يتسلل البرد إلى جسدها الضعيف، ولا تجد مدفأتها سوى ما تجمعه لبعث شيء من الحرارة.

من جهة أخرى، تجد المسنّة عائشة محمد (65 عامًا) في اجتماعها مع مسنّات الحي كل يوم، متنفسًا لحزنها وشعورها بالوحدة وضغوطاتها النفسية، ونسيانًا لواقعها الصعب.

تعيش عائشة مع حفيدها اليتيم بلا سند أو معيل بعد أن نزحت من تلبيسة لمدينة حمص، وتحاول الإنفاق على الطفل الذي قُتل والداه في القصف الذي طال بلدتهم، من خلال العمل بغزل المنسوجات الصوفية اليدوية، ومما تحصل عليه من مساعدات.

قالت عائشة، “ربما أتت الحرب علينا نحن المسنّات بآثار مضاعفة واستثنائية نتيجة ضعفنا وفقرنا، ولكننا نواسي بعضنا بعضًا، نحاول أن نزرع الأمل ونكون عونًا لبعضنا ولو ببعض الاهتمام والكلمة الطيبة”.