لكل السوريين

الإرهاب

الإرهاب لغوياً تعني التخويف بهدف منع الإنسان من القيام بعمل ما، أي وسيلة من وسائل الردع في مواجهة الأفراد أو المجتمعات. وقد ورد في القرآن الكريم “واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون بها أعداءكم” أي لردع العدو عن العدوان عليكم. ورغم استخدام الإرهاب وسيلة للردع منذ القدم، إلا أنه كمصطلح تم إستخدام وصف الإرهاب في القرن العشرين بكثافة بعد انتشار الدولة القومية وتأسيس قوانين ومنظمات دولية للحفاظ على سلامة تلك الدول مثل عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى أو هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. عندما تم وضع القوانين لكيفية تعامل الدول مع بعضها البعض دون التدخل في شؤونها الداخلية. وكان من الأجدى أن تسمى “هيئة الدول المتحدة” نظراً لأن هناك شعوب وأمم لم تكن لديها دولتها الخاصة بها.

لهذا بات لكل دولة حدودها ونظامها الخاص بها معترف بها من طرف هيئة الأمم المتحدة، وقبولها كعضو في الهيئة يتطلب الإعتراف الدولي بها بغض النظر عن شكل أو نوع النظام القائم فيها، ونظراً لوجود كثير من الأقليات ضمن الدول التي تأسست شعرت بأن حقوقها مهضومة، وأصبحت تناضل من أجل تحصيلها، وكذلك شرائح المجتمع الواحد من عمال وفلاحين وكادحين باتت تناضل من أجل مزيد من الحقوق والمزايا، ولكن السلطات الحاكمة في تلك البلدان وخاصة إذا كانت إستبدادية أو ديكتاتورية أطلقت تسمية الإرهاب على تلك الحركات أو القيادات، بينما الدول المتقدمة أو الديموقراطية فقد استطاعت الوصول إلى توافقات بهذا الصدد ولم تنزلق إلى وصفها بالإرهاب.

إلى يومنا الراهن لا يوجد تعريف أو تفسير موحد لمصطلح الإرهاب، لهذا بات لكل دولة أو جهة سياسية مصطلحها الخاص بها للإرهاب، مما أسفر عن إطلاق وصف الإرهاب أو الإرهابي على كل من يناهض السلطة القائمة ويحاول الحصول على حقوق مشروعة. لهذا أصبحت جميع حركات التحرر الوطنية وقياداتها إرهابيين حسب الدولة التي يناهضونها، وهكذا كان حال حركات التحررالوطني في جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأميريكا اللاتينية. وفي منطقتنا تم وصف المنظمات الفلسطينية بالإرهاب عندما طالبت بأرضهم بعد تأسيس إسرائيل وتوسعها، لأن الأمم المتحدة قبلت بها دولة معترف بها، بينما المنظمات اليهودية التي عملت على تأسيس إسرائيل كانت ضمن لائحة الإرهاب عندما كانت محتلة من طرف بريطانيا، وكذلك نيلسون مانديلا الذي ناضل ضد السلطة العنصرية كان هو وحزبه ضمن لائحة الإرهاب إلى أن انتصر وأصبح رئيساً لجنوب أفريقيا بعد أن بقي في السجن لسبع وعشرين عاماً بتهمة الإرهاب.

ما نقصده هو أن تهمة الإرهاب فضفاضة ويتم تثبيتها أو نفيها حسب نفوذ وقوة الدولة أو السلطة التي تشهد اعتراضاً على نظامها أو ممارساتها، ولا توجد مقاييس أو معايير ثابتة يتم العمل بها. بينما نرى ضرورة وضع تعريف عالمي واضح لمصطلح الإرهاب والإرهابي للتفريق بين من يقصد تعكير صفو المجتمع تلبية لأطماع شخصية باستخدام العنف غير المبرر ضد المدنيين والمؤسسات المدنية، وأولئك الذين يناضلون من أجل نيل حقوق مشروعة لفئة أو شريحة مجتمعية ولا يلجأون إلى العنف سوى في إطار الدفاع المشروع عن النفس.

الشعب الكردي شعب أصيل ضمن شعوب الشرق الأوسط يعيش على أرضه التي تسمى كردستان منذ آلاف السنين، بعد الحرب العالمية التقسيمية الأولى نشأت الدول القومية في الشرق الأوسط، حسب الخرائط التي رسمتها القوى الإستعمارية وبموجبها تم تقسيم كردستان وشعوبها بين أربعة دول. المنظمات الدولية التي تأسست تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلا أن هذا الحق لا يسري على الكرد لدى القوى المهيمنة. مما دفع الكرد إلى المطالبة بحقوقهم القومية المشروعة من خلال الأحزاب والمنظمات بالوسائل الديموقراطية ولكن تهمة الإرهاب كانت جاهزة دائماً لإلصاقها بها وإذا اضطرت إلى حمل السلاح دفاعاً عن النفس فهي تصبح إرهابية على النطاق الدولي.

حزب العمال الكردستاني الذي تأسس في شمال كردستان بقيادة مؤسسه عبدالله أوجالان عام 1978 كحزب سياسي يطالب بالحقوق المشروعة للشعب الكردي في شمال كردستان، واضطر إلى حمل السلاح دفاعاً عن الذات في مواجهة وحشية الفاشية التركية، ونظراً لكون تركيا عضواً في الحلف الأطلسي، تم إدراج اسم الحزب في قائمة المنظمات الإرهابية، رغم أنه لم يمارس أي عمل ضدها، ونظراً للفوبيا التركية نحو القضية الكردية والشعب الكردي تستخدم كل نفوذها لدى الحلف الأطلسي وكل الدول التي تتعامل معها من أجل وضع كل التنظيمات الكردية التي تطالب بالحقوق الديموقراطية المشروعة للشعب الكردي في لائحة المنظمات الإرهابية لسد سبل العلاقات والتواصل مع المنظمات الأممية والدولية أمامها.

هذه العقدة التركية المتمثلة بهاجسها نحو الكرد منعتها من حل القضية الكردية بالسبل السلمية ضمن حدودها، وتلك الهواجس دفعتها إلى العداء لكل الكرد وكل من تعاطف معهم أينما كانوا، وهذا هو سبب عدائها للكرد السوريين، وسبب دعمها للمنظمات الظلامية الإرهابية التي تحارب الكرد. وهي بذاتها تخوض حرباً ضروس ضد الكرد في الداخل والخارج منذ ست سنوات، وهذا ما أدى إلى إفلاسها سياسياً وإقتصادياً، ولا زالت تعاند في حل القضية الكردية لديها، وإذا عاندت أكثر فسيكون ذلك سبب إنهيارها. ولهذا فإن المطالبة بإخراج حزب العمال من لوائح الإرهاب سيريح شعوب تركيا وشعوب الشرق الأوسط عموماً.