لكل السوريين

أهالي حمص يشتكون من واقعهم الطبي

حمص/ بسام الحمد

يعاني أهالي مدينة حمص من ارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة، وهي الخيارات التي يضطر إليها المرضى هرباً من المستشفيات والعيادات الحكومية التي تتفشى فيها المحسوبيات والتهاون في حياة المرضى.

وبعد انهيار سعر صرف الليرة السورية وزيادة التضخم لمستويات كبيرة، رفع قسم من الأطباء أجورهم بما لا يتناسب مع دخل الأهالي، ما دفع كثيرا منهم للتخلي عن العيادات الخاصة واللجوء للصيدليات والإنترنت للسؤال عن علاجهم وتشخيص أمراضهم.

وقال شاب من أهالي المدينة “أصبح خوفنا من المرض مضاعفاً، فالمرض مصيبة وتشخيصه مصيبة وعلاجه مصيبة ثالثة.. وأصبحت زيارة الطبيب تكلف نصف راتب الموظف بين معاينة وأدوية وتحاليل، أما إن كان هنالك صور أشعة فيحتاج الموظف راتبا أو راتبين.

راتب الموظف لا يكفي لتشخيص وعلاج مرض بسيط

أضاف: “لم يعد باستطاعتي الذهاب إلى الطبيب، وألجأ للصيدلي للسؤال عن حالتي والحصول على دواء مناسب، ولكن أحيانا نضطر لتجربة دواءين أو ثلاثة لكي تتحسن حالتي.. الصيدلي ليس كالطبيب ولكن وجوده خفف علينا كثيرا”.

وعلى سبيل المثال تتراوح كلفة عملية الولادة القيصرية في المستشفيات الخاصة في مدينة حمص بين الـ 200 ألف و 500 ألف ليرة سورية. وتطلب مستشفيات خاصة 200 ألف ليرة سورية مقابل كل يوم في العناية المشددة، ما عدا ثمن الدواء والتحاليل والصور وغيرها.

المستشفيات الخاصة.. خدمة رديئة وتكاليف خيالية

وقال مدني آخر “أصبحت المشافي تضاهي الفنادق في أسعارها، فسعر الإقامة لليلة واحدة في مشفى خاص بسعر الإقامة في فندق خمسة نجوم، وأحيانا أكثر.. يبدو أن الرحمة انتزعت من قلوب الأطباء”.

وروى ما حصل معه عندما أسعف والده إلى أحد المستشفيات الخاصة في المدينة والمحسوبة بأنها تقدم أفضل الخدمات وتفاجأ منذ البداية بالخدمة السيئة عندما أبلغوه أنه لا يمكن إرسال سيارة إسعاف إليه بسبب عدم توفر المازوت، ما اضطره لإسعافه في سيارة تكسي، وعند وصوله للمستشفى لم يكن هنالك طبيب عصبية مناوب ليلا، وطلب المستشفى منهم الانتظار للصباح لحين قدوم أحد الأطباء.

حصل الرجل على طبيب مختص بعد ساعة وبعد أن هدد المستشفى وعلا صوته في أروقته، لكن والده كان قد فارق الحياة في هذه الأثناء.

والصدمة التي تلقاها بعد كل ذلك أن المستشفى طلب منه مبلغاً مالياً مقابل مكوث والده في المستشفى لمدة ساعتين.

“مستشفيات الدولة”.. مسالخ بشرية ينخرها الفساد

أما لينا وهي أحد سكان مدينة حمص، فقد صدمتها دراجة نارية وأسعفها الأهالي للمستشفى الوطني، فقاموا بتجبير رجلها على الفور ولكن الوجع لم يهدأ وازدادت حالتها سوءاً فذهبت لأحد الأطباء وطلب منها صورة شعاعية، وكان سبب الألم هو عدم صحة الجبار فقام الطبيب بفكه وتجبير ساقها مرة أخرى.

يتجنب الأهالي المستشفيات الحكومية أو ما تعرف بـ “مستشفيات الدولة” لصيتها السيئ جداً من ناحية الأخطاء الطبية والتهاون في حياة المرضى، واقتياد الكادر الطبي للعناية بمن يدفع أكثر بحسب مدنيين.

وقال أحد المدنيين “نطلق على المستشفى الوطني لقب المسلخ الوطني لكثرة الأخطاء فيه، فلا توجد نظافة في المستشفى ويمكنك رؤية الحشرات على الأسرة، والقطط تتجول بين الغرف، ناهيك عن مشاهد الإذلال والمعاملة السيئة جدا.

وأكد عدد من الأهالي ممن يترددون على المستشفيات الحكومية أن الحصول على رعاية طبية أفضل لا يمكن أن تكون دون دفع رشاوى للموظفين، وهذا ما فعله أيمن الذي اضطر لإجراء عملية تفتيت حصى في الكلية لزوجته، حيث طلب منه أحد الفنيين رشوة مقابل إجراء العملية في وقت قريب.

واللافت أن الرشاوى لا تقتصر على الكادر الإداري، بل تتعداهم إلى الكادر الطبي، الذين يطلبون من أهالي المريض مبالغ مالية مقابل الاعتناء به أو تشخيصه بشكل كامل وإجراء التحاليل والصور والإجراءات الطبية اللازمة.

وقال أحد الأطباء في المدينة: تتفاوت الأجور بين مستشفى وآخر بحسب درجة النظافة والخدمة، مشيراً إلى أن المستشفيات تعاني من تأمين المواد والتجهيزات اللازمة بسبب استغلال مسؤولين لحجة قانون قيصر في استيراد ما يلزم، ويضاف إلى ذلك انهيار الليرة السورية مقابل الدولار وارتفاع أجور الممرضين والمازوت الذي يستخدم للمولدات.